رد: أخــبــار ومنوعات ليوم الإثنين 7 ذو القعدة 1430هـ
هل يناقش فقط أم يحاسب؟
الجذلاني: لا، يناقش ومناقشته ضعيفة بكل أدب بل بعض المسؤولين اللذين يأتي أحدهم للمجلس لمناقشته كأنه ضيف شرف فيرحب به ويوضع في منصة وهو مقصر بأبشع أنواع التقصير لجهازه الذي استدعي لمناقشة أعماله، يستضاف وكأنه راعي حفل،، تشجيع النزيهين وحمايتهم في حالة الإبلاغ عن الفساد والشخص الذي يبلغ عن الفساد يجب أن يحمى لكن الواقع الآن إذا بلغ موظف نزيه عن مسؤول فاسد أو موظف قد لا يحمى وقد يكون هو ضحية هذا البلاغ ويفترس حسب نفوذ هذا المسؤول.
الهيئة الوطنية هي الأفضل لمراقبة الفساد وتفعيل الهيئة الوطنية وجعلها في متناول الجميع والكل يبلغها باقتراحاته وملاحظاته ويكون في متناول الناس الوصول إليها سهل لا يحتاج إلى بيروقراطية لا أي مواطن يمكن أن يصل للهيئة الوطنية.
رصد الفساد عن طريق سماع شكاوى المواطنين أهم وسائل رصده، نبض الشارع وشكوى المواطن كافية لكشف الفساد وإذا وجد المواطنون جهة تستمع لهم وتأخذ منهم ملاحظاتهم وشكاواهم على أداء الأجهزة سيكونون من وسائل رصد الفساد، نقطة مهمة للشفافية في أداء الأجهزة الحكومية حيث إنها تعني محاسبة المقصر والتشهير به والإعلان عن قصوره، ذكر كل مسؤول كم لديه من المال وكم صرف، الإعلان عن كشف المشاريع الحكومية والكشف عن مصاريفها، المال العام أين صرف وهذا من الشفافية وألا تكون أسراراً وبالتالي يملك المجتمع حق الرقابة على المال العام الذي هو ملكه ويعلم أين ذهب ماله، كذلك تنمية الانتماء الوطني وحب الوطن عند أفراده حيث إنه يقضي على القبلية والمناطقية بالذات أن يكون المسؤول انتماؤه لقبيلته أو لمنطقته مثل حبه لهذا الوطن ولخيره.
من وسائل زيادة الانتماء الوطني عدم التمايز بين الناس، أنا كمواطن إذا أقصيت ولم أعط حقي ووجدت تمييزاً عنصرياً سيقل حبي لوطني، من وسائل القضاء على الفساد وجوب تدوير المناصب والقيادات الإدارية تدوير المناصب حيث لا يبقى المسؤول مسؤولا في وظيفة بحيث يتطرق إليه الشعور بأنها أصبحت ملكه الشخصي بحيث يتاجر ويقرب بها من يشاء ويبيع ويشتري ما يشاء ويستخدمها في مصالحه، يجب أن يكون البقاء للأصلح وتعيين الأكفأ قبل كل شيء ثم حتى هذا الكفء يدور هذا الكرسي إلى من بعده بحيث لا يعطى الفرصة لتملك الوظيفة وبالتالي يستخدمها لأغراضه الشخصية.
- هل يستطيع المواطن مقاضاة قاض أو وزير للحصول على حقه؟
الجذلاني: هناك خطأ اجتهادي، القاضي يجتهد فيخطئ هذا مقبول وفق علمه وما وصل إليه اجتهاده، ولكن إذا ثبت وتبين أن الخطأ يصل إلى جنائي وقد يصل إلى خطأ جسيم غير مغتفر لا يسأل الشخص العادي بجهل النظام، فمن باب أولى ألا يجهله قاض، رأيت قضايا تجارية للشركات تحدث أخطاء جسيمة لا يمكن إسباغ عباءة الاجتهاد عليها من بعض القضاة تؤدي إلى أضرار جسيمة جداً وتضيع عن طريقها مئات الملايين على الشركات أو بعض التجار و قهر بعضهم ظلما، أنا أعرف وقائع معينة بأن يأتي من يشتكي من ظلم فتستمر قضيته منظورة خمس أو ست سنوات وخطأ أحيانا يكون ظاهراً ويقع عليه مظالم أضعاف ما لجأ يشتكي منه ويتمني لو لم يكن يلجأ للقضاء، كما أعرف وقائع من هذا النوع، و من وجهة نظري يجب محاسبة القضـاة بألا يكونوا بمنأى عن المحاسبة لكن وفق معايير تحفظ لهم استقلالهم وهيبتهم ولا تمنعهم من الاجتـهاد وهذه قيود مهمة جداً ويجب أن يراعيها القائمون على هذا المجال ويجب التفريق بين خطأ جسـيم لقاض غير منتظر وخـطأ اجتهادي.
الفوزان: من أهم وسائل مواجهة الفساد تقوية الوازع الديني والتأكيد على أن ممارسة الفساد هي من عمل المنافقين وليس من عمل المؤمنين الصادقين، النبي عليه الصلاة والسلام قال أربع من كن فيه كان منافقاً خالصاً ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من خصال النفاق حتى يدعها، لو تأملت هذه الأربع كما سأذكرها الآن لوجدتها كلها من صور ومظاهر الفساد. قال إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا عاهد غدر وإذا خاصم فجر، كل واحد من ذوي النفوذ يعاهد ولي الأمر على الصدق والأمانة والشفافية والنزاهة وعدم استغلال السلطة لمصالحه شخصية ومنافع مادية غير مشروعة فأنت إذا مارست الفساد من خلال هذه السلطة وسخرتها لحسابك فقد غدرت في عهدك وكذبت وأخلفت الوعد فاجتمعت فيك كل الخصال الأربع، أيضا الحديث الآخر آية المنافق ثلاثة إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا أؤتمن خان، فلاشك أن الفساد هو خيانة للأمانة خيانة لله عز وجل وللرسول صلى الله عليه وسلم وخيانة للأمة، قال تعالى" لا تخونوا الله والرسول ولا تخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون" .
هذا المظهر الأول من الطرق الشرعية التي يعالج بها الفساد، والمظهر الثاني أهمية توعية الناس بوجوب الأمانة والنزاهة والتزام العدل والقصد في تعامل الإنسان مع كل الناس، العدل هو الذي جاءت به الشرائع السماوية جمعاء وبالعدل قامت السماوات والأرض ولا يمكن أن تنتظم الأحوال وتستقر حياة الناس إلا بالعدل ولهذا قال الله عز وجل" لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط"، هذه الشريعة بكل أركانها جاءت بتحقيق العدل ونشر القسط بين الناس .
العدل والإحسان
وقال الله عز وجل "إن الله يأمر بالعدل والإحسان" وقال سبحانه "وتمت كلمة ربك صدقاً وعدلاً"، وعدلاً في كل الأحكام إذا توعية الناس بوجوب العدل وأنه أساس الدين حقيقة وقامت الدنيا والآخرة على العدل، وقامت السماوات والأرض عليه والشرع والكون كله أمر الله عز وجل وخلقه لا يمكن أن يقوم إلا بالعدل، توعية الناس بهذا ستسهم بمعالجة الفساد، توعية الناس بتحريم الفساد والظلم والخيانة للأمانة بكل أنواعها.
الله عز وجل قال "هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور"، وأمرنا بأن نعمل ونجتهد. ويقول عليه الصلاة والسلام "ما أكل أحد طعاماً قط خيراً من عمل يده وأن نبي الله داوود كان يأكل من عمل يده"، التأكيد على أن العمل عبادة أنت إذا عملت في دائرة حكومية أو دائرة خاصة أنت تمارس عبادة ويجب أن تراقب الله سبحانه وتعالى قبل خوفك من عقوبة البشر وإذا كان على هذا المستوى من النية الصالحة لا يمكن أن يغش أو يسرق أو يخدع ولا يغرر بالناس أو يتساهل في الواجب، تطبيق العقوبات الشرعية على هؤلاء الفاسدين المجرمين حيث العقوبات الشرعية كما نعلم عقوبات رادعة وحاسمة ولذلك التساهل في تطبيقها من الأسباب التي تجرئ هؤلاء على ممارسة الفساد واستمرائه، عمل الطرق الإجرائية والنظامية: أولها وضع قوانين وأنظمة تجرم هؤلاء المفسدين وتوقع عليهم العقوبات المناسبة التي تزجرهم وتؤدبهم وتردع أمثالهم ممن يفكرون في ممارسة الفساد، أيضا استخدام أسلوب الترهيب والترغيب وهذا أسلوب شرعي مهم تجد القرآن كله مملوءاً بالترهيب والترغيب ذكر الجنة وذكر النار وذكر أن الله عفو رحيم وأنه شديد العقاب هذا أسلوب شرعي وأسلوب إداري ناجح جداً، تكافئ المحسن الأمين الجاد في عمله بما يشجعه على المزيد من البذل والعطاء، والاستمرار على النزاهة والأمانة والذي يكون عنده كسل وعدم اهتمام بالمسؤولية وعدم تحمل لثقل الأمانة أو يستغل منصبه ومكانه للرشوة وأكل المال بالباطل يجب أن تعاقبه بهذه الطريقة بحيث تنمي نوازع الخير والعدل والشعور بالأمانة عند الناس وتردع من هم على عكس ذلك، وجوب تطبيق الأنظمة والعقوبات بعدل وحزم ومعاقبة المفسدين مهما علت مراتبهم وقد ذكرنا حديث أسامة في قصة المرأة المخزومية كما قال عليه الصلاة والسلام "إنما أهلك من كان قبلكم أنهم كان إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف قطعوه"، هذا الذي يهلك الأمم ويشيع الفساد في الناس هذا التمييز والتفرقة يترك كبار المجرمين وتطبق العقوبات على الصغار أيضا وجوب تطبيقها على المجرم أيا كان ولو كان من أقرب الناس إليك وهذا أيضا يقال للمديرين حتى في الإدارات الصغيرة لا يصح إذا كان لديك قريب يعمل لديك أو صديق يداهنك ويتملق لك تغض الطرف عن أخطائه وفساده والآخر تطبق عليه العقوبة ولهذا ثبت عن عمر رضي الله عنه قال لأهل بيته لما ولي الخلافة "إن الناس ينظرون إليكم كما ينظر الطير إلى اللحم فإذا وقعتم وقعوا وإن هبتهم هابوا وإني والله لأوتي برجل منكم وقع فيما نهيت الناس عنه إلا ضاعفت له العذاب لمكانه مني".
الموظفون
تحسين الوضع المادي للموظف قدر المستطاع حتى يستغني بالحلال ولا يذهب إلى الحرام كالرشوة ونحوها، كذلك من الأمور النظامية تطوير القواعد النظامية المطبقة والأخذ بأحدث النظريات الإدارية التي طبقت ونجحت في دول العالم ويجب أن نبدأ من حيث انتهى الآخرون والحكمة ضالة المؤمن إن وجدها فهو أحق بها كما قال صلى الله عليه وسلم إزالة جميع المعوقات التي تمنع من الحصول على التعويض ومحاسبة الجاني مهما كان منصبه، الاهتمام بتربية وتنمية أخلاقيات الوظيفة والشعور بالمسؤولية تكثيف الجهود الخاصة بالتوعية الإدارية اللازمة، تكثيف المراقبين ونشرهم في جميع الدوائر واستعمال عنصر المفاجأة في العملية الرقابية في ظني إذا توفرت مثل هذه الإجراءات فسوف نقضي على الكثير والكثير من مظاهر الفساد.
الجذلاني: أيضا من محاربة الفساد تفعيل دور منظمات المجتمع المدني لأنها دائماً تكون لها الحرية الأوسع في مناقشة الفساد ومحاسبة المفسدين وكشف الصور في الكثير من أشكال الفساد الحاصل.
المشاركون في الندوة
• الشيخ عبدالعزيز الفوزان أستاذ الفقه المقارن في المعهد العالي للقضاء وعضو هيئة حقوق الإنسان.
• الدكتور محمد ناصر البجاد أستاذ القانون المشارك بجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية.
• الدكتور عبد الرحمن بن محمد السلطان أستاذ الاقتصاد المشارك بكلية الاقتصاد والعلوم الإدارية بجامعة الإمام.
• الشيخ محمد الجذلاني قاض سابق في ديوان المظالم ومحام حاليا.
--------------------------------------------------------------------------------
توصيات
• ضرورة تفعيل مجلس الشورى بحيث يستطع مناقشة التقارير إضافة لمحاسبة المسؤولين المقصرين.
• فتح تحقيق عن أسباب انهيار سوق الأسهم والتسبب في ضياع تريليونات الريالات وإرجاع الحقوق لأصحابها.
• وضع برامج للهيئات المعنية بمحاربة الفساد لتجريم الفاسدين وفضحهم ليكونوا عبرة لغيرهم.
• محاسبة القضاة في الأخطاء التي لا يمكن إدراجها ضمن قضايا الاجتهاد وتغريمهم وإعادة القضايا التي حكموا فيها للتداول.
• ضرورة سرعة تطبيق تخصيص القضاء وقيام المحاكم المتخصصة بأسرع وقت ممكن.
• ضرورة حماية الموظف النزيه الذي بلغ عن مسؤول فاسد ووضع جهات وبرامج متخصصة لذلك.
• تقوية أنظمة المساءلة والشفافية في المجتمع.
• تطوير الإجراءات والنظم الإدارية الخاصة بأداء الأعمال واختيار العاملين والمساواة أمام القانون ومحاسبة المفسدين.
• تفعيل الجوانب الروحية والدينية التي تشجع على الاستقامة والسلوك الجيد.
• وضع الأسس اللازمة لتحسين الوضع المالي والاقتصادي للمواطن وجعلها فوق الحد الأدنى وبصورة جيدة من الحياة الكريمة.
• فضح الفساد والمفسدين لكي يسقطوا من أعين المجتمع.
• رصد الفساد عبر الرقابة على أداء الأجهزة الحكومية.
• وتفعيل دور المؤسسات التربوية بكل مراحلها من أجل خلق قيم وسلوكيات تؤثر على أهمية العمل والكسب الشريف.
|