عرض مشاركة واحدة
قديم 06-06-2009   رقم المشاركة : ( 42 )
مخبر سري
ثمالي نشيط


الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 2772
تـاريخ التسجيـل : 13-08-2008
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 9,166
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 271
قوة التـرشيــــح : مخبر سري تميز فوق العادةمخبر سري تميز فوق العادةمخبر سري تميز فوق العادة


مخبر سري غير متواجد حالياً

افتراضي رد: اهم الأخبارالمحلية والعالمية ليوم السبت 13/06/1430هـ الموافق 06/06/2009م

نحو منظور دولي جديد لمعالجة الإنتشار النووي





شهدت الساحة الدولية في الآونة الأخيرة جدلاً واسعًا حول مسألة الإنتشار النووي التي تمثل تهديدًا بالغًا للسلم والأمن الدوليين، الأمر الذي دعا كثيرًا من الأوساط الأكاديمية والسياسية إلى ضرورة إعادة النظر في سياستها إزاء تلك المسالة. ففي إطار تلك المراجعات نشرت دورية American Political Science Review مؤخرا دراسة بعنوان "تصدير القنبلة: لماذا تقوم الدول بتقديم مساعدات نووية حساسة ؟" أعدها الكاتب " ماثيو كروينغ" ، كمحاولة لتفسير أسباب انتشار ظاهرة الانتشار النووي. فضلاً عن الوقوف على أسباب تقديم بعض الدول النووية المساعدات والتكنولوجيا النووية الحساسة للدول الأخرى غير النووية.

تهديد مكانة الدول القوية

تقوم الدراسة على منطق رئيس هو أن مسألة الانتشار النووي تمثل تهديدًا للدول الأكثر قوة من الدول الضعيفة، وذلك لعدة اعتبارات يمكن إيجازها فيما أسماه الكاتب التكلفة الاستراتيجية. حيث تتمتع الدول القوية بميزة استراتيجية وهي قدرتها على استخدام القوة وشن حرب شاملة واسعة النطاق على الدول الأقل قوة اعتمادًا على قوتها العسكرية التقليدية أو تفعيل مقدرات قوتها ولكن بمجرد حصول الدول الضعيفة على السلاح النووي تولد تكلفة استراتيجية ، وبالتالي تفقد الدول القوية ـ في هذه الحالة ـ عدة أشياء يأتي في مقدمتها الميزة النسيبة في استخدام قوتها العسكرية التقليدية ضدها، نظرًا لامتلاك هذه الدول النووية الجديدة لوسائل الردع المتمثلة في السلاح النووي.

كما تثير مسألة امتلاك الدول الضعيفة للسلاح النووي إشكالية أخرى تتعلق بإمكانية حدوث كوارث نووية في حالة استخدامها له. أما على المستوى الفكري فقد يؤدي ذلك أيضًا إلى انشغال الدول القوية عن السعي لترسيخ نفوذها والاهتمام بالقوة النووية الناشئة.

ولكن على الجانب الآخر، يطرح الكاتب فكرة أن الدول الضعيفة لا تتحمل أي تكلفة استراتيجية حيث أنها في الأصل ليست في موقع يسمح لها بتهديد أمن الدول القوية، فضلاً عن عدم قدرتها على التدخلات العسكرية وعدم امتلاكها أدوات الضغط الدبلوماسي، بالإضافة إلى عدم انشغالها بمسالة توفير الأمن على نطاق واسع نظرًا لضيق النطاق التي تمارس فيه نفوذها.

من هذا المنطلق، يؤكد الكاتب على أن القوى النووية الكبرى لاسيما الولايات المتحدة الأميركية تعتبر من أكثر المعارضين لمسألة انتشار التكنولوجيا وتقديم المساعدات النووية للأغراض العسكرية، ذلك انطلاقًا من أن انتشارها سيؤدي إلى تقويض حرية الولايات المتحدة. ومن خلال الاعتبارات السابقة يمكن تفسير موقف الولايات المتحدة من البرنامج النووي لكوريا الشمالية، وفى هذا السياق أورد الكاتب تصريح الرئيس الأميركي السابق جورج بوش بعد التجربة النووية لكوريا في أكتوبر 2006 والذي قال فيه: "إن انتقال أي أسحله أو معدات نووية لأي دولة أو جماعة يمثل تهديدًا بالغًا لأمن للولايات المتحدة وأن على كوريا الشمالية أن تتحمل تداعيات ذلك".

تفسير تصدير التكنولوجيا النووية

واعتمادًا على هذا المنطق، وكمحاولة لتفسير السلوك الدولي إزاء مسألة تصدير التكنولوجيا النووية الحساسة. صاغ الكاتب ثلاثة فروض رئيسة تحكم سلوك الدول إزاء تلك المسالة؛ أولاً: أنه كلما كانت الدولة المالكة للتكنولوجيا أقوى نسبيًّا من الدول المستقبلة، كلما أحجمت الدولة عن تصدير المساعدات النووية. ثانيًا: إن الدول تقبل على تصدير التكنولوجيا النووية للدول التي تشترك معها في نفس العدو. ثالثاً: أن الدول الأكثر اعتمادًا على القوى العظمى في رسم سياستها، هي الدول الأكثر إحجامًا عن تصدير التكنولوجيا النووية الحساسة.

ولعل التحدي الرئيس الذي يواجه تلك الفروض الثلاثة وفقًا للدراسة هو العامل الاقتصادي أو الحوافز الاقتصادية، حيث يرى الكاتب أن الدول ذات المستويات الاقتصادية المنخفضة قد تلجأ إلى تصدير التكنولوجيا النووية الحساسة سعيًا لتحسين وضعها في النظام الاقتصادي العالمي ولعل أبرز أمثلة ذلك وفقًا للكاتب النهج الذي تعامل به الاتحاد السوفيتي السابق مع إيران حيث يرجع الكاتب تقديم الاتحاد السوفيتي مساعدات نووية لطهران إلى حاجته لرفع مستواه الاقتصادي.

تمكنت الدراسة من خلال التحليل السابق من التوصل إلى ثلاث نتائج على قدر كبير من الأهمية، الأولى: أن الدول "الأقل نموًا " هي أكثر الدول التي تلجأ إلى تقديم المساعدات النووية، أما الثانية: إن الدول التي تعاني من تراجع شديد في مستوى النمو الاقتصادي هي الأكثر اتجاهًا لاتخاذ تدابير متطرفة لاسيما تصدير التكنولوجيا النووية كمحاولة لتحسين حالتها الاقتصادية. بينما ترتبط النتيجة الثالثة بمدى الانخراط في النظام الاقتصادي الدولي، فكلما ارتفع مستوى انفتاح الدولة على النظام الاقتصادي العالمي، كلما تراجعت الدولة عن فكرة التصدير النووي وذلك لكي تتفادى تأثيراته السلبية على علاقتها الاقتصادية الدولية.

وتأسيسًا على الاعتبارات والنتائج سالفة البيان استطاع الكاتب تفسير السلوك الدولي إزاء مسألة تصدير التكنولوجيا النووية الحساسة وبالتالي الانتشار النووي من خلال ما أطلقت عليه الدراسة " النظرية الاستراتيجية للمساعدات النووية الحساسة".

وفي إطار محاولته لإثبات صحة تلك النظرية، اعتمدت الدراسة في تحليلها على إرساء قاعدة بيانات سنوية تحتوي على كافة حالات المساعدات النووية الثنائية منذ عام 1951 وحتى عام 2000 تظهر كل من الدول القادرة على التمويل أو التصدير النووي ، والدول المتلقية أو المستوردة للمساعدات النووية حيث يرى الكاتب أن دولة ما يمكن أن تتحول من دولة متلقية إلى دولة قادرة على التصدير عندما تتمكن من تخصيب اليورانيوم أو البلوتونيوم بنجاح محليًّا .

وفي هذا السياق أورد الكاتب عدة أمثلة على تلك المساعدات الثنائية فعلى سبيل المثال تلك المساعدات النووية الحساسة التي قدمتها فرنسا لإسرائيل بين عامي 1959 و1965 والتي استطاعت إسرائيل بعد حصولها عليها بحوالي سنتين فقط تصنيع أول سلاح نووي، هذا بالإضافة إلى المساعدات التي قدمتها الصين لباكستان في أوائل الثمانينيات من القرن المنصرم. ويتحكم في تلك العلاقة بين هذين العنصرين متغيران رئيسان من وجهة نظر الكاتب، الأول هو: "القوة النسيبة" للدولة ومدى قدرتها على استخدام قواتها التقليدية ضد الدولة المتلقية، أما الثاني هو المساعدات النووية الحساسة في حد ذاتها.

تأخذ المساعدات النووية وفقًا للكاتب عدة أشكال؛ إما أن تكون من خلال مساعدة دول غير نووية في تصميم أو إنشاء السلاح النووي، أو بتصدير كميات ضخمة من المواد الانشطارية التي تصلح لتصنيع السلاح النووي لدولة غير نووية، أو عن طريق مساعدة الدولة المتلقية في تصنيع أو إنشاء أجهزة تخصيب اليورانيوم أو إعادة معالجة البلوتونيوم والتي تستخدم في تصنيع المواد الانشطارية اللازمة لتصنيع الأسلحة النووية.

أميركا: ماذا يمكن أن تفعل؟

وفيما يتعلق بموقع مسألة الانتشار النووي في أجندة السياسة الخارجية الأميركية، أكدت الدراسة أنها تحتل المرتبة الثانية بعد قضية الإرهاب التي تحتل الصدارة، حيث إنها تمثل تهديدًا صارخًا للأمن القومي الأميركي وتحقيقًا لذلك أعلنت الولايات المتحدة عام 2003 عن ما يسمى" مبادرة أمن الانتشار" حيث تخول تلك المبادرة الولايات المتحدة حق تحريم انتقال التكنولوجيا والمساعدات النووية الحساسة عبر أعالي البحار، ذلك بالإضافة إلى كثرة التهديدات والتحذيرات المستمرة الصادرة عن المسئولين الأميركيين لدول مثل كوريا الشمالية وإيران.

وفى النهاية، أعطت الدراسة مجموعة من النصائح والتوصيات لصانعي القرار والساسة في الولايات المتحدة تتمحور في الآتي؛ ضرورة الوعي بأن زيادة أو نقصان قدرة الدولة على استخدام قوتها العسكرية التقليدية هي التي تتحكم في سلوك الدولة إزاء مسألة تصدير القوة النووية. في هذا الإطار استشهد الكاتب بموقف الاتحاد السوفيتي من الانتشار النووي إبان فترة الحرب الباردة و بعدها، ففي هذه الفترة كان الاتحاد السوفيتي قوة عظمى تتمتع بقوة عسكرية تقليدية ضخمة، الأمر الذي دفعه لمحاربة الانتشار النووي خوفًا من تقليص آثار هذه القوة. ولكن بانتهاء الحرب الباردة وانهيار القوة العسكرية السوفيتية اتجهت روسيا الاتحادية إلى الميل لتصدير التكنولوجيا النووية.

كما أوصى الكاتب المسئولين الأميركيين بالاعتراف بأن الدول التي يتهدد أمنها من قبل الولايات المتحدة يمكنها أن تصدر التكنولوجيا النووية للدول الأعداء لها وذلك بهدف تقييد حرية الولايات المتحدة في استخدام قواتها التقليدية. ولعل الحالة الباكستانية في تقديمها مساعدات نووية لكل من ليبيا، كوريا الشمالية، وإيران مثالٌ حيٌُّ على ذلك.

كما دعت الدراسة صانعي القرار أن يكونوا على علم بأن عصر الأحلاف الأمنية قد انتهى، وهو العصر الذي كانت تعتمد فيه كثير من الدول على القوى العظمى في حماية أمنها الأمر الذي كان يمثل عنصرًا حاسمًا في محاربتها لمسألة تصدير المساعدات والتكنولوجيا النووية الحساسة للدول الأخرى. وبانتهاء هذا العصر بدأت تلك الدول تشجع الانتشار النووي، وذلك بهدف حماية أمنها بعد انفصالها عن مظلة القوة العظمى التي كانت تتولى هذه المهمة من قبل.
آخر مواضيعي
  رد مع اقتباس