رد: الملف الصحفي للتربية والتعليم الخميس 25/6
صحيفةاليوم : الخميس 25 جمادي الأخر 1430هـ - 18 يونيو 2009م - العدد 13152
الإعلام وثقافة الضرب في المدارس ..
عزيز ي رئيس التحرير ..
عملية ضرب الطلاب أصبحت الشغل الشاغل للتربويين ، وهمٌّا يكتنف وزارة التربية والتعليم فمنعت وأصدرت التعاميم التي تحث المعلمين والمنتسبين للوزارة من رجالات التربية إلى عدم حمل العصا أو الضرب بأي شكل من الأشكال ، وهذا منطلق تربوي رائع جميعنا نؤيده وبقوة بل نرى مثل ما يرى غيرنا أن الضرب وسيلة لتنفير الطالب من مقاعد الدراسة ، وقد يُوجد لديه عقدة نفسية تبقى حجر عثرة في طريقه التعليمي ومواصلة تعلّمه .والضرب ليس الوسيلة التعليمية التي تعين الطالب على فهم الدرس أو حل الواجب أو التقيد بالنظام ، كما أن هناك فئات عديدة من المعلمين قد يسيئون استخدام الضرب بل قد تتحول مهنتهم السامية والقائمة على التربية إلى أن يكونوا جلادين.ولكن .. في الآونة الأخيرة أصبحت ساحات وفصول المدارس مسرحا لأحداث ووقائع وحوادث لعملـيات ضرب أبـطالها قلة قليلة مـن المعـلمين تتلقف الـوسائل الإعلامية وبخاصة المقروءة أخبارهم وهفواتهم لتتـصدر صفحاتها ، فيكثر الهمز واللمز ، وتقذف أخلاقيات المهنة وتقل هيبة المعلم ، وتنطفئ شمعة وعنفوان المدرسة المربية التي هي مصدر العلم والنور في مجتمعات التحضر والتمدن ، والتي هي منبر العلم والتربية والتي تسير بالأمم من دياجير الليالي إلى النور والفهم المستنير ليكون هذا الطالب لبنة صالحة في مجتمعه ، فيخدم دينه ووطنه ونفسه.لذا .. من المستفيد من إثارة هذه الزوبعات الصحفية التي تصدر بين حين وآخر .. !! عما يقوم به قلة من المعلمين تجاه طلابهم لأسباب قد تكون وقتية لا يعرف أسرارها إلاّ من يكون آنذاك قريباً من الحدث وواقعة الضرب .. والمصيبة أن وقائع الضرب تُنقل وتصاغ حسب ناقلها ، دون مصدر رسمي من قِبل إدارة التربية والتعليم أو حتى على الأقل بالرجوع لمدير المدرسة .ان السبق الصحفي أو الخبر الإعلامي إذا لم يكن موثوقا وذا هدف سام فإنه بالتأكيد مغلوط وعار من الصحة ، فكم من خبر نُقل وكتب عنه الشيء الكثير ، وذهب ضحيته معلمون هم في الأساس مظلومون وحقوقهم أضحت سرابا بسبب خبر صحفي نظر إلى الواقعة بعين غير مجردة ومن جانب واحد دون أن يهتم بالجانب الآخر .وهنا يصبح للضرب ثقافة تبنّتها الصحافة وأعطت الضوء الأخضر لضعاف النفوس ليصطادوا في الماء العكر ، ولتصبح التهم تطلق جزافاً على أي معلم يتعامل مع طلابه بأي شكل من الأشكال حتى وان كانت تربوية ، حيث ان من خلال الواقع أصبح ولي أمر الطالب يحمل هو العصا ويهدد المعلم ، بل قد يصل الأمر لضربه بها ، من خلال الشكاوي التي فتحت على مصراعيها في إدارات التربية والتعليم من أولياء الأمور من خلال تقديمها على معلمي أبنائهم .أصبحت ثقافة الضرب هنا في مدارسنا واضحة لدى ولي أمر الطالب وتحمل شعار «ابني ملاك .. غير قابل للمس» ، فأضحت مهمة المعلم تزداد صعوبة في زمن أصبح الآباء يرون أن أبناءهم هم الذين على جانب كبير من الصواب .. حتى ولو كان ابنه يختلق الأكاذيب والدعاوى الباطلة تجاه معلمه لما يراه من آذان صاغية من قِبل والده . والمصيبة تكمن في نوعية الكثير من الأبناء أو الطلبة حيث انهم سيئو التعامل مع معلميهم من خلال تعاملهم أو من ألفاظهم النابية والتي لا تصدر من طالب علم وصغير سن . وهنا يقف المعلم حائراً بين النظام والآلية الموضوعة من خلال لائحة السلوك والمواظبة العقيمة والتي تمتاز بالإجراءات الطويلة المملة والتي قد تصل إلى حد الرتابة في التعامل مع الوضع الكائن بين المعلم وطالبه . وتبقى إدارة المدرسة في حرج مع المعلم في حفظ حقه أو بمعنى أصح حفظ ماء وجهه من أن يكون أضحوكة المدرسة ، وبين الطالب الفلاني الذي أضحى هو الفارس الذي يمتطي صهوة الجواد ..
فإن نزل يا ويلهم ، وإن بقي على جواده قتلهم.. فأضحى المعلم جريح مهنته التي ضاعت هيبتها ولم يعمل احد على درء كل ما يعيق عمله أو يُهين كرامته ، من قوانين ولائحة تسمى بلائحة السلوك والمواظبة والتي لا تفي بالغرض. مسلّم بن طليميس الدوسري ـ مدير مدرسة ـ الأحساء
|