[صقر قريش]

صحيفةاليوم : الجمعة 2 شعبان 1430هـ العدد 13188
زمن احتكار المعلمين
د. عبدالمنعم بن محمد القــو
قبل يومين أطلقت وزارة التربية والتعليم لمنسوبيها من الجنسين صفارة الانطلاق ببداية موسم الإجازة السنوية بعد أن حبستهم لفترة ثلاثة أسابيع في المدارس الحكومية رهائن لعدد محدود جدا من الراسبين والراسبات الذين أكملوا بعضا من المواد الدراسية فأعادوها مرة أخرى لعل وعسى أن تفتح لهم ليلة القدر من جديد والوزارة بذلك وفي إطارها المزاجي والمتقلب من فصل لآخر ومن أسبوع لآخر تتموج بين جنبات الحل والتحريم والسماح والرفض متشدقة أن على الجميع دون استثناء التواجد في المدرسة وفي ذلك الوضع أكثر من قصة وأكثر من حكاية سمعناها من أكثر من طرف وأكثر من زاوية عن الحضور المبكر للتوقيع داخل المدارس وبخاصة من أغلب الذكور الذين تبعد عن أغلبهم الأعين ثم بعد دقائق معدودة أطرقوا عدوا صوب الباب مشرعا سوى من عدد محدود من المهمين لمن يستلم ملفا جديدا أو يقوم بالتصحيح عن المكملين في حين يقومون بأدوار التناوب بين ساعات العمل وأيامه وفي ذلك التفاف على التعميم الصادر من الوزارة ومن جهة أخرى فهي دعوة مبطنة للتلاعب والتحايل وفق نظرية مكره أخاك لا بطل إذا جاز التعبير لبعضهم .إنني أعتقد أن احتكار المعلمة والمعلم في كل المراحل الدراسية بين أربعة جدران للسوالف والتفصفص وصحن الفول الذي راج سوقه كثيرا هذه الأيام والحش والقيل والقال وبعد أن قاموا بواجبهم كاملا قبل ثلاثة أسابيع ودون برامج تدريبية فاعلة للجميع وليس لعدد قليل وبخاصة في فنون التعامل اللطيف مع النشء الجديد للحد من العنف المدرسي من الجنسين وفي الحاسب الآلي واللغة الانجليزية وكيفية التعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة والموهوبين وفنون الابتكار والتميز الابداعي والثقافي والفني والانشادي بالتعاون مع المعاهد والكليات المتخصصة وجعل تلك الدورات إلزامية مع إشراك معلمات ومعلمي القطاع الخاص ومن كل الجنسيات لكي تعم الفائدة الجميع كل في منطقته بحيث يكون فيها نجاح ورسوب وحضور وغياب للرقي بمستوى الجهاز الفني وما لم يكن الوضع كذلك في المستقبل فإنني أخشى من تكرار التجربة الفاشلة لحضور مزيف غير واقعي يتمثل في ظاهر الجسد دون مضمون العقل والوجدان والروح .ولأجل تفادي مثل تلك السلبيات المزعجة أقترح على الوزارة أن تكون أكثر وعيا بأن المعلمات والمعلمين السعوديين في المدارس الحكومية والذين شملهم هذا القرار دون غيرهم من الوافدات والوافدين قد أكملوا مناهجهم الدراسية مع التلميذات والتلاميذ على مدى عام دراسي طويل وشاق في صنع الفكر الإنساني وأن هذه المهمة ليست بالمريحة العذبة كتقليب ورقة من مكتب لآخر كما يفعل الإداري بحيث تبدأ من الكبير وتنتهي في حضن الصغير يرميها إلى سلة المهملات العقلية تعميقا وتأصيلا للبيروقراطية والعشق الورقي .وفي سياق متصل بامتحان القدرات الذي تجريه وزارة التعليم العالي فإنني لا زلت أكرر في أكثر من مناسبة على اعتقاد أن فرض رسوم دراسية تقدر بمائة ريال على أكثر من مائتي ألف طالبة وطالب على مستوى المملكة دون مسوغ منطقي مهما قيل عن اللجان والمراقبة ودفع مبالغ لهم بحسب تصريح المسئول الأول عن المركز من خلال تصريح تلفزيوني منتصف هذا الأسبوع يظل غير مستساغ اجتماعيا عند الأكثرين لأن التعليم العام والجامعي الحكومي بالمجان للمواطنين وأن المطالبات السابقة بإلغاء الرسوم الجامعية على بعض التخصصات والدبلومات أسوة بفرص الابتعاث الخارجي قد أثمرت ثمارا يانعة ولفظت أنفاسها أخيرا بعد عناء طويل .ولعلي أقترح في هذا الصدد أن تتم الاستعانة بمعلمات ومعلمي وزارة التربية والتعليم ممن حبسوا بين جدران أربعة دون أهداف مجدية من خلال الاستعانة بهم في مناوبات المراقبة على امتحانات القياس والقدرات ويتم تعويضهم ماديا أو بدل إجازات عن كل يوم يومين مع الوقف الفوري لمسلسل فرض الضرائب أو ما اصطلح على تسميته بالرسوم كمخرج لجني أموال لن تسمن الموازنة العامة للدولة من جيوب ومحافـــظ أهالي الطالبات والطلبة .وفي الختام أحث مخلصا الوزارة أن تهب المعلمة والمعلم حقوقهم غير منقوصة لكادرها الذي يبني المستقبل وأن توفي التبجيل لمن كاد في زمن النهضة العربية أن يكون رسولا وإجازة سعيدة وتذكرونا بخير.