رد: الملف الصحفي للتربية ليوم الاربعاء 25-10-1430هـ
الوطن :الأربعاء 25 شوال 1430هـ العدد 3302
كل عام دراسي وأنتم المنارة والأمانة والمستقبل
ميسون الدخيل
سئل معلم لماذا منزلك تقريبا فارغ من العفش وأنت تعيش فيه، فأجاب لأنني لست سوى عابر سبيل على هذه الأرض وما يجب أن أحمله تركته حيث لن يضيع بإذن الله، فسئل مرة أخرى وأين تركته، فأجاب في مزارع حرثتها.. في عقول ساهمت في تشكيلها.. في قلوب علمتها كيف تستمتع بنور العلم وتتوحد مع نور الإيمان. هذا ما يجب أن نفكر فيه كتربويين ونحن مقبلون على عام دراسي جديد لننس كل مشاكلنا في المنزل أو مع الإدارة... لننس أننا أعطينا جداول فوق طاقتنا... لننس أن بعضنا يعمل في ظروف يرى فيها تلاميذه يتكدسون في الفصول... في بيئات غير صحية أو حتى آمنة... لننس أن ما يجب أن نركز عليه في عملنا يضيع من جراء قلة الموارد والوقت المتاح مع الأعباء التي تضاف إلينا من قبل الإدارة التي تتغاضى عن أهمية تواجدنا بين التلاميذ لا خلف المكاتب لتعبئة الملفات وكتابة التقارير... لننس أننا نجاهد كي ننقل إلى مناطق بالقرب من أسرنا وأزواجنا... لننس الرواتب التي لا تكاد تكفينا في ظل الغلاء الذي لا يرحم... ولنتذكر من برحمته شملنا وكتب علينا أن نحمل أمانة من خلال أخطر مهنة... بناء العقول. لننظر في أعين أحباب الله ونسأل أنفسنا: كيف يمكننا ألا نخذلهم، قد يقول بعضنا ولكننا نتعامل مع جيل يعلم به الله " عفاريت، جن، قرود، شاقين الأرض وطالعين ولقد أفلتوا علينا"، ولكن ألم نكن كذلك يوما بالنسبة لمن علمنا وجاهد في تربيتنا، هل تقاعسوا أو فقدوا الأمل؟ كلا بل ثابروا إلى أن وصلنا إلى ما نحن عليه اليوم... وأي نقص في التعليم أو السلوكيات فهنا لا نلوم غير أنفسنا لأننا نحن من هجرنا راية التعليم وعلقناها على شماعة الأعذار كي نتخلص من وخز الضمير... التلاميذ عجينة طرية بين أيدينا نستطيع أن نشكلها ونعيد تشكيلها إن نحن أردنا... ولكن الأمر في غاية الخطورة لأننا أيضا بالتخاذل والرجوع إلى العصبية والشتم والضرب سيعاد التشكيل ولكن ما سينتج جيل مريض حاقد مستعد لتبني كل فكر يجره إلى الانتقام "وأنا وبعدي الطوفان"، نعم هذا ما سينتج ونحن سنكون السبب إن لم نستيقظ ونشعر بثقل المسؤولية... أرجوكم تحملوني حين أسرد القصص كي أوضح الصورة ولكن هذا مجالي وهذه طريقتي في توصيل المعلومة، في أحد الإضرابات العمالية وجد الصحفي رجلاً من أغنياء البلدة في صفوف المعترضين فسأله: لماذا أنت بينهم وأنت لا تعمل حتى في هذا المصنع؟ فأجابه: لأنني أرى أن يتحقق العدل لمن هم ضمن دائرة المجتمع الذي أنا منه، ثم إن حدث وفقد هؤلاء وظائفهم أو لم يتحصلوا على حقوقهم فيوما ما قد يتعدى أحدهم على منزلي بحثا عما يصرف به على أسرته أو انتقاما من المجتمع الذي تخلى عنه، وأنا لا أريد أن أعرض أسرتي أو نفسي للخطر طالما في استطاعتي أن أساهم في حل جذور المشكلة من البداية. وعليه من القصة أريد أن أوضح أننا مع هؤلاء التلاميذ ممن قد نشتكي من سلوكياتهم أو مستوى ما يقدم إليهم من برامج تعليمية ومناهج، في مرحلة البداية ونستطيع أن نفكر والآن كيف يمكننا أن نعبر كلما واجهتنا عقبات، بإذنه تعالى، هذا إن كانت النية واضحة ونقية من أجل أن نمنع انحرافهم لا سمح الله أو ضياع مستقبلهم الأكاديمي والمهني وكيفما حسبناها فسوف ندفع نحن ثمن ما أنتجناه بأيدينا. لا يوجد لدينا أي عذر، طالما اخترنا هذه المهنة أو حتى إن اختارتنا هي، توجب علينا القيام بها على أكمل وجه، أو فلنفسح الطريق لمن يقدر ونتنح إلى مجال آخر، هذا لا يعني أن نتغاضى أو ننسى حقوقنا فلا يضيع حق وراءه مطالب، ولكن في نفس الوقت يجب ألا يكون ذلك على حساب حقوق التلاميذ الذين في عهدتنا... لنهتم بالأمانة التي بين أيدينا كي يوفقنا من لا يضيع عنده حق أو أمانة. وكل عام دراسي وأنتم المنارة وأنتم الأمانة وأنتم الحق والمستقبل.
الوطن :الأربعاء 25 شوال 1430هـ العدد 3302
مبادئ التعليم.. مبادئ الحياة
هاني المعلم
في نظري أن أهم مبدأ من مبادىء تعليم البالغين هو ضرورة مشاركة المتعلم بفاعلية في العملية التعليمية التربوية، وهذا المبدأ بحد ذاته حرب على أساليب التلقين التي اعتدناها حتى في التعليم الطبي والتعليم الجامعي! يبرز ذلك في الكم الهائل من المحاضرات التي فيها من الحشو واللت والعجن ما الله به عليم! لا يمكن لأي راشد بالغ أن يتعلم ولا أقول أن يحفظ - فرق بين الاثنين كبير - أقول لا يمكن أن يتعلم بدون أن يكون له دور فعال في تعليم نفسه وفي قيامه بدور إيجابي ومشاركته بعمل ذي بال يسهم في تعليم نفسه ما أريد له اكتسابه من كفايات! إن الهدف هو إخراج قائد لا حافظ تابع! إن مشاركة المرء في العملية التعليمية تشعره بإنسانيته كإنسان له كيان ودور فاعل يقوم به، كما تشعره بمسؤوليته تجاه العلم والتعلم، وتحفز فيه قدراته الدفينة وتدفعه إلى اكتشاف مهاراته الذاتية، وأكبر هدف أن تشجعه على التفكير! وإن طالب الطب الكسول الحافظ، قد يكون طبيباً لكنه كسول حافظ، ما زاد بكونه طبيباً إلا كما زادت الأصفار على الطرف الأيسر من الأرقام! وهكذا هي الحياة إن لم تبادر وتعمل وتشارك أكلتك الساعات والأيام وصرت حبيس دموع الندم وحسرات الأسى على ضياع الفرص! وإن الذي يضع في مخيلته هدفاً سامياً يسعى إليه دائماً سيحقق عشرات الأهداف المرحلية التي من تتابعها ستبلغه قصده ومبتغاه، وكما يقول الأستاذ أحمد أمين، إن الذي يجري في سباق الأربعمئة متر لا يشعر بالتعب وهو يقطع المئة الأولى ولا حين يقطع المئة الثانية ولا الثالثة، لأن هدفه كبير وواضح وهو يسعى إليه بكل جد وقوة! والآن انظر إلى نفسك أين هدفك وأنت تجري؟ بل هل أنت أو أنتِ من الذين يجرون أصلاً في سباق هذه الحياة؟ أم تم الاكتفاء بالتصفيق لأولئك الذين يجرون؟ أم هي المتابعة البليدة الباردة الميتة لمن يعمل ويجري وينتج ويبدع؟ أم لا هذه ولا تلك "ولا هم يحزنون" بل الضرب على الآذان والنوم في كهف غفلةٍ سنين لا يعلم مداها إلا الله!!!
لعل هذا المبدأ غريب بعض الشيء، إذ لا يستوي أن يكون الشيء قليلاً وهو كثير في نفس الوقت! ولا يعقل أن تقدم كثيراً ولا يعتبره آخرون إلا نقصاً لأن الكثير ليس كثيراً دائماً! إن هذا المبدأ على غرابته يحمل العلاج الناجع لعملية الحشو النظري والتكرار المزعج لكثير مما لا يحتاجه طالب العلم وتحديداً طالب الطب. إن طالب الطب في جل كلياتنا الطبية إن لم يكن كلها ينهمر فوق دماغه المسكين في سنوات ما يسمى بالعلوم الأساسية - الأولى إلى الثالثة بل وإلى السنة الرابعة في بعض الكليات!!- طوفان من المعلومات التي لا علاقة لها بما سيكون عليه هذا الطبيب في مستقبله! وجميع الأساتذة - مع كل التقدير لجميع التخصصات ولا علاقة لهذا الطرح بقدرات أساتذة العلوم الأساسية في صميم تخصصاتهم - يحشو ويصب المعلومات صباً بكل شيء يعرفه في عقول الطلاب، والبعض منهم يفهم خطأً أن الأستاذ يجب أن يقدم الكثير من المعلومات فلو أخذ الطالب بعضها أفلح! ولا يستثنى في هذا بعض من أساتذة العلوم السريرية، وإنما الواجب أن تُحدد مخرجات التعلم وبناءً عليها تحدد الكفايات العلمية والمهارية التي يجب أن تدرس، ولا يقوم بهذا العمل إلا أطباء وخبراء التعليم الطبي لا أن يترك الأمر على هوى كل أستاذ وعلى مزاج كل قسم بحجة أنهم أعلم بتخصصاتهم من غيرهم!! ومن هنا نفهم أن القليل من الكفايات العلمية والمهارية الضرورية والمهمة والتي تدرس بأسلوب فعَال وحيوي خير من أطنان من الزخم الكثير الذي بلونا به طلابنا وأشغلنا به أنفسنا. وهكذا هي الحياة! كثير من التركيز على قليل من الأهداف الواضحة ليبلغ الإنسان مبتغاه! يجب ألا نركز على الكم بل على الكيف! التكاثر مرض مله وحري بالعاقل أن يحرص على النوعية الفعالة المتميزة!
هناك كفايات علمية ومهارية وسلوكية في التعليم، وتتسابق المناهج في التأكيد على العلمية والمهارية منها وتنسى أو تتناسى السلوكية! ويبذل الأساتذة قصارى جهدهم في التدريس ويغيب عن بعضهم أشد وأخطر أساليب التدريس تأثيرا ألا وهو التعليم بالقدوة والمثال! ما هو أثر الأستاذ المتمكن من مادته ولكنه مغرور متعالٍ معجب بنفسه لدرجة التيه لا يرى أن هناك من يفهم سواه؟ ما الذي سيرتبط في خلد طلابه وطالباته؟ بطريقة مباشرة أو غير مباشرة سينطبع في دواخلهم :"إنك حتى تكون متمكناً مما تتعلم فيجب أن تكون مغروراً متعالياً كهذا الأستاذ!!" أليس هذا بصحيح؟؟! أعجب من حال بعض الأساتذة الجامعيين - من أطباء وغيرهم - وهم يسبحون في عالم من الثقة المفرطة بالنفس والغرور الذي لا حد له، وفي نفس الوقت آسف على حال الطلاب الذين قدر لهم أن يصطلوا بنار هؤلاء المغرورين! نحن نريد من طلابنا أن يحبوا العلم ويشغفوا به وأن يذوبوا في بحره وعالمه، وهؤلاء يريدون لهم أن يغرقوا في أنفس مريضة بلا فكر ولا وعي حضاري! وما أكثر الغارقين في أنفسهم في هذه الحياة! هل أنت واحد منهم!
لا أثمن ولا أنفع لأي عالم أو طالب علم حقيقي-مهما تعددت مسمياته: استشاري، أخصائي، طبيب مقيم، طبيب امتياز، طالب طب، أو في أي فرع آخر، من رأي ناقد منصف يعطي التقويم المتزن لأسلوب الأداء. والناس ليسوا أغبياء، ولا يجب على أي عاقل أن يفترض هذا الافتراض أساساً، لذا وجدت من أجمل الأساليب في الحديث عن النقد الرجعي هذا بسؤال الشخص المعني: كيف كانت تجربتك في هذا العمل (الدورة، المقرر،..)؟ وكيف تنوي تحسين هذا الأداء؟ ولا غرابة في ظني أن غالبيتنا على دراية كافية بما يميزه وما ينقصه وما هو محتاج إليه، وإنما نحن بحاجة فعلاً إلى من يدفعنا إلى تحسين أدائنا وإلى من يشجعنا على استخراج أفضل ما عندنا من مهارات وقدرات. بل إن أي متعلم بالغ - مهما علت درجته - يجب أن يحرص على أخذ آراء وتقويم من حوله، لأن المفترض أن الإنسان بطبعه بل إن الكون كله بفطرته، في حالة حركة مستمرة وتغيير دائم لا ينتهي، فالشمس تجري، والقمر له منازل متعددة والكون في حالة توسع مستمر! إن العالم أو المتعلم قد ينشأ عنده الخطأ صغيراً ثم تمضي به السنين دون تعديل فيصبح عيباً فاضحاً! والغريب أن جل ما نفهمه في النقد الرجعي ينم عن بخل وشح نفس شديدين!! إذ لا يعني هذا عندنا إلا انتقاد السلبيات والحديث عن النقائص ولا حديث ولا ثناء على الإتقان والإبداع! وفي نظري أن من كمال النفس هو قدرتها على إعطاء هذا النقد المتزن وتقبلها له إذا بذل لها.
الجزيرة:الاربعاء 25 شوال 1430هـ العدد:13530
أنت من وحي اليوم الوطني فك أسر التعليم
م. عبدالمحسن بن عبدالله الماضي
في كل المجتمعات الإنسانية ترتبط عملية التربية والتعليم من حيث الأهداف والمحتوى والوسائل بالقوى المسيطرة.. فليس هناك تعليم محايد مجرد.. بل هناك تعليم يخدم أهداف من يسيطر عليه سواء بطرق واضحة صريحة مباشرة من خلال المنهج الرسمي.. أو بطرق خفية مخادعة وغير مباشرة.. كما تفعل جماعات الضغط والمصالح وقوى التأثير والنفوذ في المجتمع التعليمي.. الذين لهم أجندة خاصة وأهداف ضمنية تتجسد في تعليم مضمر ومنهج خفي يتسلل إلى الوسائل المختلفة وغالباً ما يتعارض مع المنهج الرسمي.. وأحياناً يتعارض مع المصلحة الوطنية.في دراسة أجرتها مؤسسة تعليمية أمريكية لتحديد أكبر عشر مشاكل تواجهها المجتمعات الإنسانية وجدواها حسب التسلسل: (الديمقراطية، الأمراض، التعليم، الطاقة، البيئة، الغذاء، السكان، الفقر، الحرب، المياه).. وبعرض هذه النتيجة على علماء ممن فازوا بجوائز نوبل للعلوم اتفقوا على أن هذه المشاكل العشر يمكن اختصارها في مشكلتين اثنتين وبحلهما تحل المشاكل الثماني الأخرى.. وحددوا مشكلتي التعليم والطاقة.. فالتعليم سوف يحل مشاكل الديمقراطية، والأمراض، والفقر، والسكان، والحرب.. بينما الطاقة سوف تحل مشاكل البيئة والغذاء والمياه.وإذا أردنا أن نطبق هذا الكلام على بلادنا فسنجد أن ثلث طاقة البشرية تكتنزها أرضنا.. ولكن بقي التعليم الذي وصف الأمير خالد الفيصل حاله بأنه مقيد بالمنهج الخفي.. واليوم كلنا يرى ثورة في التعليم العالي التي توجت بتدشين جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية.. واليوم أيضاً نرى الحركة الدؤوبة التي تجتاح وزارة التربية والتعليم.. وأكاد أجزم بمستقبل مشرق يحفظنا ويحفظ أبناءنا من بعدنا حينما يجمع لنا قادتنا وولاة أمرنا بين نعمتي الطاقة والتعليم.والتعليم لا يؤسر فكرياً فقط.. ولكن يمكن أيضاً أسره من خلال فلسفته وآليات تطبيقه.. وهي محاور مهمة في تعليم أي مجتمع يريد أن يتقدم.. ولو أخذت مثالاً على ما أعنيه بفلسفة التعليم, فالمناهج التعليمية لدينا تقدم المحتويات الدراسية في نصوص محكمة الصياغة.. ذهنية المضمون.. منطقية المنحى.. ملزمة المعنى.. وهذا جميل لكنها تُهمل دور الخيال في تطوير اللغة وتنمية التفكير وتحسين الذائقة.. وما ذلك إلا لشيوع النظرة القاصرة تجاه الخيال.. ومن ذلك القصص.. لأننا ننظر إليها على أساس أنها للتلهي والتسلية فقط.أما آليات التطبيق فانظروا إلى ما فعله التعليم في الشعر.. الذي هو ديوان العرب.. والموسيقى الحلال.. والإبداع السهل للتلقي والقبول والحفظ.. والذي هو بيان لغتنا التي أنزل الله منها معجزة ديننا.. الشعر هذا الفن الراقي.. تم تنفير أبنائنا منه بطرق تدريسه العتيقة.. واختيارات نصوصه التقليدية الجامدة.. إضافة إلى التلقين بالإكراه الذي ولد نفوراً نراه اليوم في عجز أبنائنا الكامل عن حفظ أجمل الكلام.
|