الموضوع: حكاية من صمت ::
عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 09-07-2009
الصورة الرمزية المقداد
 
المقداد
كاتب مبدع

  المقداد غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 3563
تـاريخ التسجيـل : 12-02-2009
الـــــدولـــــــــــة : ضوء الظل
المشاركـــــــات : 1,283
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 89
قوة التـرشيــــح : المقداد تميز فوق العادة
افتراضي حكاية من صمت ::

حكاية من صمت :: حكاية من صمت :: حكاية من صمت :: حكاية من صمت :: حكاية من صمت ::


حكاية الصمت الأخيرة

كان الوقت أبيضاً ، والنهار يشمر عن ساعديه ليبدأ اليوم من حيث انتهى الوقت ، لم يحن الوقت بعد لينفض غبار الذكريات عن سلاح الأمل ، في بدايات الآمال وعند انتهاء الآمال .
الوقت ما زال أبيضا ، والحب أصبح كذلك حين نهض الوقت معتبراً الصمت السلاح الأميز .

لم نشاهد الغد وحتام تتنهي كل الحكايات الليلية والنهارية في لحظة الصمت ، كان لزاماً علينا أن ننطق الصمت ، كانت حكايا من ذهب ، وشمساً من سكون ، و مناجاةٌ من ليل ، وأسطورةٌ رمانية.
تبدأ الحكاية برحلة الصمت في أتون الحكايات العتيقة ، وعبر سنين الحقيقة ، وإلى انتهاء الصمت .
أأغنيتي هل ينتهي الصمت؟
أم أننا نلعق الصمت في جيوب الكلام، أم أننا نلعن الصمت حين يغدو السكون هو المجرم الأوحد.
يا ليتني كنت صمتاً ناطقاً، ويا ليتها كانت كلاماً عذباً، لعلنا ننطق الذكريات الملعونة .




يا لها من وداعة وجمال وشباب منعم أملود
يا لها من طهارة تبعث التقديس في مهجة الشقي العنيد
يا لها من رقة تكاد يرف الورد منها في الصخرة الجلمود
أي شيء تراك ؟ هل أنت فينيس تهادت بين الورى من جديد
لتعيد الشباب والفرح المعسول للعالم التعيس العميد
أم ملاك الفردوس جاء إلى الأرض ليحيي روح السلام العهيد
أنت .. ما أنت رسم جميل عبقري من فن هذا الوجود
فيه ما فيه من غموض وعمق وجمال مقدس معبود
أنت .ما أنت .. أنت فجر من السحر تجلى لقلبي المعمود
فأراه الحياة في مونق الحسن وجلى له خفايا الخلود
أنت روح الربيع تختال في الدنيا فتهتز رائعات الورود



لماذا لي الصمت ، والكلام لكِ ، لماذا انهض الصباح مثقلا بهموم الكلام ، ولكن الكلام يلفظني كما يلفظكِ الصمت ، لماذا ينتهي الصمت حين تبدئين حكايات الكلام . فهل بعض الكلام أمل . أم أن كل الصمت لعنة .
تكلمي ما شئت تكلمي ، ولكنًّ صمتي صمت الطريق .





" صمت الطريق .. صَوّت ينادي
وهم السراب ..
دمعة غريق نزلت من فوق ..
خد السحاب
مشوار العذاب .. طالت سكته ..
يا شموع الشط .. أنهي غربته ..
أنا نغمة حب .. ضيعها الوتر
وأنا ونة قلب .. أتعبها السفر
وأنا ناوي .. القرب
ودروبي بحر"




أتعلمين حين ينطق الصمت لعناته ، يصرخ الصراخ بالغضب ، وأسطورة الليل والسكون تتحول إلى مردة شياطين حمر .
أتعلمين وقتما ينطق الصمت حكايات الكلام - التي تشبهك والتي لا تشبهك - يتحول الليل إلى فجر ، فيغني الطير أغنية السِحر ،
وتصبح كل الزهور أنتِ ، وكل الصمت ينطق اسمكِ ، ويستحيل ألا يتحول البحر إليكِ ، فتتكلمك الأشياء ، ويمطرك السحاب فيصير الأديم أخضراً كالربيع ، حينها ينطقكِ الشعراء ، ويحكون عنك في مجالس الأدباء ويُحتفى باسمك احتفاء الأوفياء .

الصمت يا صمتي حكايا من شجون ، ولا شجون في عينيك حين تصمتين ، كأن الصمت خلق لي ، والكلام تمثالك الماثل أمامنا .
الصمت يا أحن الأشياء وأرقها كلاماً ، هو كلامك حين تكون الساعة خمسٌ وعشرين ، وحين تكون حروف العربية تسعٌ وعشرين
وحين تتفتح زهرة "الدافوديل" ذات ربيع فتنتج رطباً نقياً .

لطالما تذكرين الصمت في حواراتنا ، ولم أزل أملك الصمت سلاحاً أبيضاً ضد كل الأشياء التي تنغص علي شهوة الكلام .




كنتِ دائماً ترددين على أذنيّ كم أني أعشق أبو القاسم الشابي ، وكم أكره شوقي ، وكم أحب وردزوورث ولا أهوى ايملي ديكنسون، وكم تطربني بلابل الفجر ،
ولكني لم أهتم بمن ذكرتِ ، فصمتي كان مفتاحاً لباب الكلام مع قلبك ، بدأت حينها بكتابة حروف اسمك بأنغام صمت من آلة
" التشيلو" التي تعشقين ، نطقتِ صمتاً ، فرحتِ ورقصتِ طرباً.
حينها انْتشيتُ ، فغَدت النجوم أحرف صمتي الكبيرة ، وكان القمر انعكاس لملامح وجهك الطاغي الجمال .
هل كان الصمت وسيلة حبنا ، أم أن القلوب نطقت صمتاً محبباً إلى قلبي.
لم أنم ليلتها ، كنت أنظر إليكِ في خيال القمر وأنظر وأنظر وأحدق النظر ، وأنسج من الليل ثوب صمت يليق بمقام الكرى الذي غمر قلبينا .


في حكاية الصمت الأخيرة :

لن ينتهي الصمت يا حبيبتي لأنكِ الصمت ..
ولن تنتهي الحكاية ما دمتِ أنطق الحب صمتاً وتحكين الشوق كلاماً.
يومها نظرتُ في قاموس كلامكِ عن مفردة الصمت ... فنطق الكلام :




هل ابتدينا .. أم كان الصمت لي لغة
ما زلتِ في لغتي ..
حرفاً .. وأغنيةٌ
ما زلتِ .. في لغتي
أسلوبٌ .. وأسطورة
ما زلت .. في لغتي
وردٌ .. وأفروده
مازلتِ في .. أملي ..
حكاية ... وأنشودة
أيا صمتي ..
لن ينتهي ما ابتدينا..
فالكون لم ينطق..
إلا ..
اسمك .. وحبك
وأغرودة


.
.
.
المقداد

من الماضي
رد مع اقتباس