عرض مشاركة واحدة
قديم 07-09-2009   رقم المشاركة : ( 3 )
صقر قريش
مشرف الأقسام التعليمية

الصورة الرمزية صقر قريش

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 2814
تـاريخ التسجيـل : 22-08-2008
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 31,556
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 596
قوة التـرشيــــح : صقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادة


صقر قريش غير متواجد حالياً

افتراضي رد: المقال التربوي الخميس 16/7

المدينة:الخميس 16-7-1430هـ
“حوار” . . مع “الوصاية” !
فيصل سعد الجهني
تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين، وبحضور سماحة مفتي المملكة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ، ورئيس اللقاء الوطني للحوار الفكري ونائبه وزير التربية والتعليم بدأت السبت الماضي فعاليات ملتقى المدربين المعتمدين الذي ينظمه مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني في قاعة الملك فيصل للمؤتمرات(بالرياض) . وإذ أثمن هذه الرعاية الكريمة لمليكنا المحبوب الذي لم يألو جهدًا في المناداة بأهمية الحوار دائمًا، في الداخل والخارج على السواء، وذلك الحضور الرفيع لسماحة شيخنا المفتي، وجهود القائمين على مركز الملك عبدالعزيز للحوار، والذين أثق تمامًا بنواياهم النقية ومقاصدهم السامية من أجل إقامة تلك الحوارية المنتظرة، فإني في اللحظة ذاتها ألمس ضعف (ولنقل غياب) مخرجات ما يختلج في أروقة ذلك المركز من عمل مخلص وجاد منذ تأسيسه من سنوات! . ويعود سبب ذلك الغياب المؤلم -كما أرى وازعم- إلى ارتهان قيمة الحوار الكبيرة والحاسمة والنبيلة داخل لحظة واحدة وفضاء واحد، هو الزمن الذي يشهد فيه ذلك المركز مثل تلك الفعاليات القولية الجاهزة، دون أن يتجاوزها إلى كل -أو حتى جل- لحظات حياتنا المتسعة عبر كثير من الفضاءات في حياتنا اليومية (المدرسة،الشارع،الحي،الجامعة،النوادي الثقافية . . ) . فلا يكفي على الاطلاق لنرى تأثير تلك القيم الحضارية العظيمة في واقعنا أن نختزلها في بيانات وأوراق عمل جاهزة . هل يعقل أن نشيد -مثلاً- مبانٍ ونقيم فعاليات دعائية للحب والتكافل -زاعمين أنها تحقق سقف الكفاية- ونمارس خارجها البغض والمقت والقطيعة!فقيمة الحوار كقيم النبل والحب والمعرفة، والتي تنسل مفرداتها جميعًا بسلاسة وقوة إلى انساغ الأراضي القريبة والبعيدة داخل مجتمعنا، وإلى عقل ووجدان كل الأطياف الممثلة لنسيجنا الوطني، متى ما توافرت لها شروط رئيسة (طبيعية) في أي زمان وتحت أي سماء . ليس ثمة تناسب طردي بين إنتاج (الحوارية) في مجتمعنا وبين تقادم الزمن وتراكم الفعاليات والنداءات؛ بل إن الشواهد المناوئة للحوار والتسامح هي التي تتنامى وتزداد في كل مرة! ليس بوجود ذلك المركز وحده، وإنما -حتى- مع ازدياد أعداد مدارسنا وجامعاتنا وقنوات إعلامنا المتنوعة . فلا شك أنكم تتابعون معي ما يحدث دائمًا في كل معرض سنوي للكتاب برعاية (رسمية) من مؤسساتنا الثقافية أو التعليمية عندما تحضر دائمًا بعض الفئات التي لا تجئ لكي تشارك في الندوات أو لتشتري الكتب أو لتحاور المثقفين والكتاب، وإنما لتراقب وتعاقب وتثير الشغب وتمارس الاعتداء متوهمة بأنها تمثّل الفكر الصحيح والأخلاق الفاضلة، مقررة أن تخضع المجتمع قسرًا لقناعاتها وتحرمه من حقه في المعرفة والثقافة وتلمس أطياف الجمال . . حدث هذا في معرض الكتاب الأخير (بالرياض) . وبعدها بفترة بسيطة اضطرت إحدى إدارات جامعاتنا العريقة إلى إلغاء محاضرة لأستاذ النقد ونظرية الأدب الدكتور عبدالله الغذامي نتيجة للضغوط الهائلة من التيار المتطرف داخل وخارج الجامعة . ولعلكم تذكرون ما حدث في إبريل الماضي (فقط)حين اضطر 200 رجل أمن أن يحولوا نادي الجوف الأدبي إلى ثكنة عسكرية يتقدمهم مدير شرطة الجوف، نتيجة للتهديدات السافرة قبل الأمسية والتي طالت رئيس النادي ذاته، بسبب مشاركة شاعرة! أما أثناء الأمسية فقد اقتعد ما يقارب الخمسين شخصًا ملثمًا المقاعد الأمامية برفقة صغارهم لينهضوا جميعهم بإثارة الضجيج والعبث بكل الطرق الممكنة! منطلقين من فكر (الوصاية) ذاته الذي يجعل حفنة من الجهلة هم الذين يفرضون قيمهم على المجتمع . وقبل أقل من الشهر عاد هؤلاء المتطرفون أنفسهم مكررين المعارضة والعبث قبل بدايات عرض فيلم (مناحي) في العاصمة الرياض! . . وبعد فأي حوار ذلك الذي نريده أو نترسم خطاه، وأحدنا يذهب لمواصلة دراساته العليا في إحدى جامعاتنا فيسأل في (مقابلة اللجنة الموقرة) عن رأيه في كتاب ما، فيجيب - وهو محق- بأن ذلك الكتاب لا يعتد به في مرجعيات النقد الأدبي، في مقابل احتفائه بالكتاب النقدي الحقيقي المقابل لأستاذ مثير في الجامعة الأخرى، ثم يكون هو الطالب الوحيد الذي لم يقبل رغم نجاعته واجتيازه الاختبار التحريري بمهارة فائقة؟! . أي حوار ذلك الذي نهجس بتلمس أطيافه عندما يوقفك رجل مرور وأنت تسير ببطء متعمد لظرف ما، مع أحد أطفالك، ليسجل عليك مخالفة سرعة160كم/ساعة، ثم تحاول بحرقة أن تقنعه بصدق موقفك وتحاوره طالبًا أن يقنعك هو من خلال جهازه الكاشف فيرفض بصلف وعنف بعد إلقائه نظرة سريعة على شاشته!؟وفي ظني أن ثمة شرطين حاسمين يتحقق بمنهجهما شاهد (الحوار) داخل مجتمعنا، أولهما هو امتلاك الوعي الثقافي والجمالي الذي يتجاوز الحالات النخبوية ليكون (ظاهرة) اجتماعية كلية، حين توفر القناعة الداخلية للفرد بأن للكتاب ومناشط الثقافة الدور الحاسم في صنع حضارات الشعوب، ولامتلاك ذلك الوعي الثقافي الجمالي ينبغي العمل المتزن -علميًّا وأيدولوجيًّا- على تحطيم كل السياجات الموضوعة باسم أسمى القيم: الدين والهوية والأخلاق، والتي قادت إلى إلغاء تجليات الثقافة من حياتنا وحصر كل أجناس المعرفة والجمال في مفردات شاعر القبيلة وتداعيات خطابي (الطفرة والصحوة) فحسب، وكلاهما قد انتجا هذه الثقافة التقليدية التي تنزع إلى التصلب وعدم تقبل الحوار -اطلاقًا- حول مرتكزاتها التي تبدو في رتبة البدهيات والمسلمات، لأن ممثليها الرسميين يدركون -بوعي سلبي- أن الحوار المعرفي الجاد حول مقولاتها وقضاياها ورموزها يمكن أن يخلخل بناءها الدوغمائي الصلب . أمّا ثاني الشرطين فهو ضرورة استغلال تأثير الخطاب الديني الجليل ونزاهة الخطاب السياسي المعتدل الذي بدأت إرهاصاته الحوارية منذ دخول الملك المؤسس العظيم مشكّلاً من فرقة عرب الصحراء أمة حقيقية من التسامح والتكافل . فلا شك أن (لمشايخنا) الأجلاء مهام مصيرية في الدعوة إلى الحوار وتقبل الآخر، فلا يصح -مثلاً- أن يرد شيخ جليل على أحد محاوريه -بصلف- بقوله: “أنت جغرافي من عامة الناس، ولا شأن لك بأمور الشرع والدين”، كما انا ننتظر من هؤلاء الأجلاء -قبل غيرهم- أن ينددوا في كل مرة بتلك التصرفات العابثة، التي رأينا نماذجها سويًّا في معارض الكتاب وفعاليات الثقافة . كما أن خطابنا السياسي الحكيم؛ وهو الذي قدر بنجاح منقطع النظير على التصدي لجماعات الإرهاب وخلاياه النائمة والمستيقظة في بلادنا قادر بعون الله على لجم ضجيج تلك الأصوات المشاغبة للذين يتكرر ظهورهم في كل مرة عند كل بارقة معرفة وأدب وفن تلوح هنا وهناك . . . بذلك نكون قد بدأنا خطواتنا الأولى الصحيحة من أجل إقامة حوارية حقيقية بصياغة إنسانية طبيعية (فعلية)، وإلا سنظل كمن يشيد بناء واحدًا تصدح فيه نداءات الحق والخير والجمال، زاعمًا أن ذلك الفعل المصنوع يكفي لإثبات وجود كل تجليات الفضيلة في المجتمع . مع أن البيوت والدروب ومؤسسات التعليم والثقافة تمور بضجيج الصراخ المناوئ للفضيلة،، وقطعًا (للحوار) .

آخر مواضيعي
  رد مع اقتباس