رد: الملف الصحفي للتربيةالجمعة 20 شوال 1430هـ
صحيفةاليوم : الجمعة 20 شوال 1430هـ العدد 13265
عودة المعلمين .. جهاد تربوي
حسن عبد الهادي بوخمسين
تتفق جميع الحضارات والثقافات الأممية على أن مهنة التعليم هي من أقدس وأعظم المسئوليات العملية والمهنية التي تناط إلى الفرد ويتحملها ويمارسها في حياته اليومية لأنها دائما ترتبط بالنشء الجديد في هذه الامة ، فالمعلم دعامة أساسية من دعائم تربية وتنشئة هذا الجيل وعليه بالتالي قسم كبير من مسئولية انحراف البعض منه وفساده كما له بعض الشرف في حال صلاحه وتقدمه .وفي الوقت نفسه فإنها تعتبر من أصعب وأشق المهن والمسئوليات الإنسانية فالمعلم والمعلمة فيها يواجهان الأذى الصادر من قبل الأولاد والبنات خصوصا في المراحل الأولى من التعليم بنفسية هادئة وحالة من الصبر وكتم الغيظ والغضب بسبب ممارسات الطلاب الصبيانية الطائشة التي قد تصل أحيانا إلى حد إصابته (هو أو المعلمة) بنوع من الأذى البدني من قبل أحدهم ، و يقوم بإجبار نفسه على ضبط سلوكه من أي رد فعل سلبي عنفي قد يصيب طالبه بأذى جسدي مقابل .بل وأكثر من ذلك فهو يحاول أن يكون قدوة حسنة لطلابه فهو لا يرد على الإساءة بمثلها بل يمارس العفو عند المقدرة وهو قادر على المسامحة والتنازل عن أي أذى صادر من طلابه ، بعكس الطالب الذي لا يعرف قيمة العفو ولا يقدرها لكنه حينما يرى أستاذه وحينما ترى الطالبة معلمتها تعفو وتغض الطرف عن الكثير من تصرفاتها السيئة مرة تلو الاخرى فهذا سيدفعها حتما إلى تقليد معلمتها وتقمص الطالب لهذا السلوك الحسن من معلمه . فالتعليم إذن هو جهاد متواصل في البناء والتربية وإيصال المعلومة بأحسن الطرق وأفضلها إلى ذهن الطالب إذا ما أخلص المعلم والمعلمة في ذلك وبذل كل منهما ما في وسعه لتحقيق أفضل أداء في إنجاز الأهداف التربوية والدراسية في المسيرة التعليمية .
رأفة بالمعلم يا وزارة التعليم
ولأن المعلم أو المعلمة بشر من دم ولحم وأحاسيس ومشاعر فقد يغضب أحدهما في وجه طالبه أو طالبتها في حال تكرار الإساءة منهما في لحظة ضعف بشري ، فقد يصدر من أحدهما ما يسيء نفسيا أو جسديا لهذا الطالب أو الطالبة يوجب حينها نوعا من العقوبة لذلك ، لكن العقاب الذي يستحقه ويصدر اليه من الجهات المسئولة التي يرجع إليها من المفترض أن يكون مراعيا لهذه الحقيقة الإنسانية لا كما يحصل على أرض الواقع وفي مؤسساتنا التعليمية مع شديد الأسف خلال السنوات الاخيرة من هضم كبير لحقوق المعلم في حال حصول هذا التجاوز من قبل المعلم لطالبه أو المعلمة لطالبتها فهما المدانان في كل الحالات بموجب القوانين الإدارية الجديدة وقد تصل العقوبة إلى حد الفصل والطرد من المهنة والحادثة هي الأولى له أو لها في المهنة التعليمية التي قد يكون أمضى الواحد منهما ما لا يقل عن عقد أو عقدين من الزمن فكل هذه الفترة من الصبر والتحمل على مشاكل الطلاب وأذاهم لا تشفع له بشيء ولمجرد صدور هذه الحادثة الوحيدة في سجله التعليمي التربوي المشرف الحافل بالإنجازات التربوية فهو عرضة للعقاب الحتمي إما في درجاته الدنيا كالنقل التأديبي أو في حده الاعلى الطرد والابعاد عن الوظيفة !.
وقد يقول قائل بأن الوزارة عبر فروعها ومراكزها الإشرافية المنتشرة في ربوع بلادنا تتجاوز عن الكثير من هفوات المعلمين والمعلمات وتجاوزاتهم مع طلابهم وطالباتهم وتغض الطرف قدر الممكن عن ذلك . وأجيب بأن ذلك صحيح لكنه يحدث فقط عند عدم وجود شكوى صادرة من قبل عائلة هذه الطالب المتضرر ، أما في حال وجود مثل هذه الشكوى فإن الإدارة تتنصل من واجباتها والتزاماتها تجاه موظفيها المعلمين وتلقي بالمسئولية على المعلم مباشرة بل وتقوم بإدانته وإلصاق التهمة به ولا تحاول أن تدافع عنه وتبرر فعلته أمام العائلة المشتكية .وهذا ما يزيد المعلم إحباطا وتعبا فهو يكفيه ما عنده من متاعب نفسية وجسدية جراء مهنته الشاقة تلك فكيف الحال اذا ما تخلت عنه الجهات المسئولة عند وقوع مشكلة ما في لحظة ما ؟؟
|