رد: المقال التربوي الاحد 12/7
صحيفة اليوم:الأحد 12 رجب 1430هـ العدد:13169
أطفالنا يوم المدرسة الأول
نعيمة الغنّام
ربما يستغرب البعض من طرح هذا المقال ونحن على أبواب الإجازة .. لكن القرب من الأطفال ، ومعرفة أحوالهم حتمت علي ذلك.. فقد سألت أطفالا من العائلة في الصفين الثاني والثالث الابتدائي عن حبهم لمدارسهم.. فجاءت الإجابة بلا!!! فهل يشكل اليوم المدرسي الأول للأطفال هاجس يوم غير محبب لديه يستمر معه؟إن اليوم المدرسي الأول يشكل مشكلة كبيرة للكثير من الأسر، فعلى الأم والأب أن يواجها تردد الطفل الذي يصل أحيانا لحالة خوف شديد، وتعود رهبة بداية توجه الطفل لأول مرة للمدرسة والتي يمكن أن تمتد لعدة أيام، لأسباب عديدة منها عدم تعود الطفل على الاستيقاظ مبكراً ، وكذا عدم تعوده على التفاعل المفتوح خارج البيت، والالتصاق بالأم بشكل دائم، بالإضافة لعدم بداية التعلم داخل البيت، وغيرها من أسباب.وقبل أن نتحاور عن بعض الأفكار للتعامل مع الطفل في اليوم الدراسي الأول، أود أن أطرح عليكم أحد جوانب التعليم الجيد من منظور الجودة الشاملة في التعليم وأقصد بهذا الجانب، بداية عملية التعلم للأطفال قبل بداية المدرسة، وهذا الجانب - غير المرئي - من جوانب جودة التعليم يحتاج للكثير من البحث لتتحول مرحلة ما قبل المدرسة إلى مرحلة تمهيدية حقيقية تجعل الالتحاق بالمدرسة عملية طبيعية سهلة، فالطفل فعليا يتعلم بشكل دائم منذ يومه الأول بشكل غريزي، وعملية التعلم لا تتوقف وتمثل تلك المرحلة خطورة بالغة حيث يوضع خلالها الأساس الذي تقوم عليه باقي مراحل التعلم، ويجب مراعاة عدة أمور هامة حيث يجب أن يظل التعلم غير مباشر فالطفل بتلك المرحلة يرفض التلقين، فالطفل يستكشف البيئة المحيطة بنفسه وعلينا فقط أن نوجهه لا أن نلقنه ونردد عليه التفرقة بين الخطأ والصواب، كما يجب أن لا نتعجل بفرض مفاهيم مجردة على ذهنية الطفل مثل الخير والشر، كذلك من الأخطاء الشائعة بتلك المرحلة تحميل الطفل بواجبات إلزامية، فيجب أن يكون اللعب هو الأسلوب الأول للتعلم، كما يجب عدم التعجل وعقد المقارنات بين الأطفال، فالتعلم واكتساب المهارات يختلف من طفل لآخر ويمكن أن يكتسب طفلة مهارة معينة بالسنة الأولى من عمره ويكتسب آخر نفس المهارة بالسنة الثانية أو الثالثة ولا يعد ذلك تأخر طالما يكتسب الطفل مهارات أخرى.وعلينا أن نجعل العام السابق على المدرسة مرحلة تجريبية للأساليب والأدوات التي سيجدها بالمدرسة، و أن يحدث ذلك بالتدريج وعن طريق اللعب والتفاعل المباشر المرح، وبالطبع ليس علينا أن نحول البيت كنموذج للمدرسة بل المطلوب فقط ألا يجد الطفل المدرسة كمكان مغاير تماما لما يعرفه.والتربية بتلك المرحلة أيضا نتوقع أن تكون شاملة بالمعنى النفسي والاجتماعي، فالتربية والتعليم والتعلم للطفل قبل المدرسة تعتمد بالأساس على الأمان والدفء الذي يحيط بالطفل داخل الأسرة، كما تعتمد على المحيط الاجتماعي الذي كلما اتسع زادت قدرة الطفل على التفاعل مع الآخرين بحرية وبلا خوف، ومن الأخطاء التي يجب أن نتلافاها حجب الطفل عن الغير وفرض طرق محددة لآداب التعامل ، لا ننسى أن للطفل عالما يختلف عن عالمنا.وأخيرا علينا أن نمهد لليوم الأول للمدرسة بهدوء، وأن نواجه خوف الطفل بمنحه المزيد من الأمان والثقة بالنفس، والحقيقة أن التطور الملحوظ في أساليب استقبال المدارس للأطفال ومنحهم الطمأنينة والمرح تساعد كثيرا بتقليل مشكلات ذلك اليوم، لا يجب أن يشعر الطفل أن المدرسة مرحلة الخروج من الطفولة وحرمانه من براح خياله الواسع بل يجب أن تكون بداية لتطوير مهارات الطفل وفتح مجال التعلم أمامه، فقط علينا أن ندع الطفل يقبل بشغف وحب على المدرسة بحيث تمثل له بيئة طبيعية يتألف مع كل مكوناتها ويتفاعل مع أقرانه ومعلميه بحرية.ألستم مشتاقين مثلي أن نرى ابتسامة دائمة على ثغر كل طفل ، وطالب عند خروجه من منزله إلى مدرسته ؟
|