رد: أخــبـــار ومنــوعـات ليـوم الاحد 13 ذو القعدة
حسن عسيري
طالبات سعوديات في أدغال إفريقيا
كانت بذرة، ثم نبتة، ثم شجرة، ثم جذع عملاق تم قطعه بمنشار ضخم، ثم ألواح خشبية داخل المصنع، ثم مقعد وطاولة تم وضعها في مدرسة للبنات في الطائف. حتما هناك علاقة بين "مقعد دراسي" في الطائف، وبين شجرة في أدغال الأمازون في إفريقيا. فالعلاقات في الحياة متشابكة ومقعدة كثيرا، مثل العلاقة التي يمكن استنتاجها بين ذاك الـ " مقعد الدراسي " في الطائف وبين أزمة محلية تكشف عن نقص عقل وأمانة ومواطنة. الحكاية هي أن كل طالبتين من طالبات المدرسة المتوسطة الـ 30 في الطائف، تجلسان على مقعد واحد، في حالة تكدس بشرية، لم تشهد مدارس العالم لها مثيلا إلا في أوقات الحروب، النكسات، المجاعات وغيرها. وبما أننا نعيش في حالة سلم دائمة والحمد لله، وحالة اقتصادية منتعشة وشبع يصل إلى حد قد نتناول فيه المندي في وجبات الفطور، إلا أن تلك المدرسة العجيبة موجودة حقيقة في مبنى مستأجر في الطائف. البداية من ذاك المقعد الخشبي الذي تعرفنا على مراحل نموه ابتداء من البذرة مرورا بالشجرة وانتهاء بكرسي وطاولة لكل طالبتين، والنهاية تراها على شكل معادلة حسابية : مسؤولون يكوون البشوت يجلسون على مكاتب فارغة من الملفات والورق + مدراء ومديرات مدارس لا يشعرون بالرقابة والمسؤولية والحس الإبداعي في الإدارة + نظرة متدنية لتعليم المرأة = مقعد لكل طالبتين في مدرسة سعودية.
لو لم تكن المعادلة السلبية أعلاه موجودة في العملية التعليمية، لكان هناك ناتج مختلف، حيث ستفاجؤون عندما تعلمون أنه على بعد كيلو متر واحد فقط من مدرسة البنات المتوسطة (30)، تجد مدرسة أخرى وهي )الابتدائية 78) تعاني من مساحات شاسعة وأثاث زائد عن الحاجة إلى درجة أنهم يستخدمون طابقا واحدا فقط لعدم الحاجة إلى الطوابق الأخرى. الخبر الذي نقلته صحيفة "عناوين" الإلكترونية، أشارت فيه إلى إجابة مدير التعليم في الطائف سالم الزهراني بعد شكاوى أولياء الأمور، أنه تم شراء قطعة أرض ليقام عليها مبنى حكومي، وطالبهم بالانتظار سنتين حتى تتم ترسية المشروع وإنهاء أعمال البناء.
كم يبدو متينا ذاك المقعد الخشبي الذي يثير الكثير من الأسئلة: هل ستستلم المليارات التسعة المقدمة لدعم التعليم عقول قادرة على الإدارة؟ هل مدراء التعليم يملكون الصلاحيات التي تجعلهم قادرين على شراء احتياجاتهم التي هم أعرف بها؟ هل يقوم ديوان الرقابة بالتفتيش عن كيفية قيام تلك المناطق بالصرف على مدارسها؟ هل المباني المستأجرة تتلاءم مع مستويات الأسعار في تلك المناطق؟ وهل المقعد الذي يجلس عليه المسؤول من نفس الشجرة التي صنع منها المقعد الذي يجلسن عليها بناتنا في المدارس؟
|