رد: الملف الصحفي للتربية الاثنين 22 جمادى الآخرة 1430 هـ
الجزيرة:الأثنين 22 جمادىالآخرة 1430هـ العدد:13409
نورة الفايز . . وتحدي سياسة (قتل الحدث قبل حدوثه)
منيرة بنت سليمان العبيكي
مشروع الملك عبدالله لتطوير التعليم من أخطر وأقوى المشاريع في تاريخ التربية والتعليم في بلادنا . . وخطورة هذا المشروع وقوته تتطلب منا أن نتعامل معه بمنطقية بعيدة عن العاطفة العمياء . . لأن أي انحراف في استراتيجيته سترتد علينا بسلبيات أبعد وأعمق مما تخيلنا من إيجابياته . إن أهداف المشروع أقوى من أن تتحقق في بيئتنا التعليمية اليوم، ومعلوم - بما لا يختلف عليه اثنان - أن أي مشروع تطويري يحتاج أن توفر له البيئة المناسبة لاستنباته وبالتالي استزراعه وجني ثماره، وهذه البيئة بأبعادها (المكانية والزمنية والبشرية) يجب أن تكون متناسبة مع المشروع طولاً وعرضاً وارتفاعاً وعمقاً . إن دعوة معالي نائب وزير التربية والتعليم لتعليم البنات إلى اليوم الدراسي الكامل تدل على نظرة استشرافية عميقة لمستقبل مشروع التطوير، ولعلي لا أتجاوز الصواب إن قلت: إن هذه الدعوة جاءت في وقتها المناسب لتسد هوة في المشروع لم يتنبه إليها مخططوه . لقد اهتم المشروع بمعالجة البيئات المدرسية (المباني والمقرات والتجهيزات) كما اهتم بمعالجة أوضاع الكوادر البشرية (التربوية والتعليمية والإدارية) كما نالت الشؤون التعليمية (المناهج والمقررات) حقها من العناية، كما أعتقد أنه قد طرحت على طاولته الكثير والكثير من المقترحات والأفكار والرؤى التي تستهدف نهضة المشروع وتحقيق أهدافه، إلا أن الكثير منها وكما أعتقد لم يجد حظه من قبول التطبيق على أرض الواقع، لتبقى الحلقة المفقودة . . ما السر في عدم قدرتنا على تطبيق حتى الأشياء الممكنة؟!!يعتبر توفير فرص وظيفية في التعليم من أهم أهداف مشروع التطوير، وكانت فكرة الدوام الجزئي من الأفكار الرائدة التي نالت حظها الساحق من التأييد والتطلع على المستوى الشعبي والحكومي، ولكن كان شيئا ما يقف حائلا أمام تطبيقها . . وأعتقد أننا لم نستطع ان نكشف عن سره،، حتى جاءت فكرة (اليوم الكامل) . الزمن من أهم عوامل النجاح والفشل، ونحن كشعوب عربية نادراً ما نتنبه إلى خطره وأثره في صناعة قراراتنا، وبعد أن يفوتنا منه الكثير نكتشف أن كثيراً من إنجازاتنا لم تكتمل أو قتلت مع ميلادها الأول بفعل الزمن . إن مشكلتنا في ميدان التربية والتعليم أننا القطاع الأول في ممارسة (قتل الحدث قبل حدوثه)، ولا أدري متى نعطي الأشياء فرصتها لتحدث . . ونرى نتيجة حدوثها . إن صناعة الكرسي والطاولة تتطلب منا العمل ليلاً ونهاراً . . فكيف بنا ونحن في قطاع يعنى بصناعة العقول؟؟!! فكم برأي خبراء (صناعة العقول) نحتاج من الوقت لصناعتها!!إنني على ثقة بأن معالي نائبة وزير التربية والتعليم وهي تدعو إلى (اليوم الكامل) قد أرفقت دعوتها كل المقومات التي تساهم في نجاحها، كما أنني على ثقة بأن دعوتها هي نتاج نظرة (منطقية واعية) لأهداف المشروع، وهي بالتالي تحمل لنا تصوراً لجديتها في بناء قاعدة قوية لقيام مشروع تطوير التعليم . إن الدعوة إلى التمدد المكاني والبشري يجب أن يتجاوز ذلك نحو الدعوة إلى التمدد الزمني أيضاً، لأن تمدد بعد أو بعدين من أبعاد (المشروع) سيكون تشويها واضحا في حقيقته . . فالمنطق الذي لا يقبل الجدل يقول: إن الأبعاد (المكانية والزمنية والبشرية) يجب أن تتجاوز وتتناسب في التطور والتمدد والارتفاع . . إننا حين نطالب المشروع بتوفير مبان حكومية (راقية) برقي أهداف المشروع . . فإن تحقق ذلك يتطلب منا أن نستفيد من هذا المنجز أكبر وقت ممكن . . فليس من المنطق بحال أن نبني في كل حي (قصورا تربوية تعليمية) لا يقطنها أصحابها إلى أربع أو خمس ساعات في اليوم!!وحين نطالب بزيادة أعداد المعلمين والمعلمات، وتحقيق فرص وظيفية للكثير منهم عن طريق الدوام الجزئي . . فإن تحقيق ذلك يتطلب منا أن نوفر الوقت الممكن للاقتسام . . فليس من المنطق أن نشق خزينة الدولة برواتب مجزية لموظفين وموظفات غاية دوامهم ثلاث ساعات في اليوم!!ثم إننا حين نطالب بتعديل خططنا الدراسية، ومناهجنا التعليمية، وننادي بأن يقدم لأبنائنا كل ما يمكنهم من مواجهة تحديات عصرهم في مجالات (العلم والتكنولوجيا وما إلى ذلك) . . فإن تحقق ذلك يتطلب منا أن نوفر الوقت والوقت الطويل جدا أثناء اليوم الدراسي لمنح المعلم فرصته في استثمار مهاراته في التربية والتعليم، وكذا الطالب للاستفادة مما منحه له المشروع من برامج اثرائية وتحصيلية . . وما إلى ذلك . . إن كثيراً من مدارسنا المستحدثة لم يستغل كثيرا من إمكاناتها التعليمية (كغرف المصادر والمكتبة ومعامل الحاسب ومعامل العلوم ومقرات النشاط المسرحي والرياضي) لا لشيء إلا لضيق الوقت . . وأعتقد كما يعتقد غيري . . ان اليوم الكامل سيحقق لمجتمع التربية والتعليم الشيء الكثير . . وللمجتمع السعودي الشيء الأكثر والأفضل . فقط لنعطي الأشياء فرصة الحدوث لتحدث، وبعدها نحكم على النتائج .
|