عرض مشاركة واحدة
قديم 06-23-2009   رقم المشاركة : ( 18 )
صقر قريش
مشرف الأقسام التعليمية

الصورة الرمزية صقر قريش

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 2814
تـاريخ التسجيـل : 22-08-2008
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 31,556
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 596
قوة التـرشيــــح : صقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادة


صقر قريش غير متواجد حالياً

افتراضي رد: الملف الصحفي للتربية والتعليم الثلاثاء 30/6

عكاظ : الثلاثاء 01-07-1430هـ العدد : 2928
قضية التعليم بمنظور عصري (3/2)
عبدالله يحيى
خلصنا في مقال الأسبوع الماضي إلى عدم مقدرة أستاذ المدرسة عادة في ربط المعلومات والمناهج الدراسية ببعضها البعض في ذهن الطالب، مما يرسخ خطأ في أذهان الطلبة أن العلم والمعرفة هما نتيجة دراسة مواضيع متباعدة من أجزاء غير متكاملة أو مترابطة . بينما الحقيقة هي أنه لابد للطالب أن يدرك أن هناك ترابطا بين مختلف الأجزاء التي يدرسها لكي يتمكن من تحويل تلك المعلومات إلى معرفة، والمعرفة إلى استيعاب، والاستيعاب إلى حكمة . فمثلا قد يدرس الطالب مادة الرياضيات دون أن يدرك أن الرياضيات ما هي إلا لغة، ولذلك فهي تشترك مع اللغات الأخرى في كثير من الخصائص، إلا أنها لغة مجردة فرغت من المضمون . لذلـك قد «يعرف» الطالب الرياضيات ولكنه لا «يفهمها» . فالإنسان يستطيع أن يعرف شيئا دون أن يفهمه، ولكنه لا يمكن أن يفهم شيئا دون أن يعرفه . وكما قلت سابقا هناك فرق كبير بين عملية التدريس وعملية التعليم، ولا بد لنا أن نعترف أن التعليم النظامي هو في الواقع أقل فاعلية من التعليم غير النظامي . فالطفل يتعلم لغته الأولى في المنزل بصورة أسهل وأسرع من تعلمه اللغة الثانية في مدرسته . كما أن الغالبية العظمى من البالغين ينسون ما درسوه في مدارسهم (التعليم المنتظم) بأسرع مما تعلموه خارجها (التعليم غير المنتظم) . نستنتج من ذلك أن التعليم في معظمه يتم في الحقيقة دون تدريس، هذا بينما تهتم مدارسنا عادة بعملية التدريس أكثر من اهتمامها بعملية التعلم . فنظام التعليم الحالي يعمل بحساب أن كيلوجرام واحدا من التدريس لا بد أن يساوي كيلوجرام واحدا من التعليم، وهذا أبعد ما يكون عن الصواب . لذلك يجب أن يهتم النظام التعليمي الحديث بعملية التعليم أو التعلم أولا، قبل وأكثر من اهتمامه بعملية التدريس . من المثبت أن الطالب يستطيع أن يتعلم الشيء الذي «يرغب تعلمه» بسهولة وبصورة أفضل من الشيء الذي «لا يرغب تعلمه» . ومن المثبت أيضا أنه إذا رغب الطالب في تعلم شيء ما، أو أصبحت الحاجة واضحة أمامه لتعلم ذلك الشيء، فإنه سوف يتعلمه بيسر وسهولة بل ويتفوق فيه، أكثر مما لو أجبر على ذلك . لذلك يجب ألا يهتم نظام التعليم الحديث بكمية من المواد المجدولة والمواضيع المتصلبة والراكدة غير المرنة، وإنما يجب أن يهدف إلى تنمية الرغبة لدى الطالب للتعلم ومقدرته على إشباع تلك الرغبة . بل يجب أيضا الاهتمام بقدر المستطاع بالمواهب والقدرات الفردية لكل طالب، بدلا من إجبار جميع الطلاب لكي يتوافقوا ويتجانسوا تحت مظلة نظام تعليمي واحد يفتقد المرونة اللازمة . في هذا العصر السريع الخطوات والتطور ، يجب أن نعترف أن التعليم لا يمكن حصره في فترة واحدة من حياة الفرد، فالتعليم أصبح اليوم عملية مستمرة ومتواصلة . وقد أصبحت استمرارية التعلم بعد الخروج من المدرسة والجامعة، جزءا لا يتجزأ من متطلبات الحضارة العصرية . لذلك يجب تأسـيس النظام التعليمي على مبدأ أن العملية التعليمية هي عملية مستمرة ودؤوبة حتى بعد مغادرة الطالب لمدرسته أو مؤسـستة العلمية . من المؤكد أيضا أن الحل لمشاكل النظام التعليمي في أي وقت ومكان محددين قد لا يكون هو الحل المناسب لتلك المشاكل مع مرور الوقت واختلاف المكان . وعليه يجب أن نتوقف عن محاولة البحث عن «أنسب وأفضل» نظام تعليمي يناسب كل زمان ومكان، فمثل هذا النظام الثابت والراكد لايوجد، ليس فقط بسبب اختلاف الزمان والمكان، وإنما أيضا بسبب اختلاف نوعية الطلاب أنفسـهم . لذلك يجب أن يكون نظام التعليم الحديث نفسه مرنا وقادرا على «التعلم والتكيف» مع متطلبات العصر والزمان والمكان . وباختصار يجب البحث عن نظام تعليمي يستطيع عمل الثلاث نقاط المهمة التالية:
أولا: أن يسمح هذا النظام للطالب أن يدرس ما يرغب هو في دراسته ويشعر أنه في حاجة إليه .
ثانيا: أن يكون هذا النظام عونا للطالب في التعلم بصورة فعالة ومؤثرة وقادرة بالتالي على الإبداع .
ثالثا: أن يثير هذا النظام الرغبة في نفسية الطالب للتعلم، وخاصة تعلم تلك الأشياء التي يحتاجها الطالب لإشباع رغبته في المعرفة ولكي يصبح مفيدا لمجتمعه وأهله . كما يجب أن نضع نصب أعيننا أن أهم ما تهدف إليه العملية التعليمية هو تهيئة الطالب لكي يحدد هو بنفسه أهدافه ويختارها ويسعى إلى تحقيقها . بمعنى أنه لا بد أن تنطوي العملية التعليمية على درجة معقولة من حرية الاختيار في ماذا نتعلم، وكيف ومتى نتعلمه . فالمدرس بكل بساطة لا يعرف ماذا يحتاج طالب اليوم إلى معرفته غدا أو مستقبلا . لذلك لا يحق لمدرس اليوم أن يفرض تأويلاته العلمية ونظرياته وأفكاره الحالية بصورة متشددة على طلبته الذين يتعلمون للمستقبل .
وللحديث صلة .
آخر مواضيعي
  رد مع اقتباس