صحيفة الاقتصادية
صندوق النقد الدولي يدعو دول الخليج إلى مواصلة تحفيز الاقتصاد لتجاوز الأزمة الراهنة
السعودية تتصدّر خليجيا في الموجودات الأجنبية بـ 550 مليار دولار
حسن العالي من المنامة
أفاد صندوق النقد الدولي بأن اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي مرت ولا تزال بظروف مالية واقتصادية صعبة من جرّاء الأزمة العالمية، ولكن قوة أساسياتها ووفرة الاحتياطيات المالية أسهمتا في التخفيف من آثار الصدمات التي سبّبتها الأزمة.
وتقدر التقارير أن السعودية تمتلك أعلى رصيد موجودات أجنبية بقيمة 550 مليار دولار ثم الكويت بنحو 230 مليار دولار ثم الإمارات بنحو 180 مليار دولار ثم قطر بنحو 130 مليار دولار ثم كل من عُمان والبحرين ما دون 20 مليار دولار.
في مايلي مزيد من التفاصيل:
أفاد صندوق النقد الدولي بأن اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي مرت ولا تزال بظروف مالية واقتصادية صعبة من جرّاء الأزمة العالمية، ولكن قوة أساسياتها ووفرة الاحتياطيات المالية أسهمت في التخفيف من آثار الصدمات التي سبّبتها الأزمة. وأضاف أن حكومات دول المجلس باتت وفي ظل الأزمة الراهنة أكثر حاجة لسياسات محفزة للنمو الاقتصادي، وإعادة التوازن للاقتصاد من خلال توفير السيولة لمشاريع القطاع الخاص، وتوجيه الإنفاق بصورة أكبر نحو المشاريع المولدة للوظائف وتنويع مصادر الدخل، مع مواصلة إصلاحات سوق العمل والجهاز الحكومي والخصخصة والحوكمة ومكافحة الفساد.
إلا أن تقارير اقتصادية تقول إن حجم إنفاق دول مجلس التعاون الخليجي خلال عام 2009 سيعتمد على عاملين رئيسيين: العامل الأول هو سعر التعادل لسعر النفط لكل دولة خليجية. وسعر التعادل يعتمد بدوره على حجم الإنتاج النفطي، ونسبة العائدات النفطية إلى إجمالي العائدات ونسبة العوائد غير النفطية إلى إجمالي النفقات.
ووفقا لهذا القياس فإن الإمارات وقطر تتمتعان بأقل سعر تعادل وهو يراوح حول 25 دولارا للبرميل (بما يعني أنه حتى مع بقاء أسعار النفط عند 25 دولار للبرميل سوف تحقق الميزانية تعادلا في نفقاتها وإيراداتها). ثم الكويت عند نحو 30 دولارا للبرميل ثم المملكة العربية السعودية عند نحو 50 دولارا للبرميل ثم كل من عُمان والبحرين عند 75 دولارا للبرميل.
والعامل الثاني هو الأرصدة المالية الفائضة بما في ذلك الموجودات الأجنبية التي تراكمت عبر السنوات السابقة.
وتقدر التقارير أن السعودية تمتلك أعلى رصيد موجودات أجنبية بقيمة 550 مليار دولار ثم الكويت بنحو 230 مليار دولار ثم الإمارات بنحو 180 مليار دولار ثم قطر بنحو 130 مليار دولار ثم كل من عُمان والبحرين ما دون 20 مليار دولار. ووفقا لهذين المعيارين، فإن أربع دول خليجية هي: المملكة العربية السعودية والإمارات والكويت وقطر ستكون في وضع أفضل من حيث التوسع في الإنفاق حتى في ظل الأزمة الراهنة.
ووفقا لصندوق النقد الدولي، فقد أبدت معظم مجلس التعاون الخليجي، عزمها على مواصلة خطط الإنفاق والاستثمار دون تغيير، مشددا على ضرورة أن تعزز الحكومات تنظيماتها وإجراءاتها من أجل تفادي الوقوع في أزمة مشابهة في المستقبل، مؤكدا في ذلك زيادة حجم الإنفاق والحفاظ على مستويات النمو.
وعن طريق مواصلة الإنفاق، تسهم البلدان الخليجية في دعم الطلب العالمي بنسبة كبيرة ومتنامية، وتقوم بدور الحافز على تحقيق الاستقرار خلال مرحلة الهبوط العالمي. ويتوقع الصندوق ارتفاع نسبة الإنفاق الحكومي إلى الناتج المحلي الإجمالي من 28.5 في المائة عام 2008 إلى 38.4 في المائة عام 2009 في دول المجلس (يعود على انخفاض الناتج المحلي من جهة وارتفاع الإنفاق من جهة أخرى). في الوقت نفسه، ستنخفض نسبة رصيد الميزانية إلى الناتج المحلي من فائض بنسبة 26.5 في المائة عام 2008 إلى نسبة سالبة تقدر بنحو 1.4 في المائة عام 2009.
وتشير البيانات المتوافرة كافة إلى أن معظم دول المجلس سعت للمحافظة على ميزانيات توسعية لعام 2009 بغض النظر عن الأوضاع الاقتصادية السائدة وتحقيق العجز المالي. ففي الإمارات، تراوح الميزانية العامة للدولة لعام 2009 ما بين 45 مليار درهم و47 مليار درهم بزيادة نسبتها 30 في المائة إلى 35 في المائة على ميزانية عام 2008. ويستهدف مشروع الميزانية تحسين مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين وإعطاء الأولوية لمشروعات التربية والتعليم والصحة والخدمات الاجتماعية، كما ستحافظ الميزانية على مبدأ التوازن بين النفقات والإيرادات للعام الخامس على التوالي. ويتضمن مشروع الميزانية عدداً من المشروعات الاستثمارية التي تخدم مختلف قطاعات المجتمع.
وقالت وزارة المالية الكويتية إن ميزانية الكويت للسنة المالية 2008-2009 تتوقع عجزا قدره 5.12 مليار دينار. وقالت الوزارة إن مشروع الميزانية يحدد حجم النفقات عند 17.9 مليار دينار. وتبدأ السنة المالية في الكويت في الأول من نيسان (إبريل). ويتوقع المشروع أن يبلغ إجمالي العجز الذي يشمل تخصيص 10 في المائة من إيرادات الدولة لصندوق للأجيال المقبلة تديره الذراع الاستثمارية للحكومة 6.39 مليار دينار. وقدرت الإيرادات النفطية عند 11.65 مليار دينار.
اما في السعودية، فقد صدرت الميزانية العامة للمملكة لعام 2009 بزيادة قدرها 17 في المائة عن عام 2008 وبلغ حجم الإنفاق المتوقع 475 مليار ريال والإيرادات المتوقعة 410 مليارات دولار بينما سيبلغ العجز 65 مليار ريال وستتم تغطيته من خلال فوائض الأعوام السابقة. ويشير أغلب التوقعات إلى تبني المملكة، وكذا بقية دول المجلس، سعرا للنفط يراوح بين 40 و45 دولارا للبرميل كأساس لتقدير العائدات النفطية.
إلا أن تقريرا لبيت التمويل الخليجي يقول إن الموازنات العامة للدول الخليجية تمثل نصف القصة فقط. أما النصف الآخر فيعتمد على مواصلة تنفيذ المشاريع الضخمة للمؤسسات التابعة للحكومات مثل شركات البترول والكيماويات والغاز والألمنيوم، حيث يلاحظ التقرير أن شركة نفط البحرين أعلنت في 11 كانون الثاني (يناير) 2009 تأجيل استكمال مشروع إنتاج النافتا والديزل البالغ تكلفته ملياري دولار. كما أعلنت شركة ريو تنتو في نهاية عام 2008 انسحابها من مشروع مشترك مع «المدائن» (شركة معادن سعودية) تبلغ تكلفته 10 مليارات دولار خاص بتشييد مصنع الألمنيوم في السعودية. وقبلها في بداية شهر كانون الأول (ديسمبر) 2008ـ أعلنت شركة البتروكيماويات الكورية «هونام» عن تأخير تنفيذ مشروعها المشترك الخاص بتشييد مصنع للبتروكيماويات في قطر بتكلفة 2.6 مليار دولار.
ويقول صندوق النقد الدولي إن سعي دول المجلس للمحافظة على مستويات الإنفاق يجب أن يستهدف إحداث التوازن بين تحفيز الطلب الداخلي والتكيف مع تناقص الإيرادات. كما يجب أن يركز الإنفاق الاستثماري على المشاريع ذات الأولوية وذات الجودة العالية. ولكون الصادرات النفطية تمثل نحو 50 في المائة من الدخل القومي، فإن انخفاض عوائد الصادرات في ظل الأزمة العالمية سيؤدي بدوره إلى انخفاض بنسبة 30 في المائة في هذا الدخل خلال عام 2009. فيما قدر صندوق النقد الدولي بأن يؤدي تراجع أسعار النفط وتخفيضات إنتاج البلدان الأعضاء في «أوبك»، إلى تخفيض عائدات تصدير النفط بنسبة ستصل إلى 50 في المائة في عام 2009، مضيفا أن ذلك ينطوي على خسارة في الإيرادات الحكومية بواقع 300 مليار دولار أمريكي تقريبا مقارنة بعام 2008 . ويتوقع الصندوق انخفاض إجمالي الصادرات الخليجية من 822 مليار دولار عام 2008 إلى 532.4 مليار دولار عام 2009.
وتوقع الصندوق أن تتحول الحسابات الجارية في البلدان المصدرة للنفط من فائض بلغ 292.3 مليار دولار تقريبا عام 2008 ، إلى فائض مقداره 16.2 مليار دولار في 2009. وبالتالي، ستنخفض نسبة رصيد الحساب الجاري إلى الناتج المحلي من 27.2 في المائة عام 2008 إلى 1.9 في المائة عام 2009. ويشير الصندوق إلى إمكانية احتواء هذا التدهور ضمن حدود مريحة بالنظر إلى مخزون الاحتياطيات الكبير الذي تمكنت هذه الاقتصاديات من تكوينه. ويقدر الصندوق حجم الاحتياطيات الرسمية الخليجية بنحو 494.5 مليار دولار عام 2009 (511.4 مليار دولار عام 2008). بينما ترتفع المديونية الحكومية كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي بصورة طفيفة من 11.9 في المائة عام 2008 إلى 12.5 في المائة عام 2009.