[صقر قريش]

الوطن :السبت 22 رمضان 1430 العدد 3270
لا لفيروس الهلع من الخنازير.. ولكن!
أمل زاهد
ما رأيكم أن نغلق الأسواق التجارية والملاعب الرياضية والمساجد والمطاعم ونبتعد تماما عن التجمعات؟! وما رأيكم أن نغلق مدن الملاهي في عيد الفطر المبارك تحسبا من خطر أنفلونزا الخنازير؟! ما رأيكم أيضا أن نضع على النوافذ أشرطة لاصقة لتمنع عنا فيروسات الخنازير، كما فعلنا أيام حرب الخليج احترازا من الغازات السامة التي كان سيسلطها صدام علينا بصواريخه العابرة للوهاد والمسافات؟! ما رأيكم أن نتوقف عن الحياة ونلزم ديارنا ما دام هذا الفيروس يتربص بنا؟!
أتساءل كثيرا وأنا أرى الهلع والخوف يتربص بالبلاد والعباد مع اقتراب موعد افتتاح المدارس، لماذا لا ينتشر ذات الهلع في بلدان ما وراء البحار؟! ولماذا لم نسمع هناك عن مطالبات بإغلاق المدارس؟ ولماذا يمارس الناس حياتهم بصورة طبيعية في المكسيك نفسها وفي الولايات الأمريكية الأقرب إليها كتكساس وكاليفورنيا وفي بريطانيا وهي من أكثر الدول في عدد الإصابات؟! لماذا لم يقفلوا المدارس والمتاحف والملاعب والمسارح ودور السينما وأماكن التجمعات المغلقة؟!
دون شك ساهمت محددات إغلاق المدارس التي نشرتها وزارة التربية والتعليم بالتعاون مع وزارة الصحة في تأجيج الهلع ونشر الخوف أكثر من طمأنة روع الناس! بدت لي بعض المحددات أشبه بفوازير رمضان ووقفت طويلا أحاول تفكيك لغتها وأسلوب صياغتها، واعترف بعجزي وفشلي في الغوص في ما وراء الكلمات وقراءة عقليات القائمين على صياغتها؟! هل يقصدون طمأنة الناس أم زيادة مخاوفهم؟! قولوا لي بالله عليكم ما معنى أن تغلق المدرسة لمدة سبعة أيام إذا بلغت نسبة الطلاب الذين تغيبوا عن الدراسة بسب أنفلونزا الخنازير 10 % من طلاب المدرسة؟ وماذا يعني أن تغلق المدرسة إذا حصلت وفاة لأحد طلبتها بسبب المرض؟! وماذا يعني أن تغلق المدرسة إذا دخل اثنين من طلبتها للعناية المركزة بسبب المرض؟! إلى الباقي من غرائبيات وعجائبيات المحددات التي نشرتها كافة الصحف الأسبوع الماضي والتي زادت الآباء والأمهات قلقا على قلقهم!
وبدلا من طمأنة الناس وإزالة شبح الرعب عنهم تساهم وزارة الصحة أيضا بتأجيج ثقافة الهلع ببعدها عن الشفافية، التي من الممكن أن تقضي على الشائعات والخوف الذي يدمر أعصاب الناس ويعرض اقتصاد قطاع الحج والعمرة لضربة قاصمة ليس لها سابقة من قبل! وهاهي فنادق تغلق أبوابها في المدينتين المقدستين وتسرح موظفيها ليتسكعوا على قارعة البطالة والفقر، والقادم أسوأ وأكثر إيلاما لاقتصادنا إذا بقي الحال على ما هو عليه أو ساء مع موسم الحج القادم على الأبواب!
نريد من وزارة الصحة أن تعلن لنا عن أسباب زيادة عدد الإصابات عندنا، نريد أن نعرف أسباب وفاة كل من الست وعشرين حالة، نريد أن نعرف أسباب تعرض مريضة شابة في مستشفى جامعي داخل - ما يفترض أنها عناية مركزة محمية– للفيروس ثم الموت بسببه؟! نريد أن نسمع إجراءات حاسمة في حق المستشفيات التي ترفض علاج المرضى؟! أرفض ثقافة الهلع وأؤمن أنها أبشع من الإصابة بالمرض لأنها تشل حياة الناس وتدمر أعصابهم، ولست مع تأجيل الدراسة ولكن لا بد من إجابات للأسئلة المعلقة لتتبدد فيروسات الهلع!