الموضوع: فتنة المنصب ..
عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 09-16-2009
الصورة الرمزية صقر قريش
 
صقر قريش
مشرف الأقسام التعليمية

  صقر قريش غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 2814
تـاريخ التسجيـل : 22-08-2008
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 31,556
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 596
قوة التـرشيــــح : صقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادة
افتراضي فتنة المنصب ..

فتنة المنصب .. فتنة المنصب .. فتنة المنصب .. فتنة المنصب .. فتنة المنصب ..

فتنة المنصب ..
فتنة المنصب .. موت قبل الموت وتكفين من غير كفن
يحدثنا الرواة أن نديم الخليفة المأمون واسمه مخارق جلس ذات يوم بين يدي الخليفة فأنشد بين يديه قول آبي العتاهية :
واني لمحتاج إلى ظل صاحب ** يروق ويصفو إن كدرت عليه
فقال المأمون لنديمة اعد فأعاد سبع مرات فأخذ الخليفة يبكي ثم قال لنديمة:
خذ مني الخلافة وأعطني هذا الصاحب.
إنها كلمات نبعت من لسان خليفة قض مضجعه المنصب والكرسي,والتقديد والشي والقلي ,لأنه في كل ما ملك لم يبحث عن هذا الصاحب الوفي ولم يعض عليه بالنواجذ , إنما إلهاه المنصب عن التمسك . بهذا الرفيق فكيف إذا كان هذا الرفيق قائما وحيا ثم هو يغنيه العاجل عن الآجل ... تلهيه اللذة الحالية عن التزود لصحرائه القادمة الملتهبة؟
غدا سيذهب المنصب... وينفض عن صاحبه الحاشية والبطانة, ثم ينظر حواليه فلا يجد غير فلاة موحشة لا يضيئها كوكب , ولا يلمع فيها شعاع ولا يؤنسها صديق.ولا تلفح وجهه موجة بحرية...
غدا يا صاحب الكرسي المهترئه ستنكسر بك الكرسي وتمضي إلى زمن اخر نراه قريبا , وبغير الرفاق ستشعر انك ما تمتعت بدنياك ولا بلذة من الملاذ, وكأنك ما نلت في عهدك وزمانك وعمرك مأربا من مآرب الجاه...
سيحتجب عنك كل شيء ويحجب منك كل شي ولن يبقى بين يديك إلا ان تتمنى حسن الختام , فالقوة في هبوط والنشاط في اضمحلال, والعافية في خطر وحسن الختام على خطر, والأطباء الثلاثة طبيب العيون وطبيب المعدة وطبيب الأسنان يقفون على الباب والحياة التي قضيتها غير متمسك إلا بنفسك ومصلحتك وجيبك وجاهك على وشك الانحدار إلى مغربها,وقد تقاربت الخطوات فأصبح فرسخك ميلا وباعك ذراعا والألف متر عشر أمتار ,فتنكر حينئذ على نفسك ما فعلت بنفسك, إن هي إلا لحظات وإذ بك تنشد كالملموس وتهذي كالممسوس.(واني لمشتاق في هذه اللحظات إلى ظل صاحب يؤنس وحدتي). وماذا تنفع مناصب الدنيا التي من اجلها بعت أخوانك وأسنادك وظهورك إن لم يكن فيها هذا الأخ الصاحب , والعصبة المصاحبة التي أوصلتك بجهدها وعرقها وسهرها إلى ما وصلت إليه؟
وماذا ينتفع الإنسان من عرشه إن لم يكن فيها هذا الأخ العضد؟
ماذا تستفيد مجموعة البشر من إمارتها ومنصبها إن فقد الإنسان في لحظة عمى بصيره أنوار عينيه؟ وفقد دفعة واحدة ما قال الشاعر:

يا من فدت نفسه نفسي ومن جعلت ** له وقاء لما يخشى واخشاه
ابلغ اخاك وان شط المزار به ** اني وان كنت لا القاه القاه
الله يعلم اني لست اذكره ** وكيف يذكره من ليس ينساه
عدوا فهل حسن لم يحوه حسن ** وهل عدلت جدواه جدواه
الدهر يفنى ولا تفنى مكارمه ** والقطر يحصى ولا تحصى عطاياه

غدا سيصبح شأنك الحالي ماضيا مندثرا, وغدا سيصبح أمس لا رجعة له إلى الأبد...
فما لك ولعالم المنصب ولما يحويه من خير وشر وأنت مفارقه وشيكا,إن لم يكن اليوم فغدا ... غدا سيرحل عنك الحاضر وسيأتيك لحظات طويلة تجلس فيها مع نفسك وحيدا تتذكر جلساتك مع أخوانك فتبكي تلك اللحظات دما, وترثي حالك, وحتى في لحظات جلوسك في منزلك الأنيق لن تنسى أبدا جلوسك ساعات وأيام بين خير الناس أدبا وفضلا وشرفا.
الآن وأنت توشك أن تفقد كل شيء هل تضع نفسك أمام مرآة الحقيقة أم أن مرآة نفسك قد صدئت فما عاد ينطبع فيها غير موكبك وصولجانك وكوكب الدنيا ولكن!!!
أين الكوكب الذي تجلس عليه فيما تقع علية أنظارنا من كواكب السماء ونجومها المتلألأه؟
يقولون أن هناك أناس ماتوا قبل أن يموتوا ... وان من يتمسك بمنصب ليس من حقه , ومن اجله يظلم ... هو الإنسان الذي يكفن من غي كفن, ويموت من غير أن يموت, فأي ميتة أفضل ... ميتة يقف فوقها الغربان ام ميتة يحس الإنسان بها فيقول لخلانه (سأموت الساعة) فأتوني بعصافير أودعهم ,فيأتوه بقفص عصافيره – أخوانه – ويعلقوه بقائم سريره , فيظل ينظر إليها باسما منطلقا ,وتظل العصافير تلعب وتغرد تغريدا شجيا , وهو لا يعلم انه ينشيد فوق رأسه أنشودة الموت .
أي ميتة أفضل أن يموت الإنسان وفوقه الضباع والسباع ويظل كل يوم يموت... ام تمني الإنسان ميتة ويتمنى التعجيل فيها على اعتبار أن سكان السماء لا يستطيعون أن يعيشوا طويلا على ظهر الأرض ... فهل يستفيد كل من يتمسك بالمنصب فيبيع من اجله أخوانه ويخون العهد والميثاق ويزيف الحقائق والمعطيات... فيدرك انه يموت قبل ان يموت ثم هو يمحو ويكفر ويقول : يا رب اخترت أن أكون من سكان السماء...واخترت أن أحفظ العهد والميثاق.

مقتبس للفائدة


رد مع اقتباس