رد: الملف الصحفي للتربية الاربعاء17 جمادي الأخر 1430هـ
المدينة : الأربعاء 17-06-1430هـ العدد : 16848
اللي ما عندوش ما يلزموش
د . حمود أبو طالب
في كتابه المتميّز عن التعليم في المملكة تحدّث الدكتور أحمد العيسى عن نشوء ما يمكن وصفه بطبقية التعليم، ظاهرة قلّ أنّ نجدها بشكلها الصارخ كما هي لدينا . ولتوضيح هذه الظاهرة أتذكّر أنّ الدكتور العيسى أشار إلى أنه أصبح لدينا نوعان من التعليم، حكومي، وأهلي نشأ استجابة لحاجة البعض إلى مواصفات تعليمية خاصة تتفادى المثالب الكثيرة في التعليم الحكومي . وقد نتج عن ذلك صنفان من خريجي التعليم العام، أحدهما “ الله أعلم بحاله” وهذا بالطبع نتاج الحكومي، بينما الصنف الآخر يتميّز بقدرات وحصيلة أفضل تجعل مرحلته القادمة أكثر سهولة . . سأقول وبالله التوفيق : إنّ ما قاله الدكتور العيسى صحيح . . ولكن حين بلغ اليأس أشدّه من إصلاح التعليم الحكومي شدّ كثير من الناس على بطونهم لإنقاذ أبنائهم وبناتهم، أو على الأقل خروجهم من الحياة المدرسية بأقل الأضرار، ولهذا راحوا يبحثون عن المدارس الأهلية مهما كلّفهم الأمر . . هذه الحاجة خلقت سوقًا رائجة للتعليم الأهلي، بدأت منضبطة بعض الشيء ثم انفلت عقالها لتصبح مثل سوق مؤسسات المقاولات أيام طيبة الذكر الطفرة الأولى، بحيث لا تمرّ بشارع عام إلّا وتجد أكثر من لوحة لمدرسة أهلية، حتى أصبح بالإمكان استئجار عمارة وحوش لتصبح في يوم وليلة مدرسة . . الناس هاربون بعقول أبنائهم وبناتهم، ومستثمرو الغفلة جاهزون لتلقّفهم . . ويمكننا دون مبالغة أنّ نصف كثيرًا من هذه المدارس أنّها لا تضيف شيئًا جديدًا سوى امتصاص الجيوب . . في المقابل . . هناك مدارس محترمة، القائمون والقائمات عليها ، لديهم خبرة ودراية وفلسفة تعليمية حديثة، يريدون أن يقدموا تعليمًا متميّزًا لكنه مكلف لا يستطيعه سوى نخبة من الناس القادرين . . وبالتّالي أصبح لدينا ثلاثة أنواع من التعليم: حكومي للكادحين، وأهليّ دكاكينيّ للذين يضغطون مصاريفهم المضغوطة أساسًا، ومتميّز نخبويّ . . ولذلك يمكنني أن أقول باعتداد : إنني نسفت نظرية الدكتور أحمد العيسى بوجود ثلاثة أنواع من التعليم لا نوعين فقط كما جاء في كتابه !! . والله لو استثمرت ميزانيات التعليم كما يجب وعليها مليارات التطوير لصار تعليمنا نخبويًا للكلّ، ولكن لا نقول سوى ما قال المغني : كيف السّبيل إلى وصالك دلّني . .
|