رد: الخميس 18 جمادي الأخر التربية والتعليم
اليوم: الخميس 1430-06-18هـ
محمد عبدالعزيز السماعيل
جودة التعـليم طريق المستقـبل
رحلتان عميقتان في عالم المعرفة ومجتمع المعرفة ذهبت فيهما بعيدا في ميدان التربية والتعليم، كانت الرحلة الأولى في القراءة في كتاب رصين وغاية في الروعة الأسلوبية، والرحلة الثانية ترتبط بالأولى وهي إبحار في مفهوم الجودة في التعليم وتطبيقاته ودورها في إنتاج أجيال أكثر وعيا بمتطلبات واستراتيجيات بناء الوطن وتحقيق رفعته من خلال العلم الذي يرفع مراتب الأمم.أما الكتاب فقد أهدانيه الصديق الدكتور عبد الرحمن بن ابراهيم المديرس مدير عام التربية والتعليم للبنين بالمنطقة الشرقية ورئيس المجلس الاستشاري لمركز الملك فهد بن عبد العزيز للجودة، وهو بعنوان (رحلة الجودة الشاملة في تعليمنا – التحول) اشترك معه في تأليفه الباحث ابراهيم بن عبد الكريم الحسين وقدّم للكتاب الأستاذ الدكتور عبد الله بن صالح العبيد وزير التربية والتعليم السابق، والكتاب عبارة عن رصد تجربة عملية في تطبيق نظام الجودة الشاملة في تعليمنا، والتي بدأت في عام 1419هـ، ولعل أول ما استثارني وأنا استهل رحلة الإبحار في بطن هذا السفر الفكري النوعي هو تلك الإشراقة اللطيفة التي تحدد مفهوم الجودة على أنها نتيجة الأفعال وليس الأقوال، ونتيجة الجهد الذكي والإرادة القوية لبلوغ التميز، والتميز في تقديري هو الخلاصة الحاسمة لجميع تطبيقات الجودة الشاملة في جميع المجالات ومن بينها التربية والتعليم.كان هذا الكتاب بمثابة رؤية وانتباهة مهمة لواقع الجودة في العملية التعليمية خاصة أننا نتفيأ ظلال مشروع خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبـد العزيز (يحفظه الله) لتطوير التعليم من خلال دعمه في إطار خطة شاملة تؤسس لمزيد من المؤسسات التعليمية وتحقق الكفاية العلمية لجميع مواطني بلادنا حين يتمتع جميع المواطنين بحظوظهم في التعليم، وطالما أننا أمام منهج مؤسساتي للجودة بوجود مجلس استشاري يرأسه الدكتور المديرس فإننا في الواقع على المسار الصحيح لحصد نتائج عظيمة في الأداء العام وتحقيق الأهداف التنموية النهائية خاصة في مجال التعليم.وكتاب الدكتور المديرس يقدم بحثا ومجهودا بقدر حاجتنا لفهم معاني الجودة وجدوى تطبيقاتها عمليا في مختلف المجالات، وبالنظر لكونه رجلا تربويا ومعلما للأجيال فإننا نركّز معه على الجودة في التعليم على ذات المسارات التي توجّه فيها في كتابه لأن التعليم أساس النهضة والتنمية وبناء الأوطان، وإلحاق عنوان البحث بمفردة (التحول) ذات مغزى استراتيجي خلّاق في تحديد اتجاهات البحث المنطلق من واقع تجربة حية وخبرة واسعة في هذا المجال، فالجودة هي الأداة والعامل الرئيسي في التحوّل الذي ننشده ونطمح اليه، ذلك التحوّل البشري الهائل في أسلوب تعاطينا مع منجزات وطننا والانتقال به الى الآفاق العالية التي نسعى إليها خلف قيادتنا الرشيدة.وتركيز الدكتور المديرس على المعرفة وقوتها يدلان على وعي مثالي بشروط التحوّل، فنحن نطمح الى مجتمع المعرفة وهو مجتمع نموذجي تسعى الى تحقيقه الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية في المجتمعات التي تملك الإرادة للتحوّل اليه بالتعامل مع معطيات العصر ومستجداته بأفق وفهم علمي يصبح فيه الحاسب الآلي وسيلة متواضعة ومتاحة للجميع لأداء جميع واجباتهم بيسر وسهولة في إطار تطبيقات مفاهيم العولمة والقرية الكونية التي تصبح فيها العمليات الاتصالية مشاعة ولا يخرج عن إطارها الدلالي إلا الباقون في الخلف والعصر المتأخر، وذلك وضع بالتأكيد لا ترضاه الأمم التي تطمح للمعالي وتمتلك الأدوات اللازمة لذلك وليس أمامها سوى استخدامها.وفي الحقيقة استمتعت بكتاب رحلة الجودة، لأنه أوجد في نفسي حضورا ذهنيا نشطًا لما ينبغي أن نكون عليه وما نستحقه بالفعل، وأراحني كثيراً، لأني مواطن يشعر بأنه من الممكن لبلده ومؤسساتها أن تنجز الكثير لأننا نمتلك أدوات الحضور الأممي، وقريبون على مسافة خطوات منظورة من التحول المعرفي، ولكننا نحتاج لتأصيل مفهوم الجودة أكثر في جميع تفاصيلنا التنموية على نحو ما ذهب اليه الكتاب خاصة في مجال التعليم، لأنه عماد التنمية المستدامة والنهضة التي نمضي بقوة في طريقها، وأتوجّه لكل ذي صلة بالجودة الشاملة بأن يحرص على قراءة هذا الكتاب والتواصل مع مؤلفيه لإثراء النقاش والحوار حول مفهوم الجودة لأنه أول الطريق الصحيح الى المستقبل.
|