11-08-2009
|
رقم المشاركة : ( 10 )
|
مشرف الأقسام التعليمية
|
رد: أخــبـــار ومنــوعـات الاحد 20 ذو القعدة 1430هـ
مجمع الفقه أفتى بجوازه في دورته الأخيرة
دعوة إلى تطبيق عقد البناء والتشغيل والإعادة في تعمير الأوقاف والمرافق العامة
عثمان ظهير من الرياض
مع التطور العمراني والتقدم العلمي وانفتاح البنوك بعضها على بعض وزيادة الاستثمارات بين دول العالم نسمع بين الحين والآخر عن منتج جديد يشغل الباحثين والعلماء والمهتمين، من الأمثلة الحية على مثل هذه المنتجات عقد البناء والتشغيل والإعادة أو نقل الملكية حسب الترجمة لاسم هذا العقد والذي يرمز له بحروف B.O.T ويسميه البعض (عقد البوت) شهد انتشاراً في كثير من الدول، وأصبحت تطبيقاته بديلاً عن التمويل عن طريق الموازنة العامة، أو من خلال القروض الخارجية والمعونات أو التمويل المجمع عن طريق البنوك وذلك لدوره الحيوي في إيجاد مشاريع البنية الأساسية والتنمية ولأهمية هذا العقد أوصى مجمع الفقه الإسلامي الدولي بدراسته وذلك في قراره رقم 129 (3/14) بشأن عقد المقاولة.
قدم الدكتور عبد الستار أبو غدة رئيس الهيئة الشرعية الموحدة لمجموعة البركة المصرفية بحثا حول الموضوع في دورة مجمع الفقه الإسلامية والتي انعقدت في الشارقة قبل بضعة أشهر, وتحدث الباحث عن أن تطبيق هذا العقد ينسجم مع مبدأين اقتصاديين أساسيين هما إبراز مسؤولية الدولة عن توافر الخدمات الجماعية لمسؤوليتها الكاملة عنها وتعزيز دور القطاع الخاص بما فيه البنوك لجهود الدولة في هذا المجال لتدارك أوجه النقص في الموارد المالية العامة، حيث تستكمل عن طريق التوجه لاقتصاد السوق، والتوجه نحو التحرر من القيود التي تعوق الاستثمار وبروز ظاهرة العولمة.
وبحسب الدراسة فإن تاريخ تطبيق هذا العقد يعود للعام 1782م في فرنسا لكن ما لبث أن توقف تطبيقه ثم تجدد العمل به عام 1830م.
يمكن للدول أن تمول خدمات البنية الأساسية عن طريق القطاع الخاص بطريقة أخرى عبر عقد الـ B.O.T مثل: إنشاء المرافق بجهود ذاتية وتسليمها للدولة لإدارتها وإنشاء المرافق بجهود ذاتية وإدارتها أيضاً من القطاع الخاص كذلك التمويل عن طريق البنوك وبخاصة البنوك الإسلامية بصيغ مشروعة مثل المشاركة الثابتة والمشاركة المتناقصة وصكوك الاستثمار وصناديق الاستثمار. وأشار البحث إلى أن لهذا العقد صورا عديدة, وعماد هذه الصور هي الصورة الأساسية.
وقد تعددت التعاريف لهذا العقد، حتى بلغت في بعض الأبحاث 15 تعريفاً ذكر منها الباحث تعريفين أحدهما تعريف منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية اليونيدو بأنه نظام تعاقدي بمقتضاه ينفذ القطاع الخاص الإنشاء (شاملا التصميم والتمويل) لمشروع بنية أساسية وإدارته والاحتفاظ به، وفي خلال فترة الإدارة المحددة يحق له الحصول على مقابل الخدمات التي يقدمها من عوائد ورسوم وحقوق ملكية، حيث لا تزيد عن المتفق عليه والمحدد في العقد ليتمكن القطاع الخاص من استرداد استثماراته ومقابل تكاليف الإدارة والصيانة للمشروع، إضافة إلى عائد مناسب. وفي نهاية المدة يقوم القطاع الخاص بنقل الملكية إلى الجهة الحكومية أو جهة خاصة أخرى جديدة من خلال مناقصة عامة. وقد استخلص الباحث تعريفاً مختاراً لمفهوم (البوت) في ضوء التعريف والمفاهيم المتنوعة المعطاة لهذا العقد, وهو امتياز تمنحه الدولة أو إحدى هيئاتها لمستثمر فرد أو شركة وطنية أو أجنبية يتم بمقتضاه تدبير التمويل اللازم لإنشاء أو تطوير وإدارة وتقديم خدمات أحد مرافق البنية الأساسية للمنتفعين مقابل الحصول على عوائد لمدة محددة تنتهي بتسليمه لها في حالة صالحة لاستمراره أو تجديد العقد مرة أخرى.ثم جمع الباحث صور العقد وأشار إلى أنه لا يخفى ما بين هذه الصور من تداخل وتشابه، لكنها تم اعتمادها والعمل بها، ولا مشاحّة في الاصطلاح .
وجاء قسم كبير من البحث للحديث حول بيان خصائص عقد البوت ومن أهمها أنه ليس كالعقود الأخرى التي تتم بين طرفين لهما مطلق الحرية في تحديد الالتزامات والحقوق لهما, بل هو عقد يعتمد على النظم الصادرة بشأن الامتيازات والمتعلقة بالمرافق العامة والإدارة العامة وقواعد تقديم الخدمات العامة، كما أن للمرافق العامة قواعد قانونية أخرى لتحقيق مصالح الجمهور بعيداً عن الاحتكار, وتلك القواعد تندرج في عقود الإذعان لعدم إمكانية التغيير لها، وأشار البحث إلى أن هناك تطورات مستجدة في عقود التزامات المرافق العامة وخصوصاً في مجال المعلومات والاتصالات، وهذه تتطلب التغيير المستمر في القواعد القانونية والتشريعية المنظمة للقطاعات العامة.
لم يخف على الباحث الحديث عن إيجابيات وسلبيات هذا العقد, فمن الإيجابيات حسب البحث توفير البنية الأساسية بموارد من القطاع الخاص بما له من مزايا تفوق ظروف القطاع العام وإجراءاته, وبذلك تتحقق عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية, وكذلك الانسجام مع الاتجاه العالمي الحالي من حيث التوسع في مشاركة القطاع الخاص في تقديم خدمات البنية الأساسية, إضافة إلى إيجاد وسيلة للحد من تزايد المديونية الخارجية وما تجره من مشكلات اقتصادية وأحياناً سياسية بما تفرضه الجهات الدائنة من متطلبات تكون أحياناً في غير صالح الدولة ثم إن هذه العقود وسيلة متاحة لمعالجة عجز الموازنة العامة، وما يستتبع من تضخم وآثار سلبية في صورة العجز الكلي على الاقتصاد القومي. وأما أبرز السلبيات فبحسب الدراسة هي كثيرة في تعدادها، لكنها مرهونة بحداثة التطبيق لهذا العقد، وعدم مواكبة التنظيم الحكومي له، وهي قابلة لإيجاد الحلول لها، وقد شرعت بعض الدول فعلاً بمعالجة تلك السلبيات, وأن أبرز هذه السلبيات قضية الأمن القومي بسبب سيطرة القطاع الخاص أو المستثمر الأجنبي على بعض المشاريع الاستراتيجية كالمطارات والطرق, إضافة إلى أن الفترة المحددة لمنح الالتزام أطول من اللازم حينما تحدد بـ 99 عاماً كما هو الغالب وهو أمر قابل للتعديل وكذلك إعداد العقود وهي حزمة من العفو ولمدة طويلة ولالتزامات متعددة، وتقوم على منع المنافسة بما يشبه الاحتكار أيضا فإن التكنولوجيا وهي متطورة ولا يمكن مواكبتها للعمر الطويل لهذه المشاريع, صلب البحث تحدث عن التخريج الفقهي لهذه العقود وتمييزها عما يشبهها، وقال الباحث إنه من الجدير بالتنويه أن هذه العقود سبق التطرق لتخريجها الفقهي منذ العقود الأولى (عهد التابعين)، وذلك ما جاء في مصنف ابن أبي الشيبة وعند المالكية, ونقل الباحث نقولات عنهم ثم ذكر تاريخ عرض هذا العقد وتخريجه في ندوات البركة، وأشار إلى أهم الفتاوى الصادرة بشأنه في تلك الندوات, وكانت الندوة الـ 13 للبركة قد تعرضت لهذا العقد بمناسبة البحث في (عقد الامتياز والتكييف الشرعي)، وأشارت الدراسة إلى أنه صدر عن المجلس الشرعي لهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية قرار بشأن الاستصناع والاستصناع الموازي، وقد جاء فيها الحديث عن عقود البناء والتشغيل ثم ذكر البحث تخريجات أخرى لبعض الباحثين ومنها المصلحة المرسلة أو أنه عقد مستحدث أو عقد مركب يندرج في مشروعية أي عقد تتحقق فيه الضوابط الشرعية.
وتوصل البحث بعد ذكر الآراء الفقهية بشكل مفصل إلى أن هذا العقد أحد صور عقد الاستصناع أو المقاولة، وقد استوفى شروطهما، مع قبول المبدأ الشرعي الذي سبق تقريره في تكييف هذا العقد، وهو أن يكون الثمن استخدام المصنوع أو محل المقاولة قبل تسمية إلى المستصنع، وعليه فإن الحكم الشرعي لهذا العقد هو أنه مشروع، مجمع الفقه الإسلامي أصدر قراره بشأن عقود البناء والتشغيل, وفيما يلي نصه:إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي المنعقد في دورته الـ 19 في إمارة الشارقة (دولة الإمارات العربية المتحدة) من الأول إلى الخامس من جمادى الأولى 1430هـ، الموافق 26 إلى 30 نيسان (أبريل) 2009م.
بعد اطلاعه على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع تطبيق نظام البناء والتشغيل والإعادة B.O.T في تعمير الأوقاف والمرافق العامة، وبعد استماعه إلى المناقشات التي دارت حوله، قرر ما يأتي:
أولا: يقصد بعقد البناء والتشغيل والإعادة: اتفاق مالك أو من يمثله مع ممول (شركة المشروع) على إقامة منشأة وإدارتها، وقبض العائد منها، كاملاً أو حسب الاتفاق، خلال فترة متفق عليها بقصد استرداد رأس المال المستثمر مع تحقيق عائد معقول، ثم تسليم المنشأة صالحة للأداء المرجو منها.
ثانيا: عقد البناء والتشغيل والإعادة عقد مستحدث، فهو وإن شابه في بعض صوره التعاقدات وأدوات الاستثمار المعهودة فقها، فإنه ربما لا يتطابق مع أي منها.
ثالثا: يجوز الأخذ بعقد البناء والتشغيل والإعادة في تعمير الأوقاف والمرافق العامة.
ويوصي بما يلي: تكثيف البحث الفقهي حول جميع صور عقود البناء والتشغيل والإعادة بغرض ضبط أحكامها المختلفة وصياغتها في نصوص يسهل عند التفاوض والتحاكم الرجوع إليها والبناء عليها.
|
|
|
|