رد: المقال التربوي
عكاظ : الأربعاء 08-07-1430هـ العدد : 2936
من رمضاء المدرسة إلى هجير الجريمة
جهير بنت عبدالله المساعد
أربعة شبان يقتحمون مدرسة، ويطلقون رصاصا بين الطلبة، ويعتدون بالضرب على زميل لهم، ويصاب أخوه بشظية. هذا الكلام شبيه بسيناريو فيلم رعب، لكن للأسف هو حقيقة مروية في بعض الصحف المحلية.وليست هي المرة الأولى التي يبادر فيها شباب لاستعراض قدراتهم العدوانية، ولا هي المرة الأولى أو الثانية التي تعاني فيها مدرسة من بلطجية بعض شبابها (الطلاب) الذين من المفترض أن تتوافر فيهم أبجديات السلوك المنضبط، ولا هي الأولى التي يكون فيها الضحية معلمين. فكم من معلم دفع ثمن مهنته ضربا وشتيمة وإهانة وتحقيرا؟ وكم من مرة صدرت الصفحات الأولى في الصحف المحلية بعناوين بارزة تتهول من حادثة مفجعة، جرت لمعلم على أيدي طلابه المتهورين؟ ولا تظنوا أن البنات أرحم، بل ما هو عند البنين عند البنات أيضا وعلى طريقتهن، وكم من معلمة راحت هيبتها ببصقة من فم طالبة جانية؟ وكم من معلمة كانت محط سخرية طالباتها اللواتي لا يراعين حرمة، ولا يكرمن كبير؟ والحوادث الطلابية زادت هذه الأيام ليس لأنها لاقت فرصا للنشر في الصحف، بل لأنها بالفعل زادت، واختلفت مدارسنا عما كانت عليه في السابق. اختلفت في أخلاقياتها وفي انضباطها وفي سمعتها وبالتزامها بأقل المطلوب من الأدب والاحتشام وحسن السلوك، ووجد المتهورون من الطلاب والطالبات مناخا يحرضهم على سوء السلوك، بعد أن تفشت المقالات الإعلامية المحرضة على المعلمين والمعلمات، والمفسرة لكل وسيلة ضبط على أنها ظلم للطالب أو الطالبة.لقد ضاعت هيبة المدرسة منذ أن جعلناها مسرحا تقام عليه مسرحية الطالب المهان والمعلم المجرم، حتى ترسبت الفكرة وصار المعلم يخاف تلاميذه أكثر مما يحبهم. وما لنا إلا القول إن الحاجة اليوم تلح لإعادة ضبط المدرسة السعودية، وإعادة هيبة التعليم المفقودة، وإعادة حسن السلوك للمناخ المدرسي الموبوء بحالات مستعصية من الانتهاكات الأخلاقية، انتبهوا إلى أن دور المدرسة تربية وتعليم وشيء مؤسف أن نفقد الاثنين.
كل ذلك يعكس ما يفقده شباب اليوم وهم سائرون في طريقهم إلى المستقبل، يفتقدون الاحتواء النافع والتعليم المثمر والتربية المدرسية الشمولية التي تعترف بالطالب كشخصية إنسانية فيها طاقات ومواهب تحتاج إلى صقل ورعاية. لابد من استراتيجية جديدة لبناء الشخصية الشبابية وإعداد الشباب الناهض بدلا من الخامل. نحن في أمس الحاجة إلى ترشيد التعامل مع الشباب وإلى تعاون الأجهزة المختلفة الموكل إليها رعاية الشباب... ناقوس الخطر يدق!
|