عرض مشاركة واحدة
قديم 10-04-2009   رقم المشاركة : ( 3 )
المقداد
كاتب مبدع

الصورة الرمزية المقداد

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 3563
تـاريخ التسجيـل : 12-02-2009
الـــــدولـــــــــــة : ضوء الظل
المشاركـــــــات : 1,283
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 89
قوة التـرشيــــح : المقداد تميز فوق العادة


المقداد غير متواجد حالياً

افتراضي رد: بحث مفصل حول النقوش والمخطوطات منذ الأزل ..

في هذه الحلقه نقوش مهمه مرتبطة ارتباط وثيق بنقشين قد عرضتهما فيما قبل أنظر وسترى !!
ــــــــــــــــ


النقش الثالث هو نقش رقّوش المكتشف في مدائن صالح شمال الحجاز. ويرجع تاريخه الى العام 267 ميلادي. وقد احتوى هذا النقش على نص اضافي لملخص بابجدية المسند الثمودي مكتوب عموديا. وتضمن ايضا على حروف منقطة، وهي نادرة في النبطية. ويرى البعض ان نقش رقوش دليل هام على تحول النبطية الى عربية الجزم. اما النقش الرابع فهو نقش حجر النمارة الشهيرالمكتشف جنوب دمشق. ويعتقد المختصين انه شاهد قبر أمرؤ القيس (المتوفي عام 328 ميلادي، بناءا على قراءة النقش)، وهو ملك عربي معروف قبل الاسلام و ينتمي لقبائل كندة.

بدون شك، ان جميع النقوش المذكورة اعلاه هي وسائط هامة لدراسة تطور العربية المبكرة، ولكن الاعتمادا على هذه النقوش وحدها اسلوب ناقص. اولا، ان نقش الحروف على الاحجار الصلبة يمكنه ان يشوه اشكال الحروف الفعلية. ثانيا، عدد الاشكال الحرفية المستقاة من دراسة مجموعة صغيرة من النقوش ليس كافيا للخروج باستنتاجات وافية. ثالثا، ان جميع هذه النقوش تنتمي الى منطقة جغرافيه محدودة بما يجعل اجراء دراسة شاملة امرا في غاية الصعوبة.

دلائل النقوش العربية اوائل العصر الاسلامي

ان اية دراسة متوازنة لجذور الكتابة العربية لابد وان تتناول بحث الاشكال الحرفية للعقود الاسلامية الاولى اذ ان العديد منها كتب على وسائط غير حجرية. من الغريب ان احدا لم يعثر بعد على مدونات ورقية اوجلدية للعربية قبل الاسلام علما ان لدينا اليوم مدونات عربية على ورق البردي من العقد الثاني بعد الاسلام. وكما ذكرنا آنفا أن ابن النديم تحدث في كتابه عن ترجمته لمخطوطة ورقية او جلدية قديمة كتبت بالمسند.


كتب اقدم نقشين بالعربية بعد ظهور الاسلام بالخط الكوفي وهما يعودان الى العام الرابع الهجري (625 ميلادي). وقد تم اكتشاف النقشين في مغارات جبلية في المدينة المنورة.11 وكذلك من العقد الهجري الاول لدينا رسالتين من النبي محمد (ص)، ويقال انهما كتبا بخط الامام علي بن ابي طالب (ع). احدهما للمنذر بن ساوي ملك البحرين والاحساء، والاخرى لهرقل (هراكيولس) امبراطور الروم. وقد شملت هاتان الرسالتان اشكال حرفية قيمة (مثل حرفي العين والهاء) بما يمكننا استخدامها لتسليط الضوء على جذور الاشكال الحرفية العربية الاولى. من المعتقد اليوم ان النبي محمد (ص) كان قد ارسل خمسة الى ثمانية رسائل لقادة المناطق المجاورة.‎15

وهناك نقوش اسلامية عديدة من العقود الاولى للاسلام. اهمها اول مدونتين ورقيتين بعد الاسلام ويعود تأريخهما للعام 22 هجري (642 ميلادي). احدهما ثنائية اللغة، عربي واغريقي، وهي محفوظة اليوم في المتحف الوطني للنمسا في فيينا. وكلاها متعلق بعقود الشراء والضرائب. وليس غريبا احتواءهما على اشكال حرفية منقطة بما يؤكد حقيقة ان التنقيط كان مستخدما بكثرة قبل العقد الخامس للاسلام حين تم اضافته رسميا للعربية.




@@



احد اقدم نقشين للخط الكوفي. مكتشف في جبل سلع في المدينة المنورة ويعود للعام 4 هجري (625 ميلادي) ‎28








نقش بالخط الكوفي مكتشف في الطائف ويعود الى العقود الاولى للاسلام ‎‎20








احدى اول مدونتين ورقيتين للعربية ويعودان للعام 22 هجري (642 ميلادي) وهي تحتوي على كتابة اغريقية ايضا ومحفوظة في المتحف الوطني للنمسا في فيينا ‎28








نقش بالخط الكوفي عثر عليه في كربلاء ويعود للعام 60 هجري (683 ميلادي) لاحظ استخدام حرف الواو في "الله اكبر" 28


كما ولدينا اليوم العديد من المدونات الورقية المبكرة ومعظمها كتب بالخط الكوفي. احدهما مخطوطة للقرآن الكريم بالخط المائل، وقد اعتبر المؤرخون هذا الخط مثالا لخط نادر استخدم لفترة وجيزة. ويرجع تأريخها حسب اعتقادهم الى القرن الثامن الميلادي.‎25 بينما يعتقد المؤلف انها اقدم من ذلك، ربما منتصف القرن السابع الميلادي، اي خلال العقود الاولى للاسلام. فأشكال هذه المخطوطة الورقية تكاد تكون مطابقه لاشكال حروف المدونات الورقية الاولى المذكورة اعلاه وكذلك للاشكال الحرفية في احدى اقدم المخطوطات القرآنية المدونة على الجلود الرقيقة والمحفوظة في المكتبة الوطنية المصرية في القاهرة.







من صفحة لاحدى مخطوطات القرآن الكريم (سورة 24 آية 37) الاولى وقد كتبت في المدينة المنورة بالخط المائل بتنقيط شبه مخفي وتعود الى القرن الثامن الميلادي.‎25 يعتقد المؤلف ان الاشكال الحرفية لهذه المخطوطة هي نفسها اشكال الجزم الحجازي قبل الاسلام وان هذه المخطوطة تعود الى العقود الاولى للاسلام خلال القرن السابع الميلادي.








من صفحة لاحدى اوائل المخطوطات الجلدية للقرآن الكريم (سورة 10 آية 59) وقد كتبت بالخط الكوفي وبدون تنقيط وهي تعود الى منتصف القرن السابع الميلادي ‎14


من النقوش الاسلامية الهامة الاخرى، نقش الخط الكوفي حوالي جدران الموزائيك الداخلية والخارجية للبناء المثمن لقبة الصخرة في القدس، ويرجع تاريخه الى العام 64 هجري (682 ميلادي). وهو نقش طويل ومحفوظ بشكل جيد. اما اشكاله الحرفية فهي مشابهة لاشكال الخط المائل ايضا، ولكن بدون الميلان. وقد استخدم فيه التنقيط بشكل فريد ومميز. اما النص فهو دعاء اسلامي يشتمل على خليط من نصوص قرآنية وغير قرآنية. وموضوع النص يتضمن دعوة واضحة لسكان القدس المسيحيين للايمان بالمسيح (ع) وفق الاعتقادات الاسلامية. اما كتابة الدعاء في النقوش وتلاوته في المناسبات الدينية فذلك عرف اسلامى شائع. فحتى نقش كربلاء بالخط الكوفي، المؤرخ عام 60 هجري، تضمن دعاءا.








احدى نقوش قبة الصخرة في القدس وتعود للعام 64 هجري (684 ميلادي). النقش الاعلى يعود لجدران المثمن الداخلية والاسفل لجدران المثمن الخارجية. لاحظ طريقة كتابة الكلمة الثالثة، آمنوا، في اعلى الشكل 28


نقول ذلك، لان نقش قبة الصخرة كان احد المكونات الرئيسية لإنقلاب اكاديمي حديث في مجال الدراسات العربية والإسلامية اليوم، بقيادة مجموعة من الباحثين الالمان. فقد استغل هؤلاء الباحثون عدم معرفة القارئ الغربي لمفهوم الدعاء الاسلامي ليقدموا نظرية بدون اثباتات من ان القرآن الكريم لم يكن موجودا عند تأريخ هذا النقش، اي خلال العهد الاموي. وبالرغم من توفر ثروة هائلة من المعلومات التأريخية والادلة المادية اليوم، بما يشير الى خلاف ذلك، يدعي هؤلاء ان نصوص هذا النقش ليست الا "مكونات اولية" استخدمت لاحقا بعد العام 650 ميلادي، اي خلال العصر العباسي، في عملية "تأليف" القران كما نعرفه اليوم.

أحدهم، وهو باحث الماني يكتب تحت اسم مستعار هو كريستوف لوكزنبرغ يعتقد ان القرآن كان في الاصل كتاب سرياني لاحد المذاهب المسيحية وقد ترجم للعربية لاحقا وباغلاط عديدة .‎28 في دراسته للقرآن، يحاول لوكزنبرغ تصيد كلمات عربية غير منقطة قريبة لغويا، وبالصدفة، لكلمات سريانية، عبر استغلال نصوص قرآنية غامضة او معقدة قواعديا ومختلفٌ في تفسيرها، مبتدعا بدوره نصوصا لغوية جديدة غريبة ومتناقضة غالبا. ألا ان المسلمين لم يختلفوا يوما على حقيقة ان العديد من تعاليم وقصص القرآن الكريم مستمدة من الديانتين اليهودية والمسيحية، وإن اللغة العربية تحتوي عموما على عدد كبير من الكلمات المعرّبة. كما ان الآرامية السريانية، والتي تشارك العربية اصولها وتأريخها، هي نفسها متأثرة بشدة بالعربيه قبل وخصوصا بعد العصر الاسلامي في القرن السابع. وبالتالي فهي مرجعية لغوية فقيرة لارجاع اصول الكلمات العربية. على ما يبدو، ان بحوث لوكزمبرغ بحوث دينية متطرفة أكثر منها بحوث اكاديمية.

من أبرز الحقائق التي كشفتها النقوش الاسلامية المبكرة هي الاستخدام الغني والمتنوع للاشكال الحرفية، محدودية الاشكال المتعددة للحرف الواحد، وعدم الاكتراث دائما لوصل الحروف. اذ يمكن االعثور في المدونات والنقوش المختلفة على اشكال حرفية موقعية للمسند او النبطية. يبدو ان العرب، وحتى في العقود الأولى من الاسلام، وظفوا مجموعة كبيرة من الاشكال الحرفية المتنوعة التي تعرضوا لها تأريخيا في المنطقة. ومن بعض الامثلة الواضحة لذلك استخدام الهاء النهائية والوسطية، العين الوسطية، القاف الكوفية، ومركب حرفي الباء والراء. ورغم امكانية الجدل في احتماليات منشأ هذه الاشكال من المسند اوالنبطية، الا ان احدا لا يمكن ان يجادل من ان الجزم كان بمنأي عن تأثيرات ايا منهما.

التأثيرات النبطية على ابجدية الجزم العربية

دراسة النقوش العربية الاولى لا تدع مجالا للشك من ان خط الجزم القديم كان قد تطور شمال الجزيرة العربية قريبا من بيئة آرامية نبطية غالبة. اذ ان النقوش المكتشفة بينت بوضوح توجه عام للاستعارة المؤقتة او الدائمية لاشكال حرفية نبطية. واستعارة الاشكال الحرفية بين ابجديات المنطقة آنذاك كانت ممارسة معهودة. فقد اظهرت النقوش العربية القديمة اشكالا حرفية قريبة من الاشكال النبطية لحروف الدال، العين، الواو، الطاء، والنون. ولكن وكما سبقت الاشارة اليه فان هذه الاشكال قريبة ايضا لمرادفاتها في المسند.

تاريخيا، كانت منطقة القبائل النبطية ملجأ امين للمطلوبين الهاربين في المدن المحيطة بها. جغرافيا، وبعد قراءة التاريخ الروماني، يبدو واضحا ان الاغلبيه الساحقه من الانباط كانواعرقيا قبائلا عربية استخدمت اللغة والكتابة الاراميه المنتشرة في المراكز المجاورة لها. ‎8 وقد كان تكيفهم مع الثقافة الأجنبية هذا سابقة هامة للقبائل العربية في الشمال وعامل حاسم في خلق بيئة مفتوحة كان لها اهمية كبيرة في تطور الجزم لاحقا.

ليس معروفا متى اندثرت الكتابة النبطية. اما ان يكون تأريخ اقدم نقش للجزم بناءا على النظريات السائدة اليوم هو نفسه تاريخ آخر نقش عربي بالابجدية النبطية، الا وهو العام 328 ميلادي، فهذه مصادفة غير واقعية. اذ انها تترك انطباعا خاطئا من ان النبطية اندثرت بعد تحولها الى كتابة الجزم العربيه. تأريخيا لم تتحول اية كتابة آرامية الى كتابة ثانية مختلفة جذريا عنها في هذه المنطقة الجغرافية قبل العصر الاسلامي، فلماذا تحولت النبطية اذن؟


حكمت المملكة النبطية منذ حوالى 300 سنة قبل الميلاد وحتى احتلالها من قبل الامبراطورية الرومانية عام 106ميلادي. ولكن مدينة البتراء بقيت مدينة هامة في المنطقة حتى القرن السادس الميلادي. 31 فلماذا تخلى شعبها فجأة وبعد بضعة عقود عن اشكاله الكتابية لصالح اشكال مختلفة كثيرا؟ على الاغلب، كان اضمحلال دور الأنباط التدريجي سببا مباشرا لتوسع نفوذ القبائل العربية المجاورة وانتشار ابجديتها، الجزم، في مناطقهم.

وهذا ما يفسر حقيقة ان النقوش العربية بالابجدية النبطية لا تمثل الا جزء يسير من النقوش النبطية. بل قد يفسر ايضا سبب استخدام النقوش النبطية المتأخرة لاشكال حرفية موصولة كليا مقارنة بالنقوش القديمة. اذ ربما استبدلت القبائل العربية في المناطق النبطية السابقة ابجديتها النبطية بابجدية الجزم القادمة حديثا. وهذا لا يستثني بالطبع احتمالية ان يكون الجزم قد اشتق من النبطية وواكبها قبل ان يحل محلها.

على مايبدو، لم يعرف العرب المسلمين الاوائل الكثير عن اصول النبطيين. الا ان بعض احاديث قادة الجيوش الاسلامية المتقدمة شمالا اظهرت انهم خليطا عرقيا من العرب وغير العرب. وقد ذكر كتاب الفهرست لابن النديم انهم لا يتكلمون العربية. واشار في صفحات عديدة الى ان احد الشخصيات النبطية من منطقة قريبة للكوفة واسمه ابن الوحشية الكلداني كان قد قام بترجمة العديد من النصوص النبطية الى العربية. احيانا كان اسمه الكسداني وذلك على مايبدو خطأ نسخي للحرف المركب كاف-لام. ونقلا عن احد سحرتهم، وصف ابن النديم النبطيين في الفهرست على انهم "حفاة ذو بشرة سوداء وكعوب مشققة". وقد اعتقد العرب القدماء، وفقا للفهرست، ان لغة الانباط كانت لغة بابل القديمة وان الكلدان والآشوريين تكلموا لهجات مشتقة منها.‎22

معظم الحروف النبطية، عند عزلها، تكاد تكون متطابقة مع الحروف الآرامية او الآرامية العبرية. اما عملية ايصالها ببعض فتبدو عملية ثانوية مضافة. اذ ربما عرف الأنباط وصل الحروف من اقوام مجاورة استخدمت كتابة بحروف موصولة كالمسند. ربما اراد النبطيون تمييز كتابتهم عن الكتابات الارامية المحيطة باضافة او ابتداع ديناميكية خاصة. ومن المثير للاهتمام هنا ملاحظة ان قواعد اتصال الحروف النبطية مماثلة عموما لقواعد العربية.


لقد اكدت نقوش عديدة في الجزيرة العربية ان القبائل العربية الشمالية واصلت استخدام المسند.‎33 ربما تبنت بعض هذه القبائل القاطنة في مناطق النفوذ النبطية اشكال حرفية آرامية لتسهيل العلاقات التجارية مع المدن المجاورة، لكن، وكما يبدو، انها استخدمت ابجديتي النبطية والمسند معا. وليس مستبعدا ان تكون بعض الاشكال الحرفية النبطية مستمدة مباشرة من اشكال المسند.






يتبع ,,
آخر مواضيعي
  رد مع اقتباس