عرض مشاركة واحدة
قديم 11-07-2009   رقم المشاركة : ( 2 )
صقر قريش
مشرف الأقسام التعليمية

الصورة الرمزية صقر قريش

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 2814
تـاريخ التسجيـل : 22-08-2008
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 31,556
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 596
قوة التـرشيــــح : صقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادة


صقر قريش غير متواجد حالياً

افتراضي رد: أخــبــار ومنوعات ليوم السبت 19 /11

السَّفَر في الفضاء.. كيف يكون سَفَراً في الزمان؟

في أثناء سفركَ في الفضاء لا بدَّ لشيئين معكَ من أن يختلفا ويتغيَّرا في استمرار، وهما ساعتُكَ ومترُكَ.

ميدل ايست اونلاين
بقلم: جواد البشيتي

عالم الكونيات البريطاني الشهير، والمُقْعَد، ستيفن هوكينج تحدَّث، ذات مرَّة، إلى هيئة الإذاعة البريطانية، فأعرب عن اعتقاده بأنَّ الجنس البشري مهدَّد بالزوال إذا لم يسارع إلى تطوير تكنولوجيا ووسائل نقل فضائية، تمكِّنه من استيطان كواكب "ملائمة" في مجموعات شمسية أخرى، فليس في مجموعتنا الشمسية من الكواكب ما يلائم الاستيطان البشري.


والمشكلة الكبرى التي لم تُحل حتى الآن، والتي لا بدَّ من حلها تلافياً لكارثة كونية، أو من صنع البشر، يمكن أن تؤدي إلى زوال الجنس البشري، تكمن في عجز البشر العلمي ـ العملي، أو التكنولوجي، عن إيجاد بديل من الوقود الكيميائي التقليدي الذي يستخدمونه الآن قوَّة دفع لصواريخهم الفضائية، فالوصول إلى أقرب كوكب ملائم للاستيطان البشري بمركبات فضائية تستخدم مثل هذا الوقود يستغرق نحو 50 ألف عام!


وفي سعيه إلى البحث، أو إلى التشجيع على البحث، عن حل ثوري لتلك المشكلة، تحدَّث هوكينج، مؤلِّف كتاب "تاريخ مختَصَر للزمن"، عن استخدام مركبات فضائية على غرار "ستار تريك" وعن سفينة النجوم الخيالية "انتربرايز" التي تَسْتَخْدِم قوَّة دفع تسمح لها بالسير في الفضاء بسرعة تفوق سرعة الضوء، فتَنْتَقِل "لحظيا" إلى الموضع الكوني الذي تريد.


لم يَقُلْ هوكينج بقوة دفع كهذه؛ لأنَّ القول بها ينطوي على انتهاك كبير لقانون فيزيائي من أهم قوانين نظرية "النسبية" لآينشتاين، هو قانون استحالة أن يتخطى أي جسم، أو جسيم، أكان له كتلة أم لم يكن، في سرعته، سرعة الضوء، التي هي السرعة العظمى في الكون.


هوكينج انتقل، في حديثه الصحافي النادر، من روايات الخيال العلمي، إلى بعض النظريات والحقائق الفيزيائية، في سعيه إلى إيجاد حل لمشكلة القوَّة الدافعة للصواريخ الفضائية، فأوضح أنَّ تطوير تكنولوجيا تسمح لنا بالإفادة من "الطاقة الخالصة" ـ المتأتية من تفاعل جسيمات المادة مع جسيمات المادة المضادة، كعملية تصادم الإلكترون وجسيمه المضاد البوزيترون ـ في الحصول على قوَّة دفع لصواريخنا الفضائية تمكِّننا من السفر في الفضاء بسرعة تقل قليلا عن سرعة الضوء التي تبلغ 300 ألف كيلومتر في الثانية الواحدة.


الحل الذي يتوقَّعه هوكينج يقوم أوَّلاً على تكنولوجيا تسمح للبشر بالحصول على "الطاقة الخالصة" ممَّا يسمى عملية "الفناء المتبادل للمادة والمادة المضادة"، فهذا المَصْدَر من الطاقة هو، بحسب ما يأمل ويتوقع هوكينج، الذي يمكنه تزويدنا قوَّة الدفع الصاروخية تلك.


ولكن، ثمة مشكلة أخرى لا بدَّ من حلها، إذا ما حللنا مشكلة "قوَّة الدفع"، هي أنَّ الوصول إلى كواكب ملائمة للاستيطان البشري يستغرق، ولو سافرنا في الفضاء بسرعة تقل قليلا عن سرعة الضوء، زمناً طويلاً جداً.. مئات، أو آلاف، أو ملايين، أو بلايين، السنين، فكيف الحل؟!


الحل جاء به آينشتاين إذ اكْتَشَفَ، وإذ أُقيم الدليل الفيزيائي ـ العملي على صحَّة اكتشافه، أنَّ الزمن يتباطأ في مركبة فضائية تسير بسرعة قريبة من سرعة الضوء.


ولا شكَّ في أنَّ هوكينج المؤمِن بهذا الذي جاء به آينشتاين، أي "تباطؤ (أو تمدُّد) الزمن"، لا يرى مشكلة في سفر الإنسان إلى كوكب يبعد عن الأرض مسافة يقطعها الضوء في زمن مقداره مئات، أو آلاف، أو ملايين، أو بلايين، السنين.


هذه المقالة الصحافية لا تسمح لنا بالتحدُّث عن هذا الأمر إلاَّ بالمختَصَر المفيد. وما سنقوله، في هذا المختَصَر المفيد، ليس من الخيال العلمي، في جوهره ومبدأه، فبعض التجارب الفيزيائية العملية أقامت الدليل على صحَّته.


إذا سافر إنسان، في مركبة فضائية، بسرعة تُقارِب سرعة الضوء (بسرعة 290 ألف كيلومتر في الثانية الواحدة مثلاً) إلى كوكب يبعد عن الأرض مسافة يقطعها الضوء في زمن مقداره، مثلاً، 10 ملايين سنة، فمتى يصل إليه؟


يَصِل إلى ذلك الكوكب بعد انقضاء زمن يزيد قليلاً عن 10 ملايين سنة (وَلْنَقُل بعد 11 مليون سنة).


هذا هو الجواب "المنطقي جدَّاً" حتى ولادة نظريتي "النسبية الخاصة" و"النسبية العامة" لآينشتاين؛ وغنيٌّ عن البيان أنَّ هذا الجواب سيصيبنا باليأس والقنوط، فليس من إنسان يمكن أن يعيش ملايين السنين.


إنَّ أحد أسرار عبقرية آينشتاين يكمن في اكتشافه "تباطؤ (أو تمدُّد) الزمن"، والذي بفضله يمكننا تغيير ذلك الجواب "المنطقي جدَّاً" تغييراً جذرياً.


في "الجواب الجديد"، الذي هو الآن، أي بعد ولادة نظريتي "النسبية الخاصة" و"النسبية العامة"، الجواب المنطقي فِعْلاً، نقول: يستطيع هذا الإنسان أن يَصِل إلى ذلك الكوكب البعيد جدَّاً (والعودة منه إلى الأرض) في زمن مقداره، مثلاً، 10 ساعات، بحسب ساعة هذا الإنسان (المسافِر) التي تباطأ سَيْر الزمن فيها.


هذا المسافِر لم يَزِدْ عُمْره فعلاً (في خلال رحلته الفضائية، ذهاباً وإياباً) سوى 10 ساعات؛ ولكنَّ عُمْر الأرض (في خلال رحلته الفضائية نفسها) زاد بنحو 22 مليون سنة.


مسافرنا هذا سيعود إلى الأرض لِيَجِد أنَّ 22 مليون سنة قد مرَّت على الأرض من غير أن يزيد عُمْره (الفعلي) هو أكثر من 10 ساعات.


معنى ذلك أنَّ السفر في الفضاء بسرعة تُقارِب سرعة الضوء يسمح لأيِّ إنسان شاب بأن يَصِل إلى كوكب يبعد عن الأرض أكثر ممَّا تبعد الشمس بملايين المرَّات قبل أن يشيخ أو يموت، فالسفر الفضائي بمثل هذه السرعة يطيل، ويطيل كثيراً، عُمْر الإنسان المسافِر بالنسبة إلى سكَّان الأرض، وليس بالنسبة إليه هو. إنَّه سيعيش، مثلاً، 70 عاماً بحسب ساعته؛ ولكنَّه بحسب ساعة سكَّان الأرض عاش، مثلاً، ملايين السنين!


كُلُّنا نَعْرِف ما هي "ظروف المكان"، وما هي "ظروف الزمان". الإنسان (وسائر الأشياء في الكون) يجب أن يكون موجوداً ضِمْن (أو في داخل) ظرفين (أو وعائين) هما "المكان" و"الزمان".


أين أنتَ الآن؟


إنَّكَ تَجْلِس الآن وراء مَكْتَبِكَ، في داخل غرفة، في مبنى مُقام على سطح اليابسة في مدينة بيروت، مثلاً، التي هي جزء صغير جدَّاً من سطح الكرة الأرضية، التي تدور حول نفسها، وتدور، في اللحظة عينها، حول الشمس، وتدور مع الشمس حول مركز مجرَّتنا (مجرَّة "درب التبَّانة") التي مع مجرَّات كثيرة تدور حول مركز مجموعتنا، أي مجموعة المجرَّات التي تنتمي إليها مجرَّتنا.


أنتَ جالِسٌ الآن وراء مَكْتَبِكَ؛ وقد تستمر جالساً وراءه 5 ساعات مثلاً.


إنَّكَ في خلال هذه الساعات الخمس لم تتحرَّك قَيْد أنملة في "المكان"؛ لأنَّكَ لم تُغادِر الكرسي الذي تَجْلِس عليه. ومع ذلك، فأنت تحرَّكتَ في "الزمان"؛ ذلك لأنَّ 5 ساعات انقضت على جلوسكَ وراء مَكْتَبِكَ.


في هذا المثال، نَقِفُ على معنى القول إنَّ الإنسان يستطيع الانتقال (التحرُّك) في "الزمان" من غير أن ينتقل (يتحرَّك) في المكان، فليس كل انتقال في "الزمان" يعني، أو يجب أن يعني، انتقالاً في "المكان".


أنتَ، ومن وجهة نظركَ فحسب، انتقلتَ في "الزمان" من غير أن تنتقل في "المكان"؛ ولكنَّكَ لستَ كذلك من وجهة نظر شخص يراقبكَ من على سطح كوكب يقع في خارج المجموعة الشمسية، فهذا الشخص يراك، في خلال الساعات الخمس تلك، تنتقل مع غرفتكَ وكوكب الأرض كله من موضع إلى موضع في الفضاء. من وجهة نظر هذا الشخص، أنتَ لا يمكنكَ الانتقال في "الزمان" من غير أن تنتقل أيضاً في "المكان".


وجهة نظر هذا الشخص لا تهمنا الآن، فَلْنَضْرِب صفحاً عنها.


في ذلك المثال، اتَّضحَ لكَ معنى أن تنتقل في "الزمان" من غير أن تنتقل في "المكان".


الآن، غادرتَ مَكْتَبِكَ وغرفتكَ وبنياتكَ، وقُدتَّ سيََّارتكَ من بيروت إلى صيدا. هذا انتقال في "المكان"؛ لأنَّكَ انتقلتَ من موضع (هو بيروت) إلى موضع آخر (هو صيدا).


بحسب، هذا المثال، هل تستطيع الانتقال في "المكان" من غير أن تنتقل أيضاً في "الزمان"؟


كلاَّ، لا تستطيع، فأنتَ تَقْطَع زمناً مع كل مسافة تقطعها، ومهما كانت تلك المسافة صغيرة.


حتى الآن، لم نَقْلْ أي شيء يَصْدُم "التفكير المنطقي والسليم" لدينا، فما قلناه لا يتخطَّى ما هو في منزلة "البديهية".


افْتَرِض الآن أنَّ رحلتكَ من بيروت إلى صيدا قد استغرقت 100 دقيقة؛ وافْتَرِض أنَّ "السرعة القصوى" في الكون هي 100 كيلومتر في الدقيقة الواحدة؛ وافْتَرِض أنَّ سيَّارتكَ، التي لا يمكنها أبداً أن تسير بهذه السرعة، قد سارت بسرعة تُقاربها.. بسرعة 90 كيلومتر في الدقيقة الواحدة، فمتى تَصِل إلى صيدا؟


عن هذا السؤال، ستُجيب قائلاَ: سأصل إليها (على افتراض أنَّها تبعد عن بيروت 100 كيلومتر) في زمن يزيد قليلاً عن دقيقة واحدة. إنَّكَ ستصل إليها، مثلاً، في زمن مقداره 70 ثانيةً.


هذا الجواب "الصحيح" هو "خاطئ" تماماً بحسب وجهة نظر آينشتاين، التي بحسبها ستصِل إلى صيدا في زمن مقداره (مثلاً) 7 ثوانٍ!


وأنتَ لو نظرتَ إلى ساعتكَ ستتأكَّد أنَّ سفركَ إلى صيدا لم يَسْتَغْرق سوى 7 ثوانٍ، أي أنَّ عُمْركَ قد زاد 7 ثوانٍ فحسب.


افْتَرِضْ أنَّ صديقاً لكَ في مدينة صيدا يستطيع رؤيتكَ وأنتَ مسافِرٌ إليها من بيروت. لو سُئِل صديقكَ هذا عن الزمن الذي استغرقه سفركَ من بيروت إلى صيدا، لأجاب قائلاً: 70 ثانية.
آخر مواضيعي
  رد مع اقتباس