رد: الملف الصحفي للتربية السبت 24/8
الجزيرة:السبت 24 شعبان 1430 العدد 13470
الملك عبدالله وتطوير التعليم
مندل عبدالله القباع
ترتبط قضية التعليم لدينا بقضية التنمية والتطوير، وبدوره في ترسيخ قيم المعرفة والإبداع والمعلوماتية والتنمية الثقافية والاجتماعية والبشرية وتنمية القدرة على التعامل المهاري مع التكنولوجيا الحديثة والوعي بالحقوق والواجبات والمواطنة والمسؤولية الاجتماعية. ولما كان التعليم يحمل على الجانب الاستثماري الاجتماعي فهو لأنه يحقق أكبر عائد اجتماعي ممكن. ولذا فإن عملية تطوير التعليم يفرضه طبيعة وكنه الواقع المعاصر، وفي هذا السياق لا يمكننا أن نساير من ينظرون إلى التعليم وضرورة النهوض به على اللحظة الزمانية الراهنة لأن سيرة التطوير التعليمي ماضية ومستمرة منذ أن تبنى الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - بناء الدولة السعودية الموحدة الحديثة بما كان يتمتع به من قوة وذكاء ومن (كاريزمية) عبقرية فائقة، وقد سار على ذات الدرب أبناؤه الأفذاذ البررة سعود وفيصل وخالد وفهد وصولاً لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الذي أكد على دعم مسيرة التعليم وإعلاء قيم العلم والأخذ بالتقنية الحديثة وانتهاج سبل المعرفة والإبداع في التعامل مع مخططات تنمية المجتمع وقدراته التنافسية ومستقبل اقتصاده ومواجهة مخاطره. ولتحقيق هذه الرؤى الإستراتيجية فقد وجه -حفظه الله- تزويد قطاع التعليم من أجل تطويره بأكبر دعم في الدولة تفوق التسعة مليارات من الريالات، هذا فضلا عما يعتمد من دعم للمشروعات وتوفير الخدمات التعليمية المختلفة. والجدير بالذكر أن بلادنا ها هي قد خطت خطوات مقدرة ومحسوبة تجاه الإصلاح والتجديد والتطوير التعليمي في ضوء المستجدات الحضارية والمنجزات العصرية. ولكن هل يعني هذا عدم أخطاء صاحبت الآلية الإدارية خاصة في المدرسة الحكومية حيث قصرت في تلبية الحاجات وتحقيق الطموحات مما أحدث تشوهات في العملية التعليمية نتجت عن عدم الالتزام المنضبط بالواجبات تجاه كل من الطالب وولي الأمر والمجتمع دفعت إلى التحول من المدرسة الحكومية والتوجه قبل المدرسة الأهلية على الرغم من الارتفاع الهائل في المصروفات المدرسية التي تفوق حدود الكثيرين من أبناء مجتمعنا، وعلى الرغم من وجود مدرسين أجانب عن ثقافتنا وتوجهاتنا - إلا أنه مضطر أخاك لا بطل - فقد لجأ العديد من المواطنين لإلحاق أبنائهم بتلك المدارس الأهلية على الرغم منهم وهذا لأن هذه المدارس قد تجاوزت الظواهر السلبية في التعليم الحكومي وتخطت مواطن الضعف الذي ما كان يتحقق إلا بتوافر رؤية إستراتيجية واضحة تأخذ في الحسبان مقتنيات الواقع التعليمي، ووضع المخططات التعليمية والتربوية التي تفي بالغرض تعزيزاً للدور. والتعليم الأهلي نخاله تنظيماً وسيطاً بين الدولة - الرامية لتطوير التعليم والمجتمع - التواق لهذا التطوير، والمتطلع لجني ثماره، وقد قدم لهذا متطلبات من برامج هادفة وكوادر واعية ومنتجة، وإدارة حديثة ومتطورة، وإمكانات وافرة، وإشراف ذو رؤى مبتكرة ومتجددة. ولذا فقد اتسعت أدواره في تحقيق المأمول من التعليم بما لديها من آلية نشطة جعلته يتقدم بفعالية وتوافق متوازن مع مطالب المجتمع من جدوى العملية التعليمية في الوقت الذي تعاظمت فيه سلبيات بعض من المدارس الحكومية التي نأت بنظمها وبرامجها ومناشطها من أمل وطموحات المجتمع حيث برزت بها بعض المشكلات النوعية - وإن كانت جزئية - نذكر منها: عدم تلافي الأدوار لغياب الفكر الإداري الفني الموضوعي الذي يحكم الأدوار ويربطها بإستراتيجية التعليم وقيمه المأمول تحقيقها في شفافية ومسؤولية محاسبية وعدالة التفعيل كسبيل لترسيخ وتنظيم دورها ومكانتها في المجتمع الذي أوجدها بإرادة ما أوجد أزمة ثقة في جدوى المدرسة الحكومية، في الوقت الذي تسعى فيه المدرسة الأهلية لتثبت جدارتها في كسب ثقة المجتمع. وتظل نقطة الالتقاء مع المدرسة الحكومية تتمثل في قدرتها على إدارة العملية التعليمية بجودة أكبر تجعلها في بؤرة تأمل المجتمع الذي يترقب تطويرها وينتظر حراكها نحو التكامل والتوازن والارتقاء بالعملية التعليمية لتتوافق مع تصاعد درجات التطور المجتمعي وهذا ما دعا إليه خادم الحرمين الشريفين قولا وفعلا. وأحد مرتكزات عملية التطوير في المدرسة الحكومية يتمثل في إعداد المدرسة لتكون بيئة تعليمية مواتية تتجاوز حد التردد الذي يعكس ممارسات تفعيل النهج وتأهيل المعلم الذي يعتبر محور العملية التربوية. وفي هذا السياق يمكن التأكيد على حيوية دور الإدارة التعليمية لما لها من أثر في تحسين وتطوير العملية التعليمية حيث أن الإدارة التي تمتلك قدرات حالية تعطي مساحة أكبر في المضي قدما نحو المستقبل لتعزيز قدراتها لتحقيق دورها ووزنها في عملية التنمية والنهضة، وتقديم الأطروحات المتعلقة بقضايا التقدم والتأثير في كوادر المستقبل التي ينتظرها إمكانات تفعيل قضايا التنمية. ويجدر بنا القول أن بطء الحركة في المدرسة الحكومية يرجع إلى عدة أمور تحتاج للحوار والمناقشة المجتمعية وأهمها على الإطلاق أولاً: السياسة التعليمية التي فرضت مناهج باتت تقليدية حيث تجاوزتها المتغيرات المعاصرة. ثانياً: نظم إعداد المعلم ومدى الاحتياج لتطويرها لتتوافق مع التعليم الإلكتروني وتخريج معلم قادر على معالجة وتحليل وإدارة المعلومات وتنظيمها وتدميرها بنهج عقلاني موضوعي. ثالثاً: إدارة تعليمية متطورة يمكنها أن تعكس التفاعل في علاقات التواصل في الداخل - المدرسة - وفي الخارج - البيئة - كي تلبي الاحتياجات المجتمعية في ظل تكامل الأدوار وعولمة القضايا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية مع الحافظ على الأصالة الحضارية والانفتاح على الآخر ونشر ثقافة التسامح والتعاون المثمر الخلاق. رابعاً: قياسات التقويم التي يمكن عن طريقها قياس مدى تأثير المتغيرات القيمية على نمو وتصاعد وبلورة إستراتيجية التعليم وتعزيز فرص الإصلاح ودفع عجلة وتقويم المتعلمين ليس على أساس التحصيل والحفظ والاسترجاع وإنما على أساس مهارات التفكير العلمي والتفكير الناقد وحل المشكلات مع استخدام تلك الوسائط التكنولوجية الحديثة والتدريب على استخدامها الاستخدام الأمثل في نطاق نظام التعليم النشط الذي يمكن المتعلم من اكتساب المهارات الضرورية لممارسة التعليم بشكل مستمر ونشط - التعليم مدى الحياة - (من المهد إلى اللحد) مع الاهتمام بمعالجة صعوبات التعلم، مع التوسع في التعليم المهني لسد احتياجات سوق العمل والوظيفة بهذا نكون قد حققنا تطلعات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله وسمو ولي عهده الأمين اللذين لا يألوان جهداً في دعم العملية التعليمية والدليل على ذلك ما رصد من مليارات للتطوير والنهوض بالعملية التعليمية لأنها هي الأساس بعد الله سبحانه وتعالى في إصلاح وتطوير وتعليم أبنائنا وبناتنا الذين هم عدة المستقبل وأساس التنمية التي تبدأ منهم وتعود إليهم.
|