رد: الملف الصحفي للتربية الاحد 21/6
الرياض:الاحد 21 جمادي الأخر 1430هـ - العدد 14965
تطوير الخطاب التربوي
يوسف القبلان
الجسر الذي يربط بين قيم الإنسان وممارساته هو جسر لا يتم بناؤه بسهولة. وكل مجتمع يحلم أن يتم بناء هذا الجسر برسم على الورق، أو بكلمة مؤثرة أو خطبة قوية. لكن الأمر له أبعاد تربوية واجتماعية لابد أن تؤخذ في الاعتبار. في قضية الإصلاح حديث جدي متكرر عن القيم ومدى تأثيرها في سلوك الناس وأخلاقياتهم. ذلك الحديث يقود إلى تقييم تأثير الخطاب التربوي بأساليبه الحالية في حياة الناس وتعاملاتهم وأعمالهم. وعندما نلاحظ أن قائد السيارة لكي يحترم أنظمة المرور لابد أن نضع له حواجز إسمنتية تجبره على احترام تلك الأنظمة فإن هذا مؤشر على أن ذلك الجسر الذي يربط بين القيم والممارسات هو جسر ضعيف أو لم يكتمل بناؤه. عندما نلاحظ أن الانتظام في الطابور لا يتم إلا بوضع الحواجز، وأن التقيد بالسرعة المحددة للسيارات لا يتم إلا بواسطة المطبات الصناعية وأن الموظف لا يلتزم بساعات العمل إلا بالمراقبة، وأن وعود الانجازات تقال في المناسبات الإعلامية ثم تختفي فإن ذلك يعني أن ذلك الجسر الرابط بين القيم والممارسات غير موجود. هناك نظرية تقول إن 90% من شخصية الإنسان هي الجانب غير المعروف أو غير الملحوظ ويتمثل في القيم، والعادات والتقاليد، أما ال 10% المتبقية فهي الجانب المعروف المتمثل في السلوك، وهو ترجمة لتلك القيم والعادات والتقاليد. هذا السلوك والذي يتم تقييم الإنسان من خلاله بل يتم تقييم المجتمع ككل فمجموع سلوك الأفراد يعبر عن ثقافة المجتمع. إن التقييم لا يقيم وثيقة القيم ولا مقدار ما يقال عنها، ولا عدد مرات تكرارها في كلماتنا ومناسباتنا ووسائلنا الإعلامية. ذلك التقييم يضع السلوك تحت المجهر، ولو أخذنا كمثال إحدى منظمات العمل ولاحظنا أن ثقافتها التنظيمية تتضمن تعزيز ثقافة الرقابة الذاتية ثم لاحظنا أيضاً أن الموظف يجب أن يوقع أو يبصم لإثبات التزامه بساعات العمل فكيف تقييّم هذه المنظمة؟ وفي منظمة عمل أخرى قد تتضمن الثقافة التنظيمية استخدام مبدأ المشاركة في حين أن الإدارة أو معظم المديرين يستخدمون نمط الإدارة المركزية ولا يوجد أي مؤشر يدل على تطبيق مبدأ المشاركة. وحيث ان للقضية التي نتحدث عنها اليوم ارتباطا وثيقا بالتربية فإن هذا يعيدنا إلى المدرسة وأساليبها في التعليم والتربية والملاحظ أن التربية لا تنال ما تستحق مقارنة بالتعليم بل إن الخطاب التربوي داخل المدارس هو خطاب تقليدي تدل المؤشرات على أنه لا يحقق التأثير المطلوب. هذا التأثير يمكن أن يتحقق إذا استطعنا إيجاد مساحة للممارسة وتطوير الأساليب التربوية فبدلاً من التوجيه التقليدي في الطابور الصباحي عن أهمية الانتظام في الطابور، لماذا لا يتم تدريب الطلاب على ذلك عملياً حتى يصبح عادة راسخة؟ إن الخطاب التربوي عندما يكون مجموعة من التوجيهات والتحذيرات والممنوعات التي تتكرر على مسامع الناس طوال ساعات اليوم لا يؤثر بقدر ما يؤثر الخطاب المدعوم بالممارسة، وبانتظام.
الوطن:الأحد 21 جمادى الآخرة 1430 هـ العدد 3180
حسن اختيار القيادات التربوية يقود للإنجاز
تتحرى وزارة التربية والتعليم وقد تجتهد كما يعتقد في اختيار القيادات التربوية المتميزة التي تحدث النقلة النوعية وتقود المسيرة إلى التطوير المنشود للرقي بالتعليم ومسايرة متطلبات العصر، سواء في الإدارات الوسطى أو المواقع الهامة في الوزارة بقدر يمكنها من اختيار الأفضل في المكان المناسب، وبحسب درجة الاجتهاد ومصداقيته تأتي الفائدة. وقد يحدث خلل في ذلك نتيجة لحدوثه ربما بطريقة روتينية وعدم تطبيق المعايير اللازمة لكل موقع أو التسرع أحياناً في مل الفراغ وأحياناً لأمور أخرى!؟
ولعل أهم متطلب لهذه القيادات هو ضرورة أن تنبع من رحم الوزارة نفسها ولها خبرتها بدهاليز العمل التربوي الميداني وأشكالياته، بدءاً من الميدان مروراً بالإشراف التربوي وليس انتهاءً بمواقع في الإدارات التعليمية لتكون لديها القدرة الاحترافية المهنية للتعامل مع المواقف برؤية واضحة، ولتحدد النقطة التي تبدأ منها عملية الانطلاق والتطوير، مع أهمية أن يكون أولئك من التكنوقراط المبدعين.
ولا أحد ينكر أهمية تأثير هذه القيادات سلباً وإيجاباً على المسيرة التعليمية وربما يرجع جزء كبير من تدني مستوى التعليم ومخرجاته إلى هذا الأمر لأهميته. فمن ذلك ما نراه أحيانا من ضعف القرار وضبابيته في الإدارات الوسطى وعدم وجود فريق يقود المسيرة بفكر موحد هدفه الأول ينصب على الرفع من مستوى جودة الأداء والانضباط في الميدان ـ الذي وجد الجميع من أجله ـ وله القدرة على إحداث نقلة في الجودة النوعية في حراك مستمر للتأثير الإيجابي والفعال في تطوير أداء الآخرين، وتنمية الإحساس لديهم بالمشاركة في تحقيق الأهداف مع الابتعاد عن تلميع الصورة أو تركيز الجهد على المكاسب والمحافظة على الموقع فقط بكل الوسائل. ومن تلك المشاريع الطموحة لدى الوزارة التي تبدأ بعضها متوهجة ثم تضمحل، ربما لأنها لم تحظ بفريق عمل متكامل، وأهم مثال على ذلك مشروع تطوير التعليم حيث مضى عليه ألف يوم تقريباً ولم يحقق شيئاً يذكر في طول البلاد وعرضها، فماذا بقي على الدولة أن تفعل وإلى متى ننتظر وهل ينبغي أن نضيع آلافاً أخرى من الأيام للمزيد من الهدر؟.
وهل نستقدم من الخارج من يفعل لنا كل شيء ونحن مشغولون، إما بمصالحنا الذاتية أو بالركون إلى الاسترخاء والدعة والأمر يتعلق بمستقبل أمة وكيان.
|