رد: المقال التربوي الاحد 12/7
المدينة : الأحد 12-07-1430هـ العدد : 16874
اختبارات.. اختبارات
د. محمد سالم الغامدي
يبدو أن حالات سوء التخطيط في أنظمتنا التعليمية على مختلف مستوياتها قد تجاوزت حد العناصر الأساسية للعملية التعليمية إلى أمور أخرى ذات علاقة وثيقة بها؛ وهي ما يطلق عليه الاختبارات أو قياس التحصيل الدراسي، حيث أصبح من اللافت تعدد تلك الاختبارات وتنوع طبيعتها، حتى أصبحت في حد ذاتها هدفًا لا وسيلة، ويبدو أن ذلك الهدف أيضًا قد انحرف مساره في بعض الجوانب حتى أنه أصبح ماديًّا أكثر من كونه قياسًا لمدى التحصيل أو قياسًا لحجم القدرات والمهارات، ولعلي هنا أجدها فرصة لمناقشة جوانب هذه الظاهرة التي أرى أنها ستصبح مشكلة مستعصية قريبًا إذا لم يتداركها المسؤولون. ولنبدأ أولاً باختبارات التحصيل الدراسي داخل المدرسة، والتي أصبحت الشغل الشاغل للمعلم والطالب على حد سواء، حتى غدا وقت المعلم مستهلكًا في الإعداد والتصحيح لتلك الاختبارات، وحتى الطالب نفسه أضحى وقته مستهلكًا في أداء تلك الاختبارات والضحية في مقابل ذلك التحصيل الدراسي نفسه والمناشط التربوية والمهارية التي يستوجب أن يتقنها الطالب داخل أسوار المدرسة وهذا لا يعني ان نغفل قيمة تلك الاختبارات فهي امر مطلوب ولكن يجب ان تكون مناسبة وملائمة لحجم المحتوى المقرر المدرسي حيث اصبح من اللافت تنامي الاسلوب العشوائي الذي يمارسه اغلب المعلمين انطلاقا من مبدأ “مشّي حالك”، أو “هكذا يريد المسؤول”، ونتيجة لذلك يحدث الكثير من الخطأ في قياس مستوى التحصيل وخاصة اذا لم تنطلق اسئلة تلك الاختبارات من اهداف سلوكية قد احسن اعدادها علميا، فالقضية اصبحت مجرد اختيار لمسايرة الركب فقط لا لقياس التحصيل الدراسي واهمال سافر لقياس المهارات الاخرى. وانا على يقين ان من لديه ابناء في مدارسنا يشعر بحجم هذه القضية التي تعد نتيجة لسوء التخطيط وستكون محصلتها مخرجا أجوف لا يملك أدنى المهارات والقدرات الاخرى وهذا ما بدأت تكشفه اختبارات القدرات التي فرضت على طلاب المرحلة الثانوية. وفي جانب آخر نجد أن طالب المرحلة الثانوية يستوجب عليه ان يتقدم لاختبار القدرات التي اعدها مركز قياس وهي فعلا تعد اختبارات ممتازة ومقننة لكن الذي يعاب عليها هو اتخاذها المنحى المادي فيما يتعلق بالطالب الذي يستوجب عليه دفع مبلغ مائة ريال عند الأداء مع تكرار ذلك المبلغ عند تكرار المحاولة فلماذا لا تقوم وزارة التعليم العالي او وزارة المالية بتحمل مثل تلك التكاليف وتكون مجانية بالنسبة للطالب او انها تكون متضمنة لاختبارات الصف الثالث الثانوي وتكون ضمن المنهجية المتبعة في المرحلة الثانوية لقياس الاداء وهذا أيضا ينسحب على الاختبارات التحصيلية التي فرضت ايضا على طلاب المرحلة الثانوية واصبحت من المعايير المطلوبة لدى جامعاتنا كاختبارات القدرات وهي ايضا اختبارات تحصيلية قد احسن اعدادها وتعد عالية الدقة في قياس التحصيل لكن الذي يعاب عليها ايضا هو أن على كل طالب ان يقوم بدفع مبلغ مائة ريال اخرى كرسوم لادائها وهذا امر فيه الكثير من الارهاق للطالب ثم ولي أمره. اقترح ان تخصص تلك الاختبارات التي هي القدرات والتحصيل الدراسي لتكون المعيار الذي يقوم من خلاله طالب المرحلة الثانوية بدلا من الاختبارات العامة المعروفة او ان يتم دمجها سنويا لتكون معيارا واحدا يقاس من خلاله مستوى التحصيل العلمي والمهاري للطلاب وهذا امر أرى أنه سيكون مثمرا الى درجة كبيرة ومحققا لأهداف عدة منها ما يتعلق بالطالب نفسه ومنها ما يتعلق بجامعاتنا الموقرة ومنها ما سيكون محققا لمتطلبات سوق العمل.وفي جانب آخر نجد أن جامعاتنا الموقرة قد اختلفت اختلافا بيناً في اسلوب تعاطيها مع نتائج تلك الاختبارات فالبعض منها حدد معايير قبول الطالب على أساس 50% تكون على الاختبارات التحصيلية و20% على اختبارات الثانوية العامة و30% على أساس اختبارات القدرات والبعض الآخر حددها على أساس 50% على اختبارات الثانوية العامة و20% على اختبارات التحصيل الدراسي و30% على اساس اختبارات القدرات. ولعل هذا الاختلاف يدخل الطالب في دوامة كبيرة حيث نراه يتجه حسب حجم الدرجات التي حصل عليها سلفا لا على أساس الرغبة والميول الخاصة به ولا اعلم سر هذا الاختلاف فالكل له تبريره والكل يرى أنه على حق والطالب حتما يكون الضحية لكن المؤكد ان ذلك يكشف مدى الخلل في نظام جامعاتنا وفي نظام التعليم.
والله تعالى من وراء القصد.
|