[عثمان الثمالي]

قال النبي صلى الله عليه وسلم ثم ودعت موسى وانصرفت حتى أتيت أخي جبريل عليه السلام ... وهو قائم على حاله لم يتقدم ولم يتأخر فلما رآني عانقني
وقال : مرحباً يا حبيب رب العالمين أي شيء أوتيت من ربك
فقلت : أعطاني ربي فضلاً عظيماً وإحساناً وشرفاً وعطاء كثيراً وكرماً جزيلاً
قال : علمت أنك أكرم الخلق على الله تعالى

ثم أخد بيدي حتى أتينا الجنة ........ وإذا أنا بملك عظيم الخلقة حسن المنظر بهي الوجة والنور يلوح من وجهه جالس على كرسي من نور وعليه الحلي والحلل

فقلت : يا أخي يا جبريل من هذا ؟
قال : هذا رضوان خازن الجنان
فتقدمت وسلمت عليه ولما رآني نهض متبسماً ورد علي السلام وعانقني وصافحني
وقال : مرحباً بالنبي الناصح والأخ الصالح
فقال جبريل : يا رضوان خد بيد حبيب الله ورآه الجنة وما أعد الله له ولأمته فأخذني وأدخلني الجنة فنظرت فإذا أرضها بيضاء مثل الفضة وحصباؤها من اللؤلؤ والمرجان وترابها المسك ونباتها الزعفران وأشجارها ورقة من فضة وورقة من ذهب والثمار عليها مثل النجوم المضيئة والعرش سقفها والرحمة حشوها والملائكة سكانها والرحمن جارها فأخذ رضوان بيدي وسرنا بين أشجارها وما فيها من سرور وعيون وحور عين وأبكار وقصور عاليات وولدان كأنهن الأقمار وخدم وحشم وكرم وأنعام ونعيم ومقام وخلود وسعود ودوام وفرح في جوار الملك العلام ورأيت قبة من لؤلؤة بيضاء معلقة بلا علاقة تحملها أو تمسكها لها ألف باب من الذهب الأحمر على كل باب ألف وصيفة ورأيت داخل القبة ألف مقصورة في كل مقصورة ألف غرفة في كل غرفة ألف سرير على كل سرير ألف فراش من الإستبرق بين كل فراش وفراش نهر من ماء يجري وفوق كل فراش حورية تحير الناظر وتدهش الخاطر فرفعت متعجبا وإذا بالنداء من ألعلي الأعلى أتتعجب من ذلك يا محمد أنظر إلى صدر القبة ترى العجب فتأملت فإذا هي مد البصر وإذا فيها قبة من الزمرد الأخضر وفيها سرير من العنبر الأبيض مرصع بالدر والجوهر علية جارية كحلاء نجلاء شكلاء دعجاء أحسن من الشمس والقمر وأين للشمس والقمر حسن وملاحة مثل ما لها خلقها الله من قدمها إلى ركبتيها من الكافور الأبيض ومن ركبتيها إلى صدرها من المسك الأزفر لها ألف وستمائة ذوابة من الشعر لو أشرفت على أهل الأرض لأضاء من خنصرها المشرق والمغرب ولو بصقت في البحر المالح لأصبح عذبا

فقلت : يا أخي يا جبريل لمن هذا النعيم العظيم والعطاء الجسيم ؟
فقال : يا حبيب الله هذا لمن يموت وهو يشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله حقا

قال : ورأيت نعيما وملكا كبيرا ورأيت فيها سبعة أنهر :

نهر من ماء .. ونهر من لبن .. ونهر من خمر .. ونهر من عسل .. ونهر من السلسبيل .. ونهر من الرحيق .. ونهر من التسنيم .. ونهر من الكوثر .

ولم أزل أنزل من سماء إلى سماء فما مررت على شيء في السماوات إلا وهو يقول لا إله إلا الله محمد رسول الله فلما انتهيت إلى السماء الدنيا إذا الليل على حالة لم يتقدم ولم يتأخر فركبت وأتيت مكة شرفها الله تعالى وعظمها ونزلت عن البراق فودعني جبريل
وقال يا محمد : إذا أصبحت فحدث قومك بما رأيت من العجائب في هذه الليلة وبشرهم برحمة الله تعالى
فقلت : يا أخي يا جبريل إني أخاف أن يكذبوني
فقال : إن كذبوك صدقك أبوبكر فلا تبال بمن كذبوك بعده

فقال النبي صلى الله عليه وسلم فنمت على فراشي إلى وقت الصبح , ثم خرجت إلى باب المسجد وكان من عادة أبي جهل الخبيث إذا مر علي يقول بم نبئت يا محمد البارحة .... فمر علي وسألني علي حسب عادته له
فقلت له : اسري بي
قال إلى أين ؟
فقلت : إلى بيت المقدس ثم إلى العرش وخاطبت الحق وخاطبني وعطاني وأكرمني ورأيت الجنة وما أعد الله لأهلها من النعيم المقيم ورأيت النار وما أعد الله لأهلها من الزقوم والحميم ,
قال أبو جهل : يا محمد اكتم هذا الأمر ولا تتكلم به وإلا كذبك الخلق ,
فقلت له : أأكتم أمراً أنعم الله به علي وقد قال الله تعالى ( وأما بنعمة ربك فحدث )
قال أبو جهل لعنه الله : يالله العجب من قولك هل تقدر أن تحدث قومك بما أخبرتني به ؟
فقلت : نعم

فنادى الخبيث في أهل مكة شرفها الله تعالى : يا أهل مكة هلموا إلي فاجتمع اهل مكة كلهم ,

فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيباً
وقال : يا معشر قريش اعلموا أن الله سبحانه وتعالى أسري بي في هذه الليلة إلى بيت المقدس ثم عرج بي إلى السموات السبع وشاهدت الأنبياء عليهم الصلاة والسلام .... ورفعت إلى العرش ودست بساط النور .... وخاطبت الحق وخاطبني .... ورأيت الجنة والنار ..... وجعلت أصف هذا كله .... وأبوبكر الصديق يقول : صدقت يا صفوة الله صدقت يا حبيب الله

فقال أبو جهل الخبيث : وصفت فأحسنت فما أريد منك خبر السماء ولكن نريد منك خبر بيت المقدس كيف هو صفه لنا حتى نعلم أن كلامك حق وقولك صدق ,

فأطرق النبي صلى الله عليه وسلم رأسه إلى الأرض لأنه دخل بيت المقدس بالليل ومر عليه راجعاً بالليل ولم ير له علامة ولا إشارة

فأوحى الله إلى جبريل أن اهبط إلى بيت المقدس واقتلعه بأرضه وجباله وتلاله وأوديته وأزقته وشوارعه ومساجده وأبسطه بين يدي حبيبي محمد
قال فعند ذلك هبط الجليل جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم ببيت المقدس فجعل النبي ينظر إليه ويصفه مكاناً مكاناً وموضعاً موضعاً حتى أطرقوا جميعاً على الأرض وأبو بكر الصديق يقول : صدقت يا حبيب الله

ثم قال النبي صلى الله تعالى : لما كنت أنا وأخي جبريل في الهواء رأيت من بني مخزوم فلاناً وفلاناً هم وركب عند جبل الأراك وقد ضل منهم جمل أورق
فناديتهم من الهواء إن جملكم في واد النخل وهم عند طلوع الشمس من الغد يفدون عليكم فإذا جاءوكم فاسألوهم
فلما أصبح ذلك اليوم وكان الركب بعيداً ولم يقدروا أن يدركوا مكة عند طلوع الشمس قال فأمسك الله تعالى في ذلك اليوم الشمس حتى لحق الركب مكة إكراماً وتصديقاً لكلام سيد الخلق وحبيب الحق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم
ولما طلعت الشمس دخل الركب مكة وأخبروا أنه ضل منهم بعيراً وقالوا وكنا نبحث عنه فنادانا شخص من الهواء إن البعير في واد النخل فأتينا الوادي فوجدناه كما ذكر لنا ................

فلما سمع المسلمون ذلك فرحوا فرحاً شديداً وضجوا بالتهليل والتكبير وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حوله وهو بينهم كالقمر وحوله كالنجوم , وأسلم في ذلك اليوم أربعة آلاف رجل وضجت الملائكة في السموات بالتهليل والتكبير إكراماً للبشير النذير ,

وعاداه أبو جهل وجحده وحسده وقال هذا سحر عظيم منك يا محمد واقبل النبي صلى الله عليه وسلم يحدث أصحابه بما رآه في السموات والعرش من العجائب وما رآه في الجنان من النعيم الدائم لأهل محبته وما رآه في النار والجحيم من الحميم والعذاب الأليم لأعدائه ............


( وهــــــــــــــذا آخـــــــــــر المعــــــــــــراج )
اللهم ادخلنا في شفاعته
وأغفر لنا وارحمنا أنت مولنا
فانصرنا على قوم الكافرين
آميـــــــــــــــــــــــــــــــــن
والحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد
وعلى آله وأصحابه أجمعين
والحمد لله رب العالمين
تم بحمد الله تعالى