عيب.. في بيتنا إنفلونزا خنازير؟!
محمد الرشيدي
نحن مجتمع لا نتمتع بوعي ثقافي، رغم أننا الأكثر تطورا في مجال الإعلام بالمقارنة بمن حولنا، أغلبية البيوت السعودية تتزاحم فيها كمية القنوات الفضائية لدرجة أصبح من الممل للكثيرين وجود أكثر من خمس مئة قناة فضائية بل الأمر ممتع أكثر في البحث عن عدد اكبر وأقمار أكثر، وسائل الإعلام المقروءة السوق الرئيسي لها السوق السعودي، ورغم هذا الكم من التجاذب والتنافس الإعلامي إلا أن الكثيرين منا لازالوا بدون "وعي"!!.
"في بيتنا إنفلونزا خنازير" عنوان لتجربة لي شخصيا أنا وأبنائي تركي وبدر ودانة وفارس "الحمدلله على شفائنا"، عشنا لحظات مرتبكة أحيانا وعادية في أحيان أخرى ونحن نستضيف السيد "h1n1 " أو إنفلونزا الخنازير، فرغم كل الاحترازات المادية والمعنوية استطاع هذا الفايروس المرعب أن يتسلل وبقوة لأجسادنا، كمامات ومعقمات ومشروب اليانسون كل صباح ومساء لم تفلح في الزيارة الثقيلة لمرض العصر المرعب، لم تفلح نصائح اللاعب سامي الجابر وإعلاناته التلفزيونية التوعوية ولم تفلح وصفات أطباء الأعشاب وكل رسائل التحذيرات.
كل البرامج الفضائية وبرامج التوعية الإعلامية ركزت على الخطوط الأولى للوقاية، وتناست التوعية بعد الإصابة بهذا الفايروس، ركزنا للأسف على متابعة كم تعلن وزارة الصحة من ضحايا لهذا الوباء ولم نركز أو حتى نسمع عمن أصابهم المرض ومنّ الله عليهم بالشفاء، نحن مجتمع بلا تخطيط يواجه الأزمة، الرعب الذي أفرزته وسائل الإعلام عن هذا الوباء جعل مجرد التفكير فيه مرضا أكثر من الإصابة فيه.
المصيبة الأكبر والتي أتمنى أن تتم التوعية لها وبدرجة اكبر أن الكثير من الأسر والأشخاص يعتبرون تعرض أبنائهم لهذا المرض وكأنه "عار" في جبين هذه الأسر، كأن الأمر مرض معيب أو "فشل"، فأصبح الكتمان صفة الكثيرين والنتيجة للأسف الشديد تسببهم ودون أدنى مسؤولية في نقل هذا المرض للأطفال الأبرياء الآخرين في المدارس، لأن العيب الاجتماعي يجعل هؤلاء يصرون على عدم غياب أبنائهم رغم احتياجهم للراحة وعدم التصريح بما أصاب أبناءهم وهذا الأمر محرم من جميع النواحي ودليل على العقلية المنغلقة للكثيرين رغم شهاداتهم ومناصب أغلبهم الرفيعة!.
الأمر جد عادٍ أن تصاب بأنفلونزا الخنازير، الأمر ليس بالتهويل الكبير الذي يشتعل إعلاميا وفضائيا حولنا، بالرعاية والاهتمام داخل محيط المنزل تستطيع أن تجعل هذا المرض بإذن الله مرضا عاديا ولا يستدعيك للتفكير الطويل وسماع البرامج المتنوعة ومتابعة أحداث الانترنت، فكما يقول لي احد الأطباء إن تفشي هذا الوباء كبير لدينا ولكن الكل يكتم هذا الأمر وكأنه عيب اجتماعي.
سير الحياة داخل المنزل وأنت تستضيف أنفلونزا الخنازير "غصبا عنك" أمر فيه الكثير من المواقف الطريفة والمزعجة، من الطريف أن ينقسم المنزل لمعسكرين، معسكر معهم الأنفلونزا ومعسكر يخدمك وحفظه الله من الإصابة بقيادة أم تركي، كمامات بالكراتين ومعقمات تتوزع بكافة الزوايا، وإعلان حالة طوارئ، في بيتنا إنفلونزا خنازير مسرحية أو مشهد تمثيلي في الإيقاع الكوميدي عال جدا ونحن مجتمع لم نتعود على هذه الأمور، الله لايريكم مكروها ولكن اطمئنوا ولا تقلقوا من هذا الوباء.