150 مليار دولار حجم الاستثمارات الصناعية في دول المجلس
توقعات باستمرار نمو الصناعات التحويلية في الخليج رغم تداعيات الأزمة
يقدر حجم الاستثمار الصناعي في دول الخليج بنحو 150 مليار دولار.
«الاقتصادية» من الرياض
رجحت منظمة الخليج للاستشارات الصناعية «جويك» استمرار قطاع الصناعات التحويلية في دول مجلس التعاون الخليجي في النمو والتوسع مستقبلاً، وذلك على الرغم مما تعانيه هذه الصناعات وغيرها حاليأً من تراجع في الأسعار نتيجة الأزمة المالية الحالية، التي من المؤمل التعافي منها قريبا، مؤكدة في هذا الصدد أن تلك الصناعات تتمتع بقدرات تكنولوجية عالية وتنوع وتعدد منتجاتها الوسيطة والنهائية، التي حققت نجاحأً باهراً خلال الفترة الماضية.
كما توقعت المنظمة أن تواصل الصناعة التحويلية الدور التنموي الريادي في المستقبل، نظراً لما تتمتع به هذه الصناعة في المنطقة من مزايا نسبية، أهمها توافر التمويل، إضافة إلى كونها ذات قدرة تنافسية عالية، وحقلاً للابتكارات التكنولوجية المتواصلة، ومجالا رحباً للتوسع في حلقات الإنتاج، لافتة في هذا السياق إلى منتجات جديدة، إضافة إلى صناعة الأسمدة والبتروكيماويات، وهي صناعات الألومنيوم والحديد والصلب والصناعات الهندسية ومواد البناء، والصناعات الغذائية وغيرها من الصناعات الاستراتيجية.
وأكدت «جويك» في تقرير حديث تضمنته نشرتها الشهرية أن حجم الاستثمار الصناعي في دول مجلس التعاون الخليجي تضاعف بنحو 4.6 مرة، وأنه ازداد من نحو 32.9 مليار دولار ليصل إلى نحو 150 مليار دولار خلال الفترة من 1990 إلى عام 2008، مشددة في هذا السياق على أن قطاع الصناعات التحويلية يعتبر الأساس الارتكازي الذي بنيت عليه عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية في دول مجلس التعاون الخليجي، نظراٌ لما يتمتع به هذا القطاع من مزايا وخصائص ديناميكية وفاعلة في عملية النمو الاقتصادي والتكامل، وفي إرساء قاعدة إنتاجية تسهم في سد حاجات الاستهلاك المحلي وإحلال الواردات، وفي تحسين الميزان التجاري من خلال نشاط الصادرات.
وجاء في تقرير منظمة الخليج للاستشارات الصناعية التي تتخذ من الدوحة مقرا لها، أن حجم القوى العاملة الصناعية في دول الخليج تضاعف خلال الفترة من 1990 إلى 2008 بنحو 3.6 مرة، حيث زاد من نحو 270 ألف عامل إلى أكثر من 971 ألف عامل. كما شهد ناتج الصناعات التحويلية نمواً كبيرأً، وقد ارتفعت قيمته من قرابة 14 مليار دولار عام 1990 إلى 33.3 مليار دولار عام 2000، وتابع أيضا نموه المتزايد خلال السنوات الثماني الماضية ليصل إلى نحو 88 مليار دولار عام 2008. ونوهت «جويك» في تقريرها بالمؤشرات الديناميكية لمسار حركة التصنيع في دول مجلس التعاون التي تكمن في ما وصفته بالتطورات الهائلة في عدد المصانع العاملة في قطاع الصناعات التحويلية، وفي حجم الاستثمارات الصناعية الموظفة فيها، وفي عدد القوى العاملة التي استوعبها هذا القطاع. وذكرت أن عدد المصانع العاملة تضاعف قرابة ثلاث مرات خلال الفترة الممتدة بين عامي 1990 و2008، إذ ازداد عددها من 4386 مصنعاً إلى 12316 مصنعاً، كما أدى نمو الصناعات التحويلية في دول المجلس، نتيجة الاستثمارات الضخمة التي تم توظيفها في مجال البتروكيماويات والأسمدة الكيماوية والحديد والصلب والألومنيوم والصناعات الغذائية، إلى تحسن مستوى الأداء الاقتصادي، وإلى زيادة الصادرات الصناعية غير النفطية التي ازدادت قيمتها من نحو سبعة مليارات دولار في عام 1990 إلى 20.5 مليار عام 2000 وإلى نحو 83 مليارا عام 2008.
ولفتت المنظمة إلى أن صناعة الأسمدة الكيماوية وصناعة البتروكيماويات قادت قاطرة الصناعات التحويلية في دول مجلس التعاون خلال فترة العشرين سنة الماضية، مشيرة في هذا السياق إلى أن تصحيح أسعار النفط وزيادة الإيرادات النفطية التي تحققت من جراء ذلك في مطلع السبعينيات من القرن الماضي كان لهما الأثر الكبير في دفع عجلة التنمية الاقتصادية، حيث أدركت دول المجلس أهمية تنويع مصادر الدخل القومي، وبناء قاعدة إنتاجية راسخة تعتمد على إرساء البنى التحتية الأساسية وإقامة الصناعات الرئيسة ذات الميزة النسبية، وتحفيز القطاع الخاص ليسهم بدوره في عملية التنمية من خلال المشاريع الصغيرة والمتوسطة. وأضاف التقرير أن ثمرات هذا التوجه اتضحت من خلال حدوث تحولات كبيرة في بنية الاقتصاد الوطني، وهيكل القاعدة الإنتاجية لدول المجلس، وفي تنويع مصادر الدخل.
وأشارت «جويك» في تقريرها إلى أنه بعدما كان نشاط القطاع النفطي هو المهيمن على مكونات الناتج المحلي الإجمالي في عقد السبعينيات من القرن الماضي حيث بلغت نسبة مساهمته 59 في المائة في المتوسط، فإن تلك المساهمة تراجعت إلى نحو 40 في المائة في فترة الثمانينيات، ثم تابعت هبوطها لتصل نسبة مساهمتها إلى 32.4 في المائة في فترة التسعينيات، وارتفعت قليلاً في السنوات الثماني الماضية نتيجة ارتفاع أسعار النفط لتصل نسبتها إلى 38 في المائة في المتوسط.
ووفقا لتقرير منظمة الخليج للاستشارات الصناعية فإن مساهمة القطاعات الإنتاجية غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي في دول مجلس التعاون شهدت نمواً ملحوظاً، وأن مساهمة الصناعات التحويلية في الناتج المحلي غير النفطي ازدادت من نحو 12 في المائة في المتوسط في عقد الثمانينيات إلى 14.5 في المائة في عقد التسعينيات، ثم إلى نحو 16 في المائة في الثماني سنوات الأولى من القرن الحادي والعشرين. ورأت المنظمة أن هذا النمو أسهم في عدم تدني قيمة الناتج المحلي الإجمالي بشكل كبير، كما حدث خلال السنوات التي تراجعت فيها أسعار النفط، مشيرة إلى انعكاس ذلك على تراجع مساهمة القطاع النفطي في الناتج المحلي الإجمالي. وأكدت منظمة الخليج للاستشارات الصناعية أهمية العمل على زيادة مساهمة القطاع الخاص في مجهود التصنيع، واعتبرت أن ذلك من الركائز الأخرى التي تتطلبها عملية التنمية الصناعية المستقبلية، وتسريع معدلات النمو الاقتصادي، سواء بإنشاء مشاريع تهدف إلى إحلال الواردات أو في مشاركته القطاع العام في مشاريع صناعية كبيرة بغرض التصدير.
ودعت المنظمة في تقريرها إلى بذل الجهود لزيادة إسهام الصناعات التحويلية في الناتج المحلي الإجمالي من خلال توسيع القاعدة الإنتاجية، وزيادة حلقات التصنيع، والتوسع في إقامة الصناعات الوسيطة والنهائية، وزيادة الترابط بين الصناعات الكبيرة والصغيرة والمتوسطة. كما دعت «جويك» إلى توجيه العناية الفائقة إلى موضوع البحث والتطوير، وتطبيق أحدث التقنيات في عملية التصنيع، إضافة إلى أهمية إنشاء مراكز لبحوث أساليب الإنتاج، وتصميم المنتجات، وسيكون ضرورياً أيضاً بذل مزيد من الجهود لاتخاذ السياسات الكفيلة بدعم ومساندة الصادرات، بحيث تشمل خدمات التسويق والترويج، ومعلومات الأسواق، والخدمات المالية والتأمين.