رد: الملف الصحفي للتربية 10---9
الوطن :الاثنين 10 رمضان 1430 هـ العدد 3258
العيسى: حلقة "طاش" غير موفقة وقد تضر بالجهود المخلصة لإصلاح التعليم
قال إنها قد تعيد السجال الفكري إلى المربع الأول
أبها: عيسى سوادي
علق مدير جامعة اليمامة ومؤلف كتاب "إصلاح التعليم في السعودية" الدكتور أحمد محمد العيسى على ما ورد في حلقة تطوير التعليم من مسلسل "طاش ما طاش"قائلاً" إن الحلقة لم تكن موفقة لا من الناحية الفكرية، ولا من الناحية الفنية"، مبديا خشيته من أن تكون الحلقة قد أضرت بالجهود المخلصة لزحزحة عملية إصلاح النظام التعليمي ودفعه إلى الأمام. وعلل العيسى ذلك بقوله "لأنها قد تؤدي إلى إعادة السجال الفكري إلى المربع الأول بعد أن توقعت أننا قد تجاوزنا هذه المرحلة، وتيقنت أن المرحلة الحالية تشهد تحركاً نحو الوسط من قبل عدد من المفكرين ممن يصنفون بأنهم في هذا الطرف أو ذاك، مع خفوت بعض الأصوات المتشنجة التي كانت تسمم الأجواء وترفع من حدة التأزم الثقافي العام. لقد جاءت الحلقة – في تقديري - في الوقت الضائع وربما بعد أن أطلق الحكم _قيادات الدولة_ صافرة نهاية المباراة". وأوضح العيسى "لم أكن لأرغب حقيقة في التعليق مباشرة عن موضوع حلقة تلفزيونية عابرة، مهما كانت أهميتها وقوة تأثيرها، ذلك لأنني أعتبر أن ردود الفعل السريعة – والتي غالباً ما تكون متشنجة – ضد أي طرح فكري تكون نابعة من ثقافة تحاول أن تقلل من مساحة الحرية الفكرية وتعنف بشكل سريع وحاسم لأي رأي أو تعبير يخرج عن السياق الفكري العام، أو النسق الثقافي السائد – بتعبير أستاذنا الدكتور عبدالله الغذامي-، وكثيراً ما أقول إن المجتمعات التي تهتز من موقف واحد أو من كلمة أو صورة أو لوحة فنية هي مجتمعات ثقافتها العامة هشة".
وعن تعليقه أيضا قال العيسى "ما شجعني على التعليق هو ما قرأته وسمعته عن بعض ردود الفعل العنيفة والمتباينة بين مؤيد ورافض".
واستطرد العيسى "لا أعتقد أنني بحاجة إلى التأكيد على أهمية موضوع الحلقة وهو "تطوير المناهج" في بلد يعاني نظامه التعليمي من مشكلات كبيرة يمثل موضوع تخلف المناهج الدراسية واحداً منها وإن لم يكن أهمها في تقديري. كما أنني لست بحاجة إلى الإشادة بقدرات الممثلين البارعين ناصر القصبي وعبدالله السدحان فقد نجحا في خلق عالمها الفني الخاص وجمهورهما العريض، كما أنني لست بحاجة إلى التنويه بقدرة كاتب سيناريو الحلقة الأخ الأستاذ يحيى الأمير ، فهو من الكتاب الذين لديهم رؤية متوازنة واطلاع عميق بما يدور في الساحة الفكرية على المستوى المحلي والعربي".
وأشار العيسى قائلا "لاشك لدي أن هناك توجساً ظاهراً من مطالبات تطوير المناهج الدراسية – وبخاصة مناهج المواد الدينية - لدى قطاع عريض من المنتمين للتيار الديني المتشدد، وهؤلاء قد يوصفون بأنهم طلبة علم أو محتسبين أو عاملين في مجالات الدعوة وغيرها، وهذا التوجس نابع من خشية البعض بأن تطوير المناهج يهدف إلى مسح الهوية الدينية لدى الأجيال الصاعدة وتغيير التركيبة الثقافية في البلاد. وهذا التوجس تحول في بعض الحالات إلى تشكيل لوبيات ضغط على العلماء والمسؤولين لمنع عمليات تطوير أو تغيير المناهج، أو على الأقل إفراغها من مضمونها الحقيقي لتتحول إلى شكليات وقضايا هامشية، ولكن هذا التوجس أو الخشية المتمكنة في نفوس البعض ليست العامل الوحيد الذي يعيق مشاريع تطوير المناهج، فهناك عوامل أخرى إدارية وبيروقراطية وفنية ربما تساوي في قوتها معارضة تيار فكري متشدد".
وأضاف العيسى "صحيح أن خمس عشرة دقيقة في حلقة تلفزيونية واحدة ليست كافية لعرض كافة العوامل، وصحيح أيضاً أن المبالغة مطلوبة في العمل الفني لإبراز الفكرة بأكبر قدر ممكن من التكثيف، ولكن في تقديري أن طرح الموضوع من هذه الزاوية فقط وفي هذا المرحلة وفي مسلسل تلفزيوني قد تم تصنيفه بحدة، قد كان خطأ من قبل معدي البرنامج. وفي تقديري أيضاً أن الحلقة كان يمكن قبولها لو تم حذف الفقرة المتعلقة بلجنة اختيار المتقدمين على الوظائف التعليمية، حيث كانت هيئة أعضاء اللجنة والأسئلة التي طرحت على أحد المتقدمين مستفزة ومبالغاً فيها بشكل كبير، وأرى أنها كانت خارجة عن سياق الحلقة المرتبط أساساً بعملية تطوير المناهج وليس بالوضع التعليمي بشكل عام ومنها اختيار المعلمين".
أما تقييم العيسى للحلقة فنيا فأوضحه قائلا "من الناحية الفنية رأيت أن الحلقة جاءت جادة أكثر من اللزوم، فقد كان سيناريو الحلقة خطابياً مباشراً يصلح أن يأتي ضمن مداخلة في ندوة علمية أو مقابلة تلفزيونية وليس في مسلسل تلفزيوني معروف بأنه كوميدي وساخر، وقد تمنيت لو أن سيناريو الحلقة قد كُتب بطريقة فنية ماكرة وهزلية تبرز جوانب من التناقض الذي يعيشه طلبتنا في الصباح بين مناهج صارمة تتبنى مذهباً فقهياً وفكرياً حاداً، مقابل ما يعيشه الطالب في المساء من تسامح وسعة في منزله وفي الشارع وما يسمعه ويراه في وسائل الإعلام المحلية والدولية.
فإن كانت الموسيقى في أنشطة المدارس وفي مناهجنا حراماً، فإنه يسمع الموسيقى في كل مكان، وإن كان حجاب المرأة هو غطاء الوجه والكفين، فإنه يشاهد من مظاهر السفور الكثير في الأسواق والمنازل وفي وسائل الإعلام، وإن كانت البطاقات الائتمانية حراما، فإن والده وأعمامه وأخواله يتعاملون بها محلياً ودولياً.. وهكذا".
وختم العيسى تصريحه قائلا "أتمنى أن يتقبل الإخوة القائمين على العمل هذا الرأي وأيضاً أن تتسع صدور من أغضبتهم الحلقة، فنحن في شهر الرحمة والتسامح والعفو ، ونحن أيضاً في وطن الخير والمحبة".
|