[صقر قريش]

عكاظ : السبت 1430/08/10 هـ العدد : 2967
ورقة ود
التعليم الأهلي بين السياستين الوطنية والتعليمية
جهير بنت عبدالله المساعد
عندما ضاق التعليم الحكومي عن مستحقيه، وصار عاجزا عن استيعاب الأعداد المتزايدة من المقبلين عليه، جاءت بشارة التعليم الأهلي، وقلنا الحمد لله، «فلوسنا في دارنا» ولأهل البيت ولا للغريب! وصاحب البيت أولى بحصاد حقله! وكما تقول الشعوب المجاورة جحا أولى بلحم ثوره، وزيتنا في دقيقنا!! صفقنا، وهللنا، وكبرنا، وشجعا أهلا.. أهلا.. بالتعليم الأهلي في الوطن العزيز. وما لا تفعله الدراسة الحكومية... ستفعله الدراسة الأهلية، وما يعجز عن إتمامه التعليم الحكومي يكمله التعليم الأهلي ويصبح الاثنان يدين في جسد الوطن الحبيب، وبدلا من سفر أبنائنا إلى الخارج، وندفع لتعليمهم الغالي والنفيس؛ يجلسون بيننا بعيدا عن وحش الاغتراب الكاسر، وبعيدا عن آلام الفراق والحنين. هكذا كانت الرؤية الاجتماعية عند بعض المتطلعين إلى التعليم الأهلي وعند بعض المنتظرين على قارعة الجامعات والمدارس الحكومية لفرصتهم باعتبارهم متفوقين وليسوا «عاديين»!! وما أن كشرت الأنياب التي كنا نظن أنها تبتسم حتى أدركنا أننا وقعنا في فخ الأماني التي صارت سرابا، وأننا حلقنا مع الخيالات وقد حسبناها «إمكانات» وانقلب الحلم على عقبيه وبلغ عدد ضحاياه أكثر من ضحايا انفلونزا الخنازير! اكتشفنا أن غاية التعليم الأهلي أن يحل محل سوق الأسهم وبدلا من أن يكون المواطن العادي فريسة لهذه السوق، يصبح فريسة للتعليم الأهلي! بل اكتشفنا أن أوروبا وأمريكا والهند والصين بجامعاتهم وغربتهم ومصاريفهم ورحلاتهم أهون مقابل مطالب التعليم الأهلي المحلي! التي تبدأ بهات وتنتهي عند ادفع! فالتسجيل له مقابل وتعبئة الاستمارات لها مقابل والحصول على الفرصة له مقابل، عدا المدفوع قيمة تعليم الطالب في السنة وهو ما يوازي تعليم أبناء الأسرة كلهم في الهند! وحتى أوروبا! وعلى الأقل في السفر سبع فوائد كما ورد في الكتب وإن نقصت صارت خمسا.. فماذا في التعليم الأهلي؟ إذا كان جوفه لا يشبع ومنذ فتح فمه وهو يأكل الأخضر واليابس! القضية ليست أن يكون لديك مال يبني أفخر المباني ويضع عليها يافطة أو لوحة.. القضية الأساسية ما هي رسالة التعليم الأهلي؟ ما هي رسالته الوطنية التي يرغب في تحقيقها على أن تكون واقعية وليست جملا إنشائية؟ وفيما يبدو أن دراسات الجدوى التي بنى عليها التعليم الأهلي وجوده قامت على أساس كم عدد الأثرياء في البلد أكثر مما قامت على احتياجات مواطن البلد! وإلا كيف يتم تحديد الرسوم في التعليم الجامعي الأهلي بهذه المبالغ الخيالية لو لم يكن الاعتقاد السائد أنها فرص لتعليم أبناء الأثرياء وليست للجميع! في حين أن المجتمع السعودي يتميز عن باقي المجتمعات الأخرى بأنه الوحيد الذي نشر التعليم ولم يؤسس في انطلاقته مدراس لأبناء الذوات! لم يكن في السياسة السعودية فرق بين الثري والفقير القادر والعاجز في التعليم، كل الأبناء كانوا أبناء الوطن! وغدا نواصل.