رد: الملف الصحفي للتربية السبت 22ــــــــ 9
صحيفة اليوم:السبت 22 رمضان 1430هـ العدد:13238
مذكرات معلمة في الأفلاج
عبد الله بن أحمد الشباط
بشائر محمد أديبة مربية من الاحساء أرجو أن يكون لها نصيب وافر من اسمها لتكون بشائر تجلب السعادة لنفسها ولمن حولها ، التقيت بها عبر الدائرة المغلقة في احدى فعاليات نادي الاحساء الأدبي فاستمعت إلى مداخلاتها وتعليقاتها بصوت ذي حضور أدبي فعال من خلال اللجنة النسائية بالنادي علمت فيما بعد أن لها إنتاجا مطبوعا لا أدري محتواه ولا مستواه لأنني لم أطلع على شيء منه ، إلا أنني وفقت في متابعة (مذكرات معلمة مغتربة في الافلاج) التي أخذت تنشرها تباعاً في جريدة الوطن فشدني أسلوبها لدرجة الإصرار على متابعة تلك السياحة التي تحولت في معظم معطياتها إلى كوابيس أرغمتني للعيش من خلالها مع اولئك البائسات اللاتي أردن أن تكون الوظيفة – معلمة – ما يحقق طموحهن ، وأن يرفع قدرهن من خلال تلك الوظيفة التي قال عنها الشاعر أحمد شوقي :
قم للمعلم وفه التبجيلا
كاد المعلم أن يكون رسولا
فلم يحصلن على التبجيل أو على الأقل التقدير المناسب لوظائفهن كمربيات للأجيال متحملات كل الاهانات والعنت وسوء التقدير من إدارة المنطقة أو من مديرة المدرسة أو بعض الزميلات في السكن الذي لا يستطعن استئجاره إلا بكفيل غالباً ما يكون حارس المدرسة أو سائق السيارة وأسوأ ما في هذه النقطة مغالاة مالك السكن في الأجر الذي يرتفع تلقائياً باستمرار أو يفاجئهن بطلب الاخلاء لأنه في حاجة لذلك المنزل الذي لا تحد عليه إلا حاجة الاغتراب والحاجة المادية التي دفعت هؤلاء البائسات إلى ترك أسرهن وأزواجهن ان كن متزوجات وأطفالهن وجئن إلى بلد لا ترحيب فيه ولا كرامة علاوة على نظرات التوجس والريبة من المحيطين بهن في غربتهن التي أجبرتهن على تجرع غصاتها الحاجة وخوف الإسهام في البطالة التي بدت مخالبها تنهش جوانب الحياة الاجتماعية وتتحول إلى كوابيس تقلق المسئولين في وزارة العمل ووزارة الخدمة المدينة ووزارة الشؤون الاجتماعية .لقد استطاعت بشائر محمد أن تنقلني بقلمها الرشيق وعبارتها الهادئة (الهادفة) إلى العيش معهن ومشاهدة بعض ملامح تلك الحياة التي صورتها للقارئ تصويراً واقعياً لا يحتاج إلى محسنات أو ألوان ، سوى اللون القاتم الذي يصل إلى الأحاسيس البشرية فلا نملك سوى التعاطف مع تلك الفئات من بناتنا اللاتي ترميهن الحاجة في تلك القرى والهجر البعيدة ذات الطرق التعيسة التي يترقبهن الموت من خلالها بفعل ما يتعرضن له من حوادث انقلاب السيارة ، أو اصطدامها ، أو الضياع في متاهات الصحراء الواسعة .إلا أن قلم بشائر من خلال سرد هذه المعاناة لا بد أن يجد له فرجة من السرور ومناسبة قد تطل على استحياء كزواج زميلة من الزميلات أو الحصول على سكن مناسب بإيجار معقول أو نقل احدى الزميلات إلى مكان قريب من أسرتها حيث تتخلص من تلك المواصلات المتكررة والتي لا يعلم نتائجها إلا الله ، في هذه المناسبات السعيدة تأخذك بشائر إلى رفقة اولئك الآنسات الطيبات اللاتي لم يعرفن الحقد ولم يتسلل الحسد ، والكراهية إلى قلوبهن فيضحكن ملء صدورهن من الأعماق في لحظات تغيب فيها كدمات المعاناة ونسيان التضحية وعدم التقدير ومعاملتهن كأشياء لا يؤبه لدورها المجيد ورسالتها السامية .فأرجو من الأخت بشائر ألا أكون قد زدتها هما على همومها ، وإنما أردت أن أعطيها فسحة تتمدد عليها كلماتها على الورق لتصافح عيون قرائها لكن بفرح وسعادة بعيداً عن آلام المعاناة إلا أن الفرح لا يدوم مع بالغ الأسى والأسف حيث جاءت الحلقة الحادية والثلاثون حاملة نبأ مصرع أخ البطلة عندما شاهدت أخته جسده ممداً على إسفلت الطريق إلى الافلاج ودماءه مبعثرة على المساحة التي غطاها ذلك الحادث إلا أن الحلقة الأخيرة جاءت شبه اعتذار عما سببته الكاتبة من آلام ومنغصات انني لا أرغب أبداً مقارنة ابداع أي كاتب أو كاتبة بالآخرين لأن لكل مبدع أسلوبه المتميز الذي يشبه البصمة التي لا تتكرر وأسلوب بشائر محمد جاء معبراً عن عشق الأرض وحب التضحية لأداء رسالة سامية هي تعليم بنات الوطن ، فمزيداً من العطاء يا بشائر !!
|