رد: لـــحـــن الــقـــــــــــــول
القَعود والخَلِفات !!
يبلغني الثناء على لحن القول كلَّ حين ( وخير الحديث ما كان لحنا .. ) وربما اهتز المرء للمدحة يسمعها فلم يجد ما يقوله إلا أن يذم ما مُدح به إظهارا للتواضع، فيقال : هو متواضع أيضا فيكسب مدحتين ، وربّما كان ذمّه لما مدح به شبكة أخرى يلقيها ليصطاد ثناء آخر ويستدرّ به توكيدا وإعادة لما سمعه ، والغفلة في مقامات الانفعال مذمومة ، وقد يكون ذمه كسرا للعُجْب ، أو تلميحا إلى ريبةٍ في صدق المادح ، وفي النفوس سرائر يعلمها اللطيف الخبير ، وفي مساء الاثنين الذي قبل الذي قبل الذي مضى ببطن مكة من بعد أن سمعت طرفا من الثناء عليه .. سأل أحد الأشياخ ، أو الشُّيوخ ، أو الشِّيَخة ( بفتح الياء أو إسكانها) أو المشْيُوخاء ، أو الشيخان ، أو المَشْيَخَة ، عن ( الخَلْفَات ) من الإبل ، كما سأل القوم وهم قُعود عن كلمة ( القَعود ) ؟ وهذا تفصيل ما أجمل من الجواب ثَمَّ .. إن الممارس لأساليب العربية الخبير بتصريفها واشتقاقها يدرك الفرق بين اللفظ العربي وغيره .. ولو لم يكن لديه دراية تامة بالكلمة .. ومثل هذه الألفاظ المعروفة الاشتقاق والتصريف لا تخفى عربيتها وإنما يقع التحريف فيها – إذا لم تبق على ما هي عليه – بتقديم أو تأخير أو تغيير في الحركة أو السكون أو بزيادة أو نقص أو توسع وتجوز ، ومن ذلك هذان الاسمان ، فـ( الخلفات ) نقولها اليوم بإسكان اللام والمنقول عن العرب كسر اللام ، خَلِفة ، كملِكة ، ويقول اللغويون : إن جمعها ( مَخَاض ) على غير قياس ، يقال : نوقٌ مخَاضٌ وناقة خلِفة ، كما قالوا عن المرأة : جمعها نساء أو نسوة ، و ( الخَلِفة ) الناقة الحامل .
وأما القعود : فهو البكر من الإبل وما أمكن أن يركب ، وقال ابن الأثير : القعود من الدّواب ما يقتعده الرجل لركوب الحمل ، وجمعه (قِعدان ) ثم قعادين ، وهو جمع الجمع .. والحاصل أن كلا من اللفظين عربي فصيح ، غير أنه طرأ عليه شيء من التحريف في النطق فتضمه العامَّة وهو بالفتح .
|