رد: المقال التربوي
المدينة : الأربعاء 08-07-1430هـ العدد : 16869
وزير التعليم والصفر المنسي
أ. د. إبراهيم إسماعيل كتبي
وزير التربية والتعليم الأمير فيصل بن عبدالله آل سعود كفانا بشفافيته وصراحته تساؤلات كثيرة، عندما أعادنا إلى تصريح سابق في مستهل توليه الوزارة عن مهلة المائة يوم حيث قال قبل أيام “قلت لا تسألوني عن الوزارة إلا بعد مرور مائة يوم، ويبدو أنني نسيت صفرًا.. أي بعد ألف يوم، نظرًا لأننا نريد أن نعمل ونظهر العمل لا القول”.هذا ما قاله الوزير في المؤتمر الصحفي الذي أجاب فيه على أسئلة كثيرة حول قضايا وملفات وخطط أظن أن علاجها سيحتاج هذا “الصفر” الذي هو على اليمين بطبيعة الحال، ويعني مرور سنوات ثلاث حتى تتحول الأقوال إلى أفعال، وتبدأ رحلة الألف ميل للإصلاح والتطوير، وتنفيذ مشروع خادم الحرمين الشريفين، وهذا ما نتمناه ونتمنى أن يدرك منسوبو هذه الوزارة الهامة ما ينتظره وطنهم منهم بدءًا من الفصل المدرسي وتطوير القدرات، رغم شكوى كثير من المعلمين والمعلمات من هموم وظيفية تتعلق بهم.لذا نقدر لسمو الوزير الأمير فيصل بن عبدالله صراحته بأن “نتائج مخرجات التعليم لا تُفرح أبدًا وأن الجميع مشتركون في هذا الضعف، ونحتاج إلى عمل كبير لنقضي على مكامنه”، وفي رأيي أن إصلاح التعليم لا يقتصر على عنصر ولا على فئة دون أخرى، ولا على الوزارة فقط؛ لكنها إذا ما استكملت خطة الإصلاح والتطوير، ونجحت في أن تجعل المجتمع والجهات المعنية في دائرة الشراكة الحقيقية معها، فستغيّر أمورًا كثيرة؛ إن كان في التعليم العام والعالي، أو في المجتمع ودور الأسرة وسوق العمل.في الفصل المدرسي كما في قاعات التعليم العالي يكون بناء العقل، وتكوين الشخصية، وتحديد بوصلة الأجيال طبقًا لما يحتاجه الوطن، وما نريده أن يكون من خلالهم. وهذا لا يتحقق إلا برؤية واضحة لصفات ومواصفات القائمين على التعليم؛ من إدارة مدرسة، ومعلمين ومعلمات، وأيضًا المناهج والإمكانات العلمية والتدريبية، والأنشطة اللاصفية. وكل هذا ليس بالأمر السهل ولا بالفوري، وأي قرار يستهدف الإصلاح والتطوير يأتي بنتائجه فقط عندما تنتهي كل هذه الأسس وتتكامل خاصة العنصر البشري، وبدون ذلك لن نخطو خطوة، أو الحد الأدنى إن حدث.مثلاً: القائمون على التعليم إن لم يؤمنوا بالقدرات وتطوير الذات سيكون عملهم روتينيًّا، وإن لم تحل مشكلاتهم وتذلل العراقيل، سيصيبهم الإحباط، والذي لا يؤمن بالتطوير وليس لديه ما يبذله لبناء المتعلمين، لن يبدع، وستكون حصته كمن “يقول كلمته ويمشي”، فهم من فهم، وجهل من جهل.. وحتى الآن نرى حصصًا دون معلمين ومعلمات، ومنهم من يدخل فصله والنعاس يغالبه من السهر. وإذا تحدثنا عن التخصص، فلا أظن أن كثيرين يحرصون على مطالعة مراجع في مواده العلمية التي يدرسها لطلابه، وأكبر خطأ إلى درجة الذنب أن يهدر معلم ومعلمة حق الدارسين في أن يستفيدوا كما يجب في حصتهم، ويساهموا في بناء عقلهم وشخصيتهم في تلازم بين التربية والتعليم، ويحفزونهم ويغرسون فيهم قيمة العلم والبحث والتميز وتنظيم الوقت وإدارته.. وهذا لن يقدمه معلم أو معلمة إلا إذا كانا يعتقدانه.في هذه الجوانب نعلم أن الوزير لديه تجربة مهمة وخبرة تربوية في مؤسسة حضارية هي الحرس الوطني، الذي جمع مقومات رائعة في بناء الإنسان المواطن نظامًا وانضباطًا وثقافة وتربية وتعليمًا ورعاية وتفوّقًا في كافة المجالات، ورغم اختلاف التجربة في جوانب كثيرة؛ إلا أنها تتفق في رسالة مشتركة هي بناء المواطن، ووزارة التربية والتعليم هي حجر الزاوية باعتبارها الأساس لما يعقبها من مراحل.من أجل ذلك يجب أن يكون العمل التربوي روح المرحلة المقبلة؛ ليس خططًا ولا شعارات وأفكار فقط، وإنما قناعات وممارسة لدى الجميع، فالتعليم العام هو الأساس في صياغة المجتمع علميًّا وأخلاقيًّا، وهذا ما يجب استيعابه من كل المجتمع.. أسأل اللّه التوفيق
|