الرياض:الجمعة 04 ذو القعدة 1430هـ العدد:15096
على قامة الريح
التعليم ضد أنفلونزا الخنازير بين تعادل: نعم ولا !
فهد السلمان
بدأت وزارة التربية والتعليم عبر بعض مدارسها إرسال بلاغات التطعيم ضد إنفلونزا الخنازير ، وطلب موافقة أولياء الأمور على تطعيم أطفالهم . في الوقت الذي لا يزال يحتدم فيه الجدل حول سلامة تلك الأمصال ، وخلوها من أية آثار جانبية . . ورغم تأكيدات وزارة الصحة على سلامة الأمصال ، إلا أن هنالك العديد من الأصوات التي لا تزال تثير شيئا من الشكوك ، خاصة بعدما نقلت وكالات الأنباء أن ثلث الشعب الأمريكي لا يزال يتردد في قبول نلك التطعيمات . وزارة الصحة مع بالغ التقدير لكل جهودها ، بدت هنا كما لو أنها تناقض تأكيداتها عندما فرّغت 17 عالما وهيئة الدواء لإجراء المزيد من الاختبارات على تلك الأمصال فور وصولها ، مما يعني أنها لم تصل بعد إلى مرحلة القطع ، وزاد في الأمر الإصرار على أخذ موافقة أولياء الأمور ، وكأنه محاولة لإدخالهم في سياق المسؤولية ، وهو الشيء الذي لم تفعله الوزارة مع التطعيمات الأساسية كالكبد الوبائي والدرن والثلاثي وغيرها ، ولا مع تلك الحملات التي كانت تقوم بها لمواجهة بعض الأمراض السارية . . حيث كان الممرضون والممرضات يقتحمون الصفوف ويغرسون إبرهم في أجساد الصغار دون أن يسألوا عن موافقة أولياء أمورهم ولا ما يحزنون . . بل ربطت ما بين إتمام تلك التطعيمات والحصول على شهادة الميلاد . وهنا يكون السؤال المطروح كالتالي : إذا كانت الوزارة تمتلك كل هذا اليقين بسلامة أمصال الحمى المكسيكية وهي تعدها وباء . . فلماذا إذن تطلب موافقة ولي أمر الطالب ، وهي تعرف أن امتناع أي ولي أمر سيكون مدعاة لا سمح الله لانتشار الوباء ؟نحن ندرك أن الأمر لا يزال ملتبسا حتى على المستوى العالمي ، بحكم أن العقار تم إنجازه خلال فترة قصيرة ، ولم يتوفر له الوقت الكافي لاستكمال إجراءات اختباره بما يقطع الشك باليقين ، لكن هذا لا يعني أن يوضع الناس أمام خيارين أحلاهما مرّ ، إما التوقيع وتحمّل المسؤولية فيما يجهلون ، أو الرفض وتحمل مسؤولية الرفض فيما لا يريدون . وكاريكاتير الزميل الهليل الذي يسأل فيه أحدهم الآخر : ( هل ستطعّم ضد إنفلونزا الخنازير ؟ . . فيجيب الآخر : لا والله الواحد ألزم ما عليه صحته ) . . هو لسان حال الناس في هذه البلبلة . . التي يجب أن تتحمل فيها الوزارة مسؤوليتها كجهة اختصاص مهما كلف الأمر ، وأن تحسم أمرها هنا أو هناك ، أما إذا كانت تصر على إشراك أولياء الأمور فإنه يترتب عليها في هذه الحالة أن تعلن لهم وبمنتهى الوضوح عن نسبة موثوقيتها في هذا العقار بشكل دقيق وبلا مواربة . . أما أن تؤكد سلامته من جهة ، وتعد بإجراء اختبارات من جهة أخرى ، ثم تطلب فوق هذا موافقة أولياء أمور الطلاب من جهة ثالثة . . فهذا ما سيزيد من حدّة تلك الشكوك التي حاولت جاهدة أن تتصدى لها .