الموضوع: إعتراف
عرض مشاركة واحدة
قديم 06-28-2009   رقم المشاركة : ( 262 )
كتمان
محمد بن درويش الثمالي


الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 302
تـاريخ التسجيـل : 12-03-2006
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 306
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 10
قوة التـرشيــــح : كتمان يستحق التميز


كتمان غير متواجد حالياً

افتراضي رد: إعتراف

لكل شاب عاق لقريته وقبيلته ( كما كنت سابقاً )

غيمة

في قريتنا الغافية بين الجبال العالية وتحت سماء غائمة صعدت إلى جبل الطويل ذلك
الطود الشامخ,
وفي غفلة من الزمن حملتني إلى الأعلى غمامة فأصبحت مثل الحمامة تمنيت لو أنها إلى
الأمام سارت لكنها للخلف عادت ,
تغير منظر القرية فأصبحت أجمل وماءها أعذب وهواءها أطيب كثر فيها شجر العرعر
والشث وأختفى تماماً تينها الشوكي وأختفت معه مكعباتنا الإسمنتية ,
وعاد ما تهدم من الحصن والقرية القديمة وما درس من آثارها والمجنة ,
هجم الليل وتمنيت قدوم الصباح لأتعرف على أجدادي الفلاح وبت سهراناً أراقب القرية
مشتاقاً التي راحت في سُبات عميق ,
وما أن بدت الأوائل حتى صحت الجدات وهن في ذلك الوقت شابات جميلات ,حتى شببن النار
وبدأن بإعداد الإفطار وهن يتهامسن ويتضاحكن ,
وما أن بدأت تباشير الصباح الأولى حتى دبت الحياة في القرية وبدأ الصر والحلب وخرجن
البنات والأولاد لرعي أغنامهم وشياههم , فرغم قلة عددهم إلا أن القرية أصبحت مثل قفير
نحل , لم أستطع سماع ثغاء شياههم ولانهيق حميرهم ولا مايدور بينهم من أحاديث ولم
أتمكن من رؤية تلك الوجوه الطيبة أو سماع أسمائهم لمكاني العليّ فوق الغمامة ,
الكل يعمل بهمة ونشاط فذاك على الرشا والمحالة والثاني على ثوره ومحراثه وآخر محتبي
بظلال بيته بين يديه معاميله ورجل في مكان قصي يعد غليونه ودخانه الأخضر وشاب
يغادر سريعاً للحاق بالقافلة المتجهة إلى السوق وأخرى تحمل قربة وثانية الحطب وطاعنة
في السن تغزل وأكوام الصوف أمامها,
كنت مسلوب الإرادة,كم تمنيت لو أستطيع النزول لضممت جميع الشيوخ والأطفال والنساء
صارخاً أنا أبنكم العاق الذي لا يدعو لكم أنا أبنكم البخيل الذي لم يتصدق عنكم ولم ينحرً لله
جزوراً عند قبوركم ,
أنا المتعلم الجاهل الذي لم يقرأ تأريخكم, أنا الأديب الأجوف الذي لم يحفظ أشعاركم وملاحمكم
أنا الجبان الرعديد الذي لم يدافع عنكم , أنا أبنكم النهم الذي رمى باب الحصن الخشبي
الأثري في المنداه ليدفن ذبيحته ويدفن معها بقايا ضميره ,
أنا الطماع يا جدتي الذي باع المجرفة والمكحلة والمسرجة ليشتري مساحيق التجميل
أنا الجشع يا جدتي الذي باع الشيلة و الشملة والشِماله ليشتري لحافاً مخملياً لغرفة النوم
أنا الفاشل ياجدتي الذي باع قناعك الأسود رمز الطهارة ليشتري أسهم أسمنت اليمامة
أنا السخيف يا جدتي الذي باع البنجرة و المسكة والقلادة والزمام ليشتري أفلام عادل أمام
أنا المغرور ياجدي الذي باع أم شعله وأم الفتيل والنيمس والقداحي ليلبس الجنز ويركب البنز
أنا الآفاق ياجدي الذي باع أرضه ليقضي الصيف في النمسا
أنا النّصاب ياجدي الذي باع آثاركم لينسي اليوم و الامـسا

اهتزت الغمامة وأرعدت وأبرقت وأسقطتني على الأرض ولسان حالها يقول ..

من ضيع تاريخه فهو لما سواه أضيع
من باع ضميره فهو لما سواه أبيع .....

لغير الناطقين بالثمالية

الطويل : اسم جبل شاهق في قريتنا , الاوائل : نجوم تظهرعند قدوم الفجر , قفير نحل : خلية نحل
الرشا والمحالة : أدوات لإخراج الماء من البئر , محتبي : مأخوذ من الاحتباء وهو ضم الرجلين إلى الصدر بقطعة من القماش
معاميله : أدوات القهوة , المجرفة :من أدوات الطبخ , المكحلة : من أدوات الزينة , المسرجة : المصباح , الشيلة : للحجاب
الشملة : نوع من الفراش , الشمالة : مايوضع للأنثى من الضأن والماعز للحفاظ على الحليب ,
البنجرة والمسكة والقلادة والزمام : من أدوات الزينة للنساء , أم شعلة وأم الفتيل والنيمس والقداحي : من البنادق الاثرية القديمة

آخر مواضيعي