رد: الملف الصحفي للتربية السبت 22ــــــــ 9
الوطن :السبت 22 رمضان 1430 العدد 3270
أطفالنا يقضون على أنفلونزا الخنازير
بشائر محمد
في لعبة إلكترونية بسيطة راجت بين الأطفال في الآونة الأخيرة اسمها.. كيف تقضي على أنفلونزا الخنازير، يتولى اللاعبون الصغار فيها إطلاق الرصاص على الخنازير التي تمر بسرعة من أمامهم على الشاشة، حتى يقضوا بهذه الطريقة على كل الخنازير في العالم ويحققون بذلك الأمنية الحلم وهي القضاء على أنفلونزا الخنازير.لكننا على ما يبدو نسينا رسم الحدود الفاصلة بين الحلم والحقيقة فقد بنينا واقعنا على هذا الحلم، وهي عادتنا دائما عندما نفشل في تحقيق معادلة ما على أرض الواقع أو عندما نخفق في إنجاز أمر مهم داخل مربع الحقيقة فإننا نلجأ إلى دخول مدن الأحلام وتشييد طموحاتنا بحجارة الوهم فنوهم أنفسنا بالقدرة والنصر والتفوق والسبق وما نحن في حقيقة الأمر إلا مجموعة أناس واهمين.فهزائمنا تتحول إلى أفلام تاريخية وثائقية، وعجرفتنا تتحول إلى عزة نفس وأنفة وخنوعنا يتبدل إلى حكمة وروية وجهلنا وغفلتنا تسمى حنكة وعزيمة في مواجهة الشدائد، كل هذا في مدن الأوهام التي نشيدها لتستوعب إخفاقاتنا.فحتى الآن وبالرغم من أننا نشاهد هذا الداء يواصل التغلغل بيننا ويحقق أرقاما عالية في الإصابات والوفيات إلا أننا لم نتعامل مع هذا الأمر بحزم وصرامة، وأطفالنا الذين- قتلوا كل الخنازير- في أحلامهم الصغيرة سيتوجهون إلى مدارسهم معلقين كل الأمل على "التعاون" بين الصحة والتعليم.. هذا التعاون الذي لم يحقق في السابق نجاحا في إيجاد مقصف مدرسي صحي يبيع الوجبات المفيدة والمغذية للصغار، هذا التعاون الذي لم يستطع أن يمنع انتشار فيروس العنقز بين طلاب الفصل الواحد، إلا أنه وبالرغم من كل هذا يجب علينا أن نؤمن بأنه سيحقق المعجزات بإحكام القبضة على أنفلونزا الخنازير قبل أن تداهم الأجساد الصغيرة والمناعة الضعيفة خاصة لطلاب المراحل الابتدائية. إننا الآن بحاجة إلى هدم مدن الأحلام ومواجهة الحقيقة المرة بكل شجاعة، فلا ذنب للصغار فيما يقرره الكبار، ولابد من مناقشة تأجيل الدراسة لطلاب المراحل الابتدائية على الأقل ممن لا يجيدون اتخاذ التدابير الوقائية المناسبة ولا يستطيعون حماية أنفسهم من أبسط الأخطار المحيطة بهم، قبل تسجيل أول حالة إصابة بينهم بأنفلونزا الخنازير لا سمح الله، وقتها سيبدو التعاون جليا بين الصحة والتعليم حينما يقدمون اعتذارا مشتركا لذوي المصاب مشفوعا بتمنياتهم له بالسلامة بعد أن تكون العدوى انتقلت إلى المدرسة بأكملها.
|