[صقر قريش]

الجزيرة:الاربعاء 24 جمادىالآخرة 1430هـ العدد:13411
درس في الإدارة من تعليم البنات
د . عبدالرحمن بن سليمان الدايل
الإداري الناجح لا تحتاج إلى كبير وقت لتعرف سماته أو الوقوف على خصائصه ومميزاته، فهو يجعلك تعيش في المناخ الإنساني الذي يظل عمله ويسود سلوكه في الإدارة منذ أو وهلة، فيجذبك إليه، ينفتح على مطالبك إصغاء واستماعاً، يتفهم وجهة نظرك ويقف على مطلبك، يحيط بجوانب مشكلتك قبل أن تستمع إلى قراره، يصغي إليك وكأنه لا مشكلة لديه سواك، لا يقاطعك محتجاً أو حاورك من علياء الإدارة، أو يناقشك من موقع السلطة، أو ينغص عليك شكواك مستغلاً حاجتك أو ملتمساً العذر بحكم الصلاحيات، بل يشاركك همومك، ويقف بجوارك، شارحاً حقيقة المواقف التي قد لا تدركها، وموضحاً سبل العلاج التي ربما تغيب عنك، يستخدم الإقناع والحجة أكثر من لجوئه إلى القواعد واللوائح، التي يقف وراءها بعض المديرين ممن يرون فيها حلاً سريعاً يريحهم من عناء الاستماع لشكاوي المراجعين، ولا يمل الشرح والتحليل والحوار الهادئ سبيلاً للإقناع، وطريقاً لبناء مناخ من الثقة المتبادلة . إن مثل هذا النموذج الإداري الفريد نحن في حاجة إليه ليسود مؤسساتنا التربوية والتعليمية والاقتصادية والاجتماعية في مختلف المواقع والميادين، وإن مثل هذا النموذج تثق في إمكانية توافره ووجوده إذا التقيت الدكتور عبداللطيف العوين مدير عام تعليم البنات بمنطقة الرياض . لقد وجدت شخصياً فيه تلك المواصفات وغيرها عند مقابلته، ومع أن مصلحتي التي قابلته من أجلها لم تتم أو لم تنته كما أريد، غير أن خروجك من مقابلته قانعاً وراضياً هو المكسب الذي تربحه، والطريقة التي يقابلك بها ببشاشته ووده هي البلسم الذي يولد لديك الإحساس، بأن الإداري الناجح هو من يولد لديك الاقتناع والرضا بما استمتعت إليه، أو ما يتوصل إليه من قرار، ولو أتى خلافا لما تريده أو تسعى نحوه . إن مثل هذا النموذج القيادي الناجح يعد مفخرة لكل من تردد عليه، أو تشرف بمعرفته، فهو كفاءة تستحق الشكر والتقدير والإشادة والثناء، فبابه مفتوح وسلوكه متميز، وعقله وفكره بهما من الوعي والاستنارة ما يجعله بحق جديراً بثقة من جعلوه في هذا الموقع من المسؤولية . إنني بحكم معايشتي لمسيرة التعليم في بلادنا، وتشرفي بمواقع المسؤولية سنوات طوالاً، وجدت أن هذا النموذج الإداري جدير بالاهتمام، وأهل للإشادة والشكر، فنحن أحوج ما نكون إلى أمثاله في مختلف مواقع المسؤولية وبخاصة تلك التي تتصل بمصالح الناس، أو تعمل في ميادين التربية والتعليم، لخطورة المسؤولية فيها، وجدارة العناية بها، فهي ترتبط بالإنسان ثروتها هذا الوطن، ومرتكز غيابه ولاة الأمر فيه، ولذلك وجدت من واجبي إزاء هذه الصورة المشرفة في موقع المسؤولية أن أزف التهنئة لوزارة التربية والتعليم، وعلى رأسها صاحب السمو الأمير فيصل بن عبدالله وزير التربية والتعليم على حسن اختيار هذه القيادات المشرفة التي تقدم نماذج صادقة على العمل والعطاء، وعلى الإخلاص فيما تولونه من مسؤولية . ولست أريد أن أقف طويلا أمام هذا النموذج الإداري الناجح مع أن الموقف يستحق ذلك، دون أن أشير إلى تلك الواجبات الإنسانية والوطنية التي تطالب أصحاب القرار، ومن يقفون على مواقع المسؤولية، وتناديهم بأن يكونوا على قدر الثقة التي منحهم إياها من اختارهم، وأن ينظروا إلى مناصبهم على أنها تكليف قبل أن تكون تشريفا، وأنها ثقة وليست منحة، وأنها لو دامت لغيرهم ما وصلت إليهم، فليقوا الله فيما جعلهم فيه، ويجعلوا همهم ومسؤوليتهم رضا ربهم، ثم الإخلاص لولي أمرهم، وأن يفتحوا للمراجعين قلوبهم وعقولهم، قبل أن يفتحوا أبواب مكاتبهم، ويجعلوا خدمتهم هي المقياس الحقيقي لنجاحهم، وأن يحولوا الإدارة إلى وسيلة للإنجاز، وأداة للعطاء، وطريقا للوفاء نحو هذا الوطن وأبنائه، في وقت نحن في حاجة لأن نقدم لوطننا ما يؤمله فينا من فكر وجهد وعمل وإخلاص
وبالله التوفيق .