[صقر قريش]

الجزيرة:الاربعاء 29 رجب 1430هـ العدد:13446
بعد أن زادت الفجوة بين المعلمين
يا وزارة التربية اعدلوا بين معلميكم
عبد الرحمن بن محمد الخريف - بريدة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته... وبعد:
اطلعت على الخبر المنشور بعدد الجزيرة (13433) وتاريخ الخميس 16 - رجب - 1430هـ - عن دعوة وزارة الخدمة المدنية للراغبين في الوظائف التعليمية تسجيل بياناتهم على موقع الوزارة.. وبهذه المناسبة أسطر بعجالة هذه المقالة على صفحات جزيرتنا الناصعة فأقول:من يتابع وبتواصل لبلادنا يجد التطور المطرد يوماً بعد يوم حتى يخيل للمرء المنصف أننا نسابق الزمن لنلحق بركب البلاد المتقدمة، ولا يمكن أن يحدث هذا التقدم لو لم يكن هناك الكثير من التطوير والتجديد والتغيير والعمل على تطوير كل مجال من مجالات الحياة.والتعليم يعتبر المضمار الأول والركيزة الأساسية لمقياس التقدم، ونظراً لاستشعار الدولة حفظها الله بهذا الجانب، فقد عملت على بذل جميع السبل وتذليل المعوقات والصعوبات وعملت، وفقها الله، للرفع من مكانة جميع المنتمين لهذا المجال الحيوي وخاصة ما يتعلق بالمعلمين، حيث وفرت لهم جميع متطلبات النجاح والتفوق، وأزاحت عنهم كل ما من شأنه أن يعوق إبداعهم وعملهم. وفي هذه الأسطر سأتناول أمراً أقلق فئة من المعلمين وجعلهم يحسون بالظلم والغبن، وهذا الأمر هو عدم مساواة معلمي المرحلة المتوسطة والثانوية بمعلمي المرحلة الابتدائية, فكان التمييز والحظوة منذ القدم لمعلمي المرحلة الابتدائية، وفي السنوات الأخيرة زادت فجوة التمييز لمعلمي الابتدائية وزاد العبء على معلمي المرحلتين المتوسطة والثانوية , وسأعرض هذا الأمر من خلال نقاط توضيحية وذلك للاختصار والتبسيط قدر المستطاع:
1 - عندما يعين المعلمون في أي سنة من السنوات فإنهم يتوزعون على مراحل التعليم الثلاث (الابتدائية , والمتوسطة، والثانوية) ويكون التعيين على مستوى ودرجة وظيفية واحدة ويكون الراتب متساوياً لجميع المعلمين، وكأن التدريس في المرحلة الابتدائية لا يختلف من حيث الصعوبة والمعوقات عن التدريس في المتوسطة أو الثانوية.
2 - إن أنصبة الحصص تكون متساوية (24 حصة في الأسبوع) وتختلف الأنصبة حسب احتياج كل مدرسة، بحيث تقل غالباً أنصبة معلم الابتدائية عن المعلم في المتوسطة والثانوية وذلك لقلة عدد فصول وطلاب المدارس الابتدائية.
3 - إن التدريس والتكميل في أكثر من مدرسة يكون في الدرجة الأولى من نصيب معلم المرحلة الثانوية ثم المتوسطة ويندر أو ينعدم في المرحلة الابتدائية، والسبب أن معلم المرحلة الابتدائية يسند إليه تدريس أي مادة في غير تخصصه وذلك لسهولة المناهج، أما في المرحلتين المتوسطة والثانوية فلا يمكن أن يحدث هذا الأمر مما ينتج عنه التكميل في أكثر من مدرسة، وقد رأيت من يدرس في أربع مدارس علماً أن طلاب أربع ابتدائيات يدرسون في متوسطتين ومن ثم في ثانوية واحدة.
4 - أما من حيث صعوبة المواد فحدث ولا حرج فلدينا كثافة المناهج وصعوبة المواضيع ولا يمكن أن نساوي بين جهد من يشرح صفة الوضوء مثلاً في بضع دقائق لطلاب المرحلة الابتدائية وبين جهد من يشرح منهج الفرائض ومواضيع المواريث والتركات ومع اختلاف المواضيع وصعوبتها إلاّ أن الحصة تعتبر واحدة ولا فرق بينهما، فأين العدل في تقدير الجهد؟
5 - والحديث عن مشاكل الطلاب لا يكاد يذكر في الابتدائيات والمعلم فيها يخرج من بيته إلى مدرسته مرتاح البال غير قلق، ولم نسمع مرة واحدة أنه تم الاعتداء على معلم ابتدائي أو تم تهشيم سيارته أو إشهار السلاح في وجهه، أما معلم المرحلة المتوسطة أو الثانوية فهو يخرج إلى مدرسته وقد ودع أهله وهو قلق ولا يدري ما قد يحصل له من بعض الطلاب المراهقين.
6 - إلغاء نظام الاختبارات المعمول به في المتوسطة والثانوية وتطبيق نظام التقييم المستمر والمطبق في الابتدائيات، وذلك لإبعاد شبح الخوف والرهبة عن الطلاب وللتخفيف عن كاهل الأسر، وإذا كان التقييم ناجحاً فلماذا لا يطبق في المتوسطة والثانوية، وإذا كان عكس ذلك فلماذا لا يلغى من الابتدائية، علماً أن هذا النظام هو أكثر شيء زاد الفجوة في المساواة بين المعلمين وأصاب بعضهم بالإحباط والتراخي، وذلك لأنه يلزم على كل معلم وضع خمسة نماذج أسئلة لكل مادة دراسية وهذا الأمر قد سقط عن معلم الابتدائية، ولم ينته الأمر عند هذا الحد بل زاد من أوقات الراحة عند معلم الابتدائية، ولو قارنا بين وضع معلمي المرحلة الابتدائية مع معلمي المرحلتين المتوسطة والثانوية لرأينا أن معلم الابتدائية يخلد إلى الراحة في آخر الأسابيع الدراسية، بينما يعيش معلمو المتوسطة والثانوية في حالة استنفار لوضع الأسئلة ونماذجها، ثم يأتي أسبوعا الاختبارات ليغط معلمو الابتدائية في نوم عميق، بينما يحضر معلمو المتوسط والثانوية قبل بداية الدوام استعداداً للجان الاختبارات والوقوف على الأقدام لمدد تتجاوز أربع ساعات يومياً، ثم الالتحاق بلجان التصحيح والمراجعة والرصد ولا تنفض اللجان إلا بعد صلاة الظهر.. فهل العقل يسوّغ المساواة بين من هذا عمله وبين من عمله في الاختبارات هو التوقيع متى شاء ومن ثم الانصراف؟
7 - ونظام التقييم، وكما قلنا، أراح معلمي الابتدائية عن بقية زملائهم تسعة أسابيع، حيث يمضونها بالتوقيع والانصراف المباشر، وهي قمة العناء والتعب الجسدي والنفسي لمعلمي المتوسطة والثانوية، ولو حسبناها لقلنا الأسبوع الأخير من الفصل الأول مع أسبوعي الاختبارات ثم الأسبوع الخير من الفصل الثاني مع أسبوعي الاختبارات ثم الأسبوع الفاصل بين اختبارات الفصل الثاني وبين اختبارات الدور الثاني، ثم أسبوعين لاختبارات الدور الثاني ومن يشك في الأمر أو يعتقد المبالغة فعليه التكرم بالمرور على عدد من المدارس في المراحل الثلاث وسيرى من يغط في نوم عميق ومن يعج بالحركة والعمل ومن رأى ليس كمن سمع..
وختاماً: نلتمس من سمو الوزير ومعالي نائبه النظر بعين الاعتبار والمساواة بين المعلمين، وذلك طرداً للإحباط الذي أصاب الكثير من جراء هذه المميزات الكبيرة لمعلمي الابتدائيات والتي حرم منها معلمو المدارس المتوسطة والثانوية، وكذلك تحفيزاً لهم على بذل المزيد وتحسيناً لأحوالهم النفسية، فالإحساس بالظلم قد يصيب الآخرين بالإحباط والتراخي وذلك حينما يقارن معلمو المتوسطة والثانوية أحوالهم بمعلمي الابتدائية.وهذه بعض الاقتراحات التي تقرب الفجوة وتقصر المسافة وهي كما يلي:
1 - اقترح أحد المعلمين وهو حل يرضي جميع الأطراف ألا وهو تدوير العمل في المراحل الثلاث بحيث يمضي المعلم في كل مرحلة خمس سنوات دراسية، وبذا يكون قد تحقق العدل والمساواة في الفرص والمساواة وتوسيع قدرات جميع المعلمين والعمل بهذا الاقتراح لا يكلف الوزارة شيئاً ويلغي بقية الاقتراحات.
2 - قصر دوام المعلم في المتوسطة والثانوية على أربعة أيام دراسية مع بقاء أيام الدراسة على خمسة أيام ويقوم المعلم باختيار اليوم المناسب لراحته
3 - تقليل نصاب معلم الثانوية إلى خمسة عشر درساً ومعلم المتوسطة إلى ثمانية عشر درساً
4 - تكليف معلمي الابتدائيات بالعمل في لجان الاختبارات في المدارس المتوسطة والثانوية وقصر عمل معلميها على لجان التصحيح والمراجعة والرصد والتدقيق
5 - قصر العمل في المدارس الليلية على معلمي المتوسطة والثانوية
وفي الختام نقول لمن يستغرب طرح مثل هذا الموضوع أو يشك في الأمر، عليه التكرم بزيارة إدارات التربية والتعليم وليتعرف على أعداد الراغبين بالتحويل من المرحلتين المتوسطة والثانوية إلى المرحلة الابتدائية وسيرى طوابير الانتظار وليسأل عن الراغبين بالتحويل من الابتدائية إلى المتوسطة أو إلى الثانوية وسيجد القائمة تخلو من أي اسم، وأنا أعرف أحد المعلمين وضع مبلغاً مالياً تجاوز الخمسة عشر ألف ريال لمن يقوم بمناقلته من معلمي الابتدائية ولكنه لم يجد أحداً يقوم بمناقلته، وأنا أعتقد بل أجزم أن هذه المميزات لو أعطيت لمعلمي المتوسطة والثانوية لما قبل أحد من معلمي الابتدائية التدريس في المتوسطة أو الثانوية، وذلك لما يجدونه من المميزات التي لا تعد ولا تحصى ولا تقارن واحدة منها بجميع المميزات التي نطالب بها. وفي الأخير أرجو ألا يغضب أحد من هذا الأمر فهو حق مشروع للجميع لأجل المساواة ببقية الزملاء المعلمين، علماً أن هذا المقال هو نوع من الحوار في عهد ملك الإنسانية والحوار. والله من وراء القصد.