رد: المقال التربوي الاحد 12/7
المدينة : الأحد 12-07-1430هـ العدد : 16874
المعلمون والمعاناة والتقاعد المبكر
علي خضران القرني
* كثيرًا ما تساءلت عن أسباب ارتفاع نسبة التقاعد المبكر بين صفوف المعلمين في كل عام.. والتي تفوق نسبة عدد المتقاعدين النظامية بشكل ملحوظ.. وقد حاولت الحصول على إجابة مقنعة في هذا السبيل؛ لكنني لم أوفق رغم حرصي على معرفة ذلك!
* وتمر الأيام وتزداد هذه النسبة في كل عام، ويظل تساؤلي قائمًا حولها دون نتيجة. فأخذت أتلمس الأسباب من بعض المحالين أنفسهم، ومن خلال حضور مناسبات تكريمهم، ومن استطلاع آراء البعض ممن لا زالوا على رأس العمل، فبدت لي عدة أمور منها:
* الكل يعلم أهمية رسالة المعلم في المنظمة التعليمية، والدور الريادي التربوي الذي يؤديه من خلالها؛ بدءًا من المرحلة الابتدائية (الأم) التي ترتكز عليها قاعدة انطلاق الطالب في مراحل حياته الأولى إلى آخر المراحل التعليمية التي يمر بها، وينصقل خلالها نحو النمو والتكوين رأيًا وفكرًا وحياة، والشعور بالمسؤولية وحق المواطنة وصدق الانتماء وثبات المعتقد حتى ولوجه عالم الحياة العملية من أوسع أبوابها.
* والمعلم القديم عملة نادرة قد لا تتكرر في الكيان التعليمي، والحفاظ عليه وتوفير الأجواء التي تمده بالقوة والاستمرارية ناحية هامة وضرورة ملحة تقتضيها العملية التربوية.
* ومن استقرائي للقضية وما حصلت عليه من آراء وإجابات في هذا الصدد؛ وجدت أن السبب الرئيس في إقدام العديد من المعلمين على التقاعد المبكر يعود للضغوط النفسية التي يعيشونها، والتي تنعكس سلبًا على عطائهم، والحد من استمراريتهم، وخاصة بين صفوف القدماء منهم.
* يقول أحدهم -ممن تقاعد مبكّرًا-: (لولا حاجتي وتحسين أحوالي المادية للحصول على المكافأة التي تصرف لمن يمضي (31) عامًا لتقاعدت قبل ذلك).
* ويقول آخر: (ألا تعلم أن نسبة غير قليلة من المعلمين أصيبوا خلال عملهم بأمراض نفسية كانت سببًا في تركهم العمل، والاستقالة أو الاحالة المبكرة للتقاعد؟).
* ويقول ثالث: (هل سبق أن قرأت أو سمعت أن الجهات المعنية في وزارة التربية قامت بعقد ندوات ولقاءات للمعلمين على مستوى المناطق تستطلع من خلالها أوضاعهم ومعاناتهم، وتسعى جاهدة لحلها؟ فما نقرأه ونسمعه من لقاءات واجتماعات وتعميمات كلها تدور حول تحميلهم المسؤولية والقصور في الأداء دون بحث معاناتهم والاستماع إلى آرائهم، وما يجدونه من معاناة ومشقة غير محسوسة أو ملموسة!
* إن أجواء المعلمين تحتاج إلى تنقية عامة تزيل ما علق بها من قتامة كانت السبب في تعكير صفو حياتهم العملية.. ولن يتأتى ذلك إلا بالنزول إلى الميدان والمشاركة الفاعلة في تلمس أوضاعهم العامة على الطبيعة.. وتقديم ما يجب تقديمه لهم من حوافز وتحسين أوضاع، والتخفيف من أعبائهم التعليمية وغيرها؛ وخاصة الرعيل الأول منهم المشبّع بالخبرة والدراية الطويلة، حرصًا على استمراريتهم، فهم كنزها الثمين الذي لا يفنى.
* إن هناك العديد من السلبيات التي تواجه المعلم، وتحد من عطائه ونشاطه؛ لا تتسع لها هذه المساحة؛ بل تحتاج إلى دراسة شاملة ومنصفة ممن يعنيهم الأمر.. فهم أدرى بها وبخلفياتها وأسبابها وكيفية علاجها. فهل هم فاعلون.. أرجو ذلك.
* وصدق شوقي في حق المعلم وتقديره بقوله:
قم للمعلم وفّه التبجيلا
كاد المعلم أن يكون رسولا
|