رد: المقال التربوي ليوم الجمعة
الجزيرة:الجمعة 17 رجب 1430هـ العدد:13434
تأنيث التعليم و(حقوق المرأة)
نورة بنت سليمان الخويطر
حقوق المرأة في اعتبار البعض هي ملف سري محاط بأسلاك شائكة لمن أراد تناول شيء منه، وهي من المسكوت عنه خشية اللاسيطرة على الأمثلة والدلالات التي من الممكن تدفقها مع عجز المحاور عن مواجهتها - سواء أكان رجلاً أو امرأة - حتى أن البعض يصل حد المراء حين يأتي الحديث عن مستوى نيل المرأة لحقوقها! مع تباين دوافع هؤلاء بالطبع إزاء ذلك . على أنه تم سابقاً تحليل هذه القضية من عدة جوانب وعبر مختلف وسائل التواصل الإنساني، إلا أنني هنا سأعرض صوراً واقعية من محتويات هذه الملفات قد تكون معلومة لدى فئة من المهتمين وقد يستصغرها آخرون لكنها في الحقيقة مؤشرات واضحة على انتقاص لحقوق المرأة داخل المنظمات ثنائية الجنس - إن جاز لنا القول - كالتعليم مثلاً والذي يتجه الآن وبقوة إلى سياسة جديدة تعتمد على التأنيث لعلها تستبدل هذه المؤشرات بأخرى إيجابية دافعة مسثمرة لمزايا المرأة المخلصة المنتجة بأقصى درجات الإتقان .
* المؤشر: الدور المنقوص الذي تلعبه المرأة داخل بيئة العمل فهناك من الرجال من يعمل وفق قناعة {وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} التي يوظفها في غير محلها وذلك تجاه ما يقدم من أعمال أو قرارات مغفلاً بذلك تأهيل هذه الموظفة وتخصها في مجالها فلا بد من فرض دمغته على ي عمل حتى وإن كان لا يحيط به خُبراً، بل حتى أنه بإمكانه إيقاف قراراتها أو تهميش مقترحاتها .
* المؤشر الثاني: النمط الديكتاتوري الذي يظهر كأسلوب لإدارة المنظمة من قبل البعض حتى لو أعلن أو ادعى ذلك المدير ديموقراطيته مع مرؤوساته، ويعزز بعض السلوكيات المتسلطة منه كون تربية الأسرة وقيم وعادات المجتمع لدينا ترتكز على تقدير وتوقير الرجل والكف عن مناقشته فيما أمر أو حتى البحث عن منطقية الأمر نفسه ناهيك عن استنكار مناقشة القرارات الصادرة من قبل المعنيات . فالمسؤول عندما يريد أمراً فهو النافذ ومن أجله يمكنه أن يشوه الهياكل التنظيمية في إدارته وله أن يخلط الأدوار ويمنح من يشاء الإذن يتخطى الصلاحيات ويستثني من يشاء من تطبيق النظام ويكف آخرين عن حقوقهم أما المبرر فهو باختسار (أنه رأى ذلك) وكفى!! لماذا؟ لأنه مطمئن لاستحالة مساءلته .
* المؤشر الثالث: حين يبرع المدير في توزيع الأدوار على مرؤوساته مستفيداً من مهاراتهن وقدراتهم ويوظف عند الحاجة تميز إحداهن ليخرج بمنجزات ينسبها لنفسه ويباهي بها الأمم لينال عليها الثناء والإطراء في كبريات المحافل ويتخذها سلماً نحو الارتقاء الوظيفي، ويقف الحياء مع شيء من التردد حائلاً دون المطالبة بحفظ حقها الأدبي ويذهب معه حتى أقل مظاهر التقدير الذي تستحقه - والذي لا يكلفه شيئاً -!!
* المؤشر الرابع: تعمل المقارنات الزمانية (لوضع المنظمة الحالي بوضع سابق لها) والمكانية (بين وضع المنظمة والمنظمات الإقليمية المماثلة أو الموازية لها) على تقديم صورة واضحة للتأثير الإيجابي أو السلبي لتولي مسؤول ما عليها، فهو قادر على إعلاء كلمة إدارة ما بقناعته ودعمه أو على العكس إطفاء جذوة حماس موظفاتها مهما بلغت وإصابتهن بالإحباط وربما الانسحاب نتيجة تكرار سلوكيات مثبطة مغايرة للتوقعات مضافاً إليها جرعات من الإهمال والتجاهل .
وهنا يمكننا أن ننسب 80% من نجاح أو فشل هذه الإدارة إلى توجهات القيادة نحوها وما تجده من دعم ومؤازرة وتشجيع، ويُخشى معه أن تظهر معايير جديدة للنجاح معتمدة على قرب أو بعد المسؤولات من هذا القائد وقناعته الشخصية لا المهنية بهن!!!
* المؤشر الخامس: الاختلاف في توزيع الإمكانات بين الإدارات أو على مستوى الأقسام في الإدارة الواحدة من الكوادر والتجهيزات والتقنيات والمساحات المخصصة كمكاتب ومرافق يأتي ليبرهن أيضاً على هضم الحقوق إذ لا أثر للعدالة هنا ولا مبررات معلنة للفروق الواضحة وبذا يفتح المسؤول باباً واسعاً للشائعات عن سر هذا التطفيف بين الموظفات!! ولصالح من؟؟!! وهنا لا يحق أن نعجب من انحسار الرضا الوظيفي لديهن .
* المؤشر السادس: حق الموظفة في الاطلاع أو حتى معرفة درجة وتقدير أدائها الوظيفي عندما يكون رئيسها رجل والذي غالباً ما يحتمل أحد أمرين إما أنه لم يُعد أصلاً وحينها انقطع الأمل في معرفة نتاج جهدها لعام كامل ومن تلقي تغذية راجعة على أدائها كأبرز أهداف التقويم، أو أنه قد يعده دون وضوح في منهجية عملية التقويم هذه حيث لا ترى الموظفة أساليب القياس والتقويم المعروفة وهنا نقفز بتفسيرنا إلى أساليب أخرى أقل كفاءة وأكثر بعداً عن النظام تسيرها الأحكام الشخصية، وهذا باستطاعته أن يؤثر في مستوى الثقة بين الرئيس والموظفة كونه يأمر الناس بالبر وينسى نفسه!!
* المؤشر السابع: وهو الكيل بمكيالين (إذ تتساهل الجهات الرقابية داخل المنظمة الواحدة مع الرجل وتحاسب المرأة بدقة) فعلى الرغم من أن الموظفة هي الأحوج إلى المراعاة فيما يخص الاستئذان أو التمتع بالإجازات كونها أم وزوجة وابنة مع ما تستدعيه هذه الأدوار من تبعات أو ما يطرأ من ظروف، إلا أن ما يحدث هو العكس إذ يمكن للرجل أن يخرج منتصف الدوام لقضاء بعض الأعمال الشخصية والتوقف في المنزل وقد يتداول في الأسهم لبرهة، وقبيل عودته للمكتب أن يُعرج على سوق الخضار، ولا ننسى أن من حقه الخروج مرة أخرى للصلاة وتوصيل الزوجة والأبناء، يحدث كل هذا وسط تقبل الجميع ودون تبرم من أي مسؤول وبلا ملاحقة ولا أصابع اتهام وبلا أي أثر يسيء إلى سيرته المهنية!؟ وبالنسبة للمرأة فإن عدداً من الاستئذانات وإن كانت رسمية مضافاً إليها كماً من الإجازات النظامية تعتبر قواصم ظهر من شأنها أن تعطي صورة المقصرة عنها وقد تستبعد بسببها من الترقيات والتكليفات بمناصب أعلى .
ما تقدم لا يعني أننا نعمم وجود هذه الملفات في كل المنظمات ولكن أيضاً نحن على يقين من مشاركة أكثر من منظمة لذات الهموم المذكورة ومن الضروري أن نحدد الخطوة في مسار التصحيح والتي قد يراها البعض في وقوف المرأة نفسها للحصول على حقوقها في بيئة العمل، وآخرون يرونها في حسن اختيار المسؤولين العدول الثقات ابتداء، مع جدية متابعة الجهات العليا المشرفة على المنظمات لإنصاف المرأة العاملة . أما من وجهة نظري فالخطوة الأولى هي اشتراك العاملين والعاملات في المنظمة في وضع قيم حاكمة تُسير العمل تكون معلنة وملزمة للكل يتساوى أمامها الجميع دون تمييز تحفظ لهم حقوقهم وبالتالي تقود إلى الانتماء فالولاء المطلوبين .
- مديرة التخطيط والسياسات - عنيزة
|