عرض مشاركة واحدة
قديم 09-08-2006   رقم المشاركة : ( 3 )
ابن ابي محمد
ذهبي


الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 563
تـاريخ التسجيـل : 25-07-2006
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 1,185
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 10
قوة التـرشيــــح : ابن ابي محمد


ابن ابي محمد غير متواجد حالياً

افتراضي


العلاقة بين فتنة المسيح الدجال .... وفتنة الحضارة الغربية !!!
ورد ذكر المسيح الدجال في مئـات الروايات ، منها نحو (50) رواية في صحيح البخاري ، ونحو (60) رواية في صحيح مسلم ، ونحو (30) رواية في كل من سنن أبي داود والترمذي والنسائي ، وبضع عشرة رواية في سنن ابن ماجه ، وما يقرب من (200) رواية في مسند أحمد ، بالإضافة إلى روايات أخرى وردت في بقية كتب الحديث . هـذه الروايات تناولت نبوءة المسيح الدجال من زوايا وجوانب متفرقة . ولعل أكثر الجوانب المشتركة في هذه الروايات هي أخبار الاستعاذة من فتنة الدجال ووصف عينيه وحرمة المدينة عليه وكلمة الكفر المكتوبة بين عينيه ومسألة الواديين أو النهرين اللذين يفتن بهما الناس .

تشير الأحاديث إلى أنه سيظهر رجل أعور متنافر الملامح مكتوب بين عينيه كافر يدعي الألوهية ويخلط الناس بينه وبين الله .

يخرج من غضبة يغضبها ، ويكون خروجه من خراسـان ، ويتبعه سبعون ألفـاً من يهود أصفهـان ، ويكون لـه خروج من خلة ( فتحة أو منفذ ) بين العراق والشام فيعيث يميناً وشمالاً . وقد أشارت الأحاديث إلى أن خروجه يكون بعد فتح القسطنطينية .

هذا الرجل سيثير أعظم فتنة منذ خلق آدم إلى قيام الساعة . يأتيه الرجل وهو يحسب أنه مؤمن فيتبعه لكثرة ما يثيره من الشبهات .

فتنته شديدة على النساء ، حتى أن الرجل يعمد إلى أمه وابنته وأخته وعمته فيوثقهن مخافة أن يخرجن إلى الدجـال .

معه ماء ونار أو نهران أو واديـان يفتن بهما الناس ، أحدهما جنته والآخر نـاره ، وقد أوصى الرسول صلى الله عليه وسلم المؤمنين بدخول النار وتجنب الجنة .

يأمر السماء فتمطر والأرض فتنبت ، ويمر بالأراضي الخربة فيقـول لها أخرجي كنوزك فتتبعه كنوزها كمجموعات النحل . يحيي بعض الموتى . من فتنته أنه يركب حمـاراً بين أذنيه أو ذراعيه أربعين ذراعاً . سرعته كالغيث استدبرته الريح ، ويطوي الأرض كطي الفروة ، ويمكث في الأرض أربعين يومـاً ، وهذه الأيام كالسنة ثم كالشهر ثم كالجمعة ثم كاليـوم .

يطأ كل البقـاع عدا مكة وطرقات المدينة . معه أنهار ماء وجبال خبز ، ويمر بأهل الحي فيكذبونه فتسوء أحوالهم وأحوال أراضيهم وماشيتهم ويمر بأهل الحي فيصدقونه فتتحسن أحوالهم وأحوال أراضيهم وماشيتهم .

بنو تميم هم أشد الناس عليه . لا يعرفه الناس ولا يتم اكتشاف أمره ( أي اكتشاف أنه المسيح الدجال الذي حذر الرسول من فتنته ) إلا بعد حدوث الفتنة وبلوغها أقصى مداها ، وقد بشر الرسول صلى الله عليه وسلم المسلمين بأنهم سيغزونه ويفتحونه .

الألفاظ الواردة في الأحاديث : هل يقصد منها المعنى اللغوي المباشر أم المعنى المجازي بمثل ما أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم عن ظهور قرن الشيطان من نجد أو من المشرق وقطعه وظهوره وقطعه وظهوره وقطعه عشر مرات أو عشرين مرة ؟!.

الذين يقبلون الأحاديث ولا ينازعون في صحتها وموثوقيتها يرون أن المعنى اللغوي المباشر هو المقصود .

فلنتأمل ولننظر فيما إذا كان هذا المعنى هو المقصود ، أم أن المعنى المقصود هو المعنى المجازي الذي يهدف إلى تقريب الصورة الحقيقية إلى الأذهان ، وذلك لتمكين أهل عصر الرسالة ومن تلاهم من تخيل واستيعاب الأمور المستقبلية الجديدة ، وللحفاظ على الطابع الغيبي للأحداث والصور المستقبلية ومنع العلم الدقيق بها قبل حدوثها ، ولعدم إجهاض موضوع النبوءة ( الفتنة أو الاختبار والامتحان ) .

ولعل من المناسب أن تكون البداية مع الخبر العجيب الذي حملته الأحاديث الواردة بشأن فتنة المسيح الدجال ، ومفاده أن الناس لن يكتشفوا المسيح الدجال ولن يعرفوه حتى أواخر فتنته . فهل يستقيم هذا الخبر مع الفهم اللغوي المباشر لنصوص النبوءة ؟!.

رجل محدد الملامح وموصوف بشكل تفصيلي ، يأمر السماء فتمطر والأرض فتنبت ، ويأمر كنوز الأرض فتتبعه ، ويحيي الآباء والأمهات ، ويركب حماراً بين أذنيه أربعين ذراعاً ، وتتغير في عهده حتى سنن دوران الأرض حول نفسها وحـول الشمس ( يوم كسنة ويوم كشهر ويوم كجمعة .... ) ومكتوب بين عينيه كافر يقرؤها حتى الأمي الذي لا يجيد القراءة ، ورغم ذلك فإنه لا يكتشفه ولا يعرفه أحد !!. مجرد المعرفة لن تحدث !!.

وحين يتم اكتشافه والاستشهاد عليه بأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم - هذا يعني أن الأحاديث موجودة وشائعة بين الناس - فإن الناس لن يصدقوا هذا الاكتشاف . لماذا ؟!.

هذه مفارقة ضخمة لا يفيد الفهم اللغوي المباشر في تفسيرها . أما بموجب الفهم التأويلي فإن هذه تعد مفارقة قابلة للتفسير والفهم ، فخفاء شخصية المسيح الدجال وعدم اكتشافها حتى أواخر فتنته يرجع إلى التصوير المجازي والتشبيهي الذي حملته النبوءة .

الفهم اللغوي المباشر هو الذي يحول دون الاكتشاف والتعرف على شخصية الدجال . ونحن لا يساورنا شك في أنه لولا التصوير المجازي لما خفيت شخصية الدجال حتى على الأطفال وأبسط البسطاء وأقل الناس وعياً وتعليماً . وحتى إن خفي على هؤلاء فلن يخلو الزمان من أناس مطلعين على الأحاديث . وهؤلاء سيكتشفون شخصية الدجال على الفور أو على الأقل مع ظهور العجائب والتحولات الكونية .

القائلون بالتفسير اللغوي المباشر لا يشعرون على نحو كاف بصعوبة وعدم منطقية ما يظنونه . وسنضرب مثالاً لإيضاح هذه المسألة .

فلنفترض أن الأحاديث بدل أن تتحدث عن المسيح الدجال تحدثت عن الغرب بصورة مباشرة وواضحة !!.

لنفترض أن الرسول صلى الله عليه وسلم أخبر بأنه سيظهر من بلاد الفرنجة أو بني الأصفر حضارة تعترف بمصدر وحيد للعلم والمعرفة وهو العقل وترفض الوحي وتضع بديلاً لفكرة الخالق وهي الطبيعة ( وكأنها تنظر بعين واحدة ) وأن هذا هو الفارق الجوهري بينها وبين كل التجارب النهضوية التي تعرف الطريق إلى الله عبر اعترافها بمصدرين للعلم والمعرفة هما العقل والوحي .

هذه الحضارة ستتخذ شكلاً ملفتاً جداً وجامعاً بين كل المتناقضات .

خروجها على الدين سيكون ظاهراً وواضحاً لكل المؤمنين حتى وإن كانوا أميين .

أبناء هذه الحضارة ينتسبون إلى المسيحية ولكنهم خارجون عليها . ستظهر هذه الحضارة بعد فتح القسطنطينية ، وستكون الحضارة التي سيواجهها المسلمون بعد مواجهتهم للحضارة الرومانية . سيكون ظهورهـا عبر ثورة . سيكون اليهود أبرز أتباعها والمستفيدين منها من غير أبنائها ، وسيكون لهم نفوذ هائل في منطقة ممتدة عن بلاد الفرنجة . سيكون لهذه الحضارة حضور عسكري مسلح يقهر المسلمين في منطقة قريبة من الشـام والعراق وشكلها يشبه الطريق أو المنفذ ( فلسطين ) .

ستشكل هذه الحضارة إغراء كبيراً للنساء وستؤدي إلى إحداث تغييرات هائلة في أوضاعهن .

ستقدم من المكتشفات والمخترعات ما يسهل تسخير إمكانات الكون واستغلال موارد الأرض واستخراج المعادن من الصحاري والأودية والقفار .

ستصل كل منتجاتها إلى كل الناس وتفتنهم وتغريهم وتبهرهم . وهذه المنتجات جميعاً تنتمي إلى حقلين متمايزين وواضحين ( العلوم والآداب ) أحدهما حقل صعب وصارم ومرهق ( العلوم ) والآخر سهل وجذاب ومغر ( الآداب ) فابتعدوا عن هذا الحقل السهل والجذاب ( حيث الفلسفات والادعاءات وأنماط الحياة والسلوك المبنية عليها ) واذهبوا إلى الحقل المرهق والجاف ( العلوم العلمية والتطبيقية ) . الذين سيقبلون هذه الحضارة سيستفيدون وتتحسن أحوالهم والذين سيرفضونها ستسوء أوضاعهم .

من بين الأشياء الفاتنة التي ستتاح للناس عن طريق هذه الحضارة إمكانية سماع ورؤية الأموات عن طريق التصوير ، ومن وسائل النقل الفاتنة التي ستظهر مع هذه الحضارة حاملة الطائرات .

في زمن هذه الحضارة سيتقارب الزمن بصورة متسارعة وعبر ما يشبه القفزات نتيجة التطور الهائل في وسائل النقل والاتصال وستشتد سرعة الانتقال في كل مكان على الأرض .

أبناء هذه الحضارة لن يطأوا مكة والمدينة ، ولكنهم سيطأون كل بقعة عداها ، إما استعماراً أو عملاً أو سياحة .

لنفترض أننا وجدنا هذا الوصف الحي والمعاصر في أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم . فما الذي يلزم من التفسير اللغوي المباشر لأحاديث المسيح الدجال ؟!.

بما أن هؤلاء يقرأون في أحاديث الرسول أن الناس لن يعرفوا المسيح الدجال – مجرد المعرفة – ولن يكتشفوا حقيقته إلا في أواخر فتنته ، فإنه يلزم من فهمهم أنه حتى لو أخبر الرسول عن الحضارة الغربية بصورة مباشرة وواضحة فإن الناس لن يعرفـوا هذه الحضارة ولن يكتشفوا أنها هي المقصودة بهذا الوصف الحي والعصري ، بمثل ما أنهم لن يعرفوا المسيح الدجال ولن يكتشفوا حقيقته حتى أواخر فتنته !!.

ستخفى عليهم حقيقة هذه الحضارة وإخبـار الرسول عنها بمثل ما ستخفى عليهم حقيقة المسيح الدجال حين يعايشون فتنته ويشهدون كل تفاصيلها ، رغم أن الأحاديث موجودة بينهم والأخبـار مبثوثة في كل كتب الحديث عبر مئات الروايـات ويستعيذون بالله من شر فتنته في صلواتهم .

سيعايشون هذه الصورة الدقيقة والحية والتفصيلية للحضارة الغربية ويعيشون معها فتنة لم يشهد التاريخ لها مثيلاً دون أن يعرفوا أو يكتشفوا أن رسول الله أخبرهم عنها ، بمثل ما أن المسلمين الذين سيعايشون فتنة المسيح الدجال لن يعرفوه ولن يكتشفوا حقيقته رغم معايشتهم لفتنته وعجائبه ومعرفتهم بالأحاديث الواردة بشأنه .

لن يتم اكتشاف أمر هذه الحضارة ولا العلم بأن الرسـول صلى الله عليه وسلم أخبرهم عنها إلا في أواخر فتنتها ، بمثل ما أنه لن يتم اكتشاف أمر المسيح الدجال إلا في أواخر فتنته . وكيف سيحدث الاكتشاف ؟!.

بمجرد الإشارة إلى الأحاديث ، والتأكيد بأن هذه هي الحضارة التي أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم عنها ، بمثل اكتشاف شخصية المسيح الدجال بمجرد الإشارة إلى الأحاديث ، والتأكيد بأن هذا هو الدجال الذي أخبر الرسول عنه !!.

والعجيب أن الناس لن يصدقوا هذا الاكتشاف ، وسيشككون في سلامة عقيدة ومنهج من يقول به !!!.

هذا من جانب . ومن جانب آخر فإن أصحاب التفسير اللغوي المباشر يظنون أن هذا العرض الحي والعصري والمفصل للتجربة الغربية لا يجعل الناس عالمين بغيب هذه التجربة . سيظل أمرها غيباً لا يعلمه إلا الله !!.

منذ أول ظهور لها لن يعرف الناس بقية التفاصيل المتتالية الواردة في الأحاديث رغم أنها موجودة بشكل تفصيلي . سيظل كل تحقق لوصف جديد أو ملمح جديد بمثابة حلقة في فتنة لا يعلم أحد عن أخبارها شيئاً !!.

هذا بالضبط هو ما يظنه القائلون بالتفسير اللغوي المباشر . يظنون أن نبوءة المسيح الدجال ستتحقق كما هي تماماً بكل تفصيل من تفاصيلها ، ورغم ذلك فإن جميع الناس لن يعرفوا الدجال ولن يكتشفوه .

سيتجسد أمامهم كل ملمح وكل وصف ومع ذلك ستعمى عيونهم ومداركهم عن معرفة كون هذا بالضبط هو ما ورد في الأحاديث وما يؤمنون به ويدافعون ويجادلون بشأنه .

سيحتاج الأمر في أواخر الفتنة والخفاء إلى التأكيد لهم بأن هذا هو الدجال الذي أخبر عنه الرسول صلى الله عليه وسلم .

سيحتاج الأمر إلى تأكيد ما يؤمنون به أصلاً . ورغم ذلك سيرفضون هذا التأكيد ويشكون في سلامة ومنهج من يقول به !!.

هم يظنون أن الدجال سيتجسد على النحو الذي تدل عليه ألفاظ الأحاديث تماماً . وحين يتجسد لا يعرفه أحد أبداً ، وحين يقال لهم هذا هو الدجال الموصوف في الأحاديث يرون بأن هذا زيغ وضلال !!. هل يعقل هذا ؟!.

هل يدل هذا على أن تجسد الدجـال سيكون كما تدل عليه المعاني اللغوية المباشرة للألفاظ ، أم يدل على أن في الأمر تشبيه وتقريب ، وأن هذا هو ما سيحول بين الناس وبين التعرف على الدجال ؟!.

ترى ، هل يشعر القائلون بالتفسير اللغوي المباشر لنبوءة المسيح الدجال بهذه المفارقات والصعوبات ؟!!

الأمر أقوى بكثير من الصعوبة أو المفارقة التي أشرنا إليها . ولاحقاً بمشيئة الله سيكون لنا جولات مع الصعوبات التي يثيرها التفسير اللغوي المباشر لنبوءة المسيح الدجال ،،،،،
آخر مواضيعي
  رد مع اقتباس