الوطن:الثلاثاء 06 شعبان 1430هـ العدد:3224
أصبح لدينا إفطار عمل في مدارسنا
عبدالله مكني - الباحة
نسمع دوما عن بعض البروتوكولات المعمول بها في أوساط سيناريوهات رجال الأعمال، ولكن في الأعوام الأخيرة أصبح لدينا إفطار عمل نعيشه في مدارسنا، بمعنى أن الميدان التربوي أصبح منافسا لرجال الأعمال في ذلك النطاق، فهناك غداء عمل وهنا إفطار عمل، بحيث نجد أن دوام مدارسنا للمرحلة الابتدائية ولمدة ستة أسابيع أو تزيد دون جدوى، فهو فقط للإفطار وتناول كل جديد لمختلف الساحات والنقاشات طويلة الأمد، والتي حتما لا تنتهي إلا بانتهاء تلك الفترة التي يقضيها المعلم لنهاية العام الدراسي، وبالأخص المرحلة الابتدائية التي خلت من طلابها منذ عدة أسابيع، حيث أصبح روتين العمل في تلك الفترة الزمنية وكما هو معتاد روتينا مملا دون فائدة، وعليه أقول إن ذلك الوضع في المرحلة الابتدائية بالذات من شأنه خلق تسيب ورتابة للمعلم أو المعلمة، ومن ثم التعود عليه . والسؤال الذي ينبغي طرحه في المقام الأول هو هل حاجة الوزارة إلى بقاء معلم المرحلة الابتدائية بالغة الأهمية أم إن ارتباط المعلم في الأصل مع الطالب مهما كانت الظروف؟ ومن جهة أخرى لماذا لا يتم استغلال ذلك الوقت استغلالا أمثل بحيث يفيد ويستفيد المعلم من وجوده بعيدا عن تلك الدورات المكررة والمصنعة والتي سرعان ما يملها المعلم من أيامها الأولى، والتي يغلب عليها طابع التقليد والتصنيع بحيث تفتقر إلى كسر الرتابة والجديد؟أقول أيضا يجب إضافة صيغة حديثة لذلك الوقت المهدور الذي يضيع بلا فائدة وبشهادة الجميع، وقبل أن أقوم بتسطير ذلك المقال قمت بمحادثة العديد من منسوبي المدارس وفي عدة مناطق مختلفة وكان لسان حال الجميع بكل أسف أنهم لم يمكنوا من الاستفادة المثلى من الوقت الطويل وتوظيفه بشكل مرض للجميع .
الوطن:الثلاثاء 06 شعبان 1430هـ العدد:3224
"من الظلم أن نحرمهم هذا الحق الطبيعي لخلل في مناهجنا"
وهيب عبدالفتاح صوفي
عنوان مقالتي اليوم هو جملة اقتبستها من الزميل الدكتور صالح بن سبعان ختم بها مقالتيه بعنوان "غربلة كان لابـد منها" و"هي الخطوة الأهم في برامج الإصلاح" (عكاظ: 7 + 14 رجب 1430هـ) في إشارة إلى "فشل 7400 معلم من حوالي 14 ألفا في اجتياز اختبار القياس الذي نظمه المركز الوطني لاختيار المعلمين الجدد وفقا لمعايير وزارة التربية والتعليم بغرض إصلاح التعليم في المملكة" . ما تحدث عنه الدكتور صالح يصب فيما ذهبت إليه من تدهور تأهيل الخريج الجامعي في مقالتي السابقة بعنوان "180 ألف وظيفة شاغرة . . التعليم والتدريب مربط الفرس" ("الوطن" الخميس 25 يونيو 2009 العدد 3191) . ويبدو أننا اليوم قد دخلنا نفقا جديدا وأصبحنا بحاجة ماسة لإعادة النظر في متطلبات شغل الوظائف التعليمية في بلادنا، لأنه يبدو أن هناك شعوراً عاماً بين أعداد كبيرة من الخريجين أنفسهم بأنهم لم يتلقوا من الجامعات السعودية التعليم والتأهيل المطلوب الذي يكفل لهم انتقالة سلسة إلى سوق العمل التعليمي الحكومي . هناك شواهد كثيرة على ذلك نراها يوميا على لسان المواطنين ممن لهم أبناء في مؤسسات التعليم العام الحكومي . وفي نظري أن أوجه القصور التي يعاني منها من يعمل في السلك التعليمي لا ترجع فقط للجامعات بقدر ما ترجع جذورها إلى منظومة متشعبة من الظروف البيئية المعقدة التي يصعب الدخول فيها لصغر المساحة المتاحة لهذه المقالة . ولقد تنبهت وزارة التعليم العالي مؤخرا لهذه الإشكالية فأعادت فتح باب الابتعاث للخارج (والله نسأل أن يعيد أبناءنا إلى الوطن ليكونوا أيدي خيرة وعونا لبناء هذا الوطن) وقبلها قامت الجامعات السعودية بإنشاء وحدات ومراكز "تطوير التعليم الجامعي" لتطوير العملية التعليمية بالجامعة من خلال تطوير مهارات أعضاء هيئة التدريس والمحاضرين والمعيدين في مجالات التدريس، واستخدام التقنية والمهارات الإدارية لتنمية قدرات الطلاب التحصيلية وإكسابهم المهارات اللازمة للنجاح في الحياة . لكن تبقى قضية من تخرج من مؤسساتنا التعليمية وأصبح الآن في سلك تدريس التعليم العام وهو غير قادر على العطاء المطلوب . ماذا نفعل به؟ هل نلقي به في الأعمال الإدارية التي أصبحت مكبا نملأه بنتائج تقصيرنا نحن؟ أم نعيد تأهيله وتدريبه؟ في نظري أن ظروف المرحلة الحالية لا تتيح لنا إلا حلا واحدا هو "إعادة التأهيل" . وعندما أقول "إعادة التأهيل" فإنني أقصد "إعادة صياغة وتشكيل المدرس السعودي" ليكون في أعلى قمة المطلوبين في السوق السعودي . المدرس السعودي يشكو من كثير من المعوقات في طريقه . نسبة كبيرة منهم ترغب في تقديم أفضل ما لديها . . . لكن ظروف مدارسهم وأساليب رؤسائهم القيادية وضغوطاً اجتماعية تمجد الواسطات تكفي لعدم قيامهم بأي دور تطويري . ليس هناك إنسان في نظري لا يرغب في تطوير نفسه . . . لكن السؤال الذي يحير من يريد أن يطور نفسه . . . ماذا أطور؟ ولمن أطور؟ إذا لم يكن الطالب مستعدا لتلقي التعليم أو غير راغب في التعلم . إذا لم تكن البيئة التي يتلقى فيها التعليم غير مواتية فما ذنب الطالب؟ الكثير منا يقول إن المدرسة الحكومية اليوم قد فقدت هيبتها وتزايد العنف فيها بين الطلبة أنفسهم وبين الطلبة والمدرسين . وتحمل لنا الصحافة السعودية كل يوم مآسي هذا العنف حتى اقتربت مآسي المدارس من مآسي حوادث السيارات في الطرق . اليوم في المدارس الحكومية أسلحة بيضاء وغدا يعلم الله ماذا يحملون . لعل أبلغ تعليق قرأته في هذا الصدد ما كتبه السيد محمد اليامي مؤخرا حين قال "كثير من الآباء يغرسون في أبنائهم مبادئ الهمجية والتخلف من بوابة الرجولة والقوة، وأحياناً لا تستطيع لوم الأب، خصوصاً عندما تقرأ مثل هذه الأخبار، لأنه ربما قال لنفسه: سلامة ابني حالياً أهم من تحضّره، فليكن همجياً وجانياً خير من أن يكون متحضراً ضعيفاً ومجنياً عليه" ("الحياة": الجمعة 3 يوليو 2009) . لقد أهملنا الإنسان فترة طويلة من الزمن . . . وفرنا له مباني إسمنتية وقاعات دراسية ودفعنا الكثير في تكنولوجيا تعليمية لكننا لم ننجح في زرع روح التآلف والاحترام وتطبيق النظام . الكثير الكثير منا يعتقدون أنهم فوق النظام . لماذا . . . ؟ لنرجع إلى مناهجنا ولنر محتواها ولنرى طرق تدريسنا وما هو متوفر للطالب من بيئة للتعلم . هذه الملفات لا يجب أن تحمل همها وزارة التربية والتعليم فقط، بل هي تدخل في اختصاصات الكثير من الوزارات والأجهزة الحكومية المعنية بهموم الإنسان السعودي .