[صقر قريش]

د.عائض القرني مقالات د.عائض القرني مقالات د.عائض القرني مقالات د.عائض القرني مقالات د.عائض القرني مقالات

بدون قياس



الجمعة, 6 نوفمبر 2009

د.عائض القرني

الخمول والدعة، والاستكانة للجهل، والرضا بالذل، والقعود عن مراتب النبل، كلها بنات لسقوط الهمة، ورذالة النفس، وخمود الخاطر، وهذه صلة نسب ويلحقها بالرضاعة: ضياع الوقت، وتشتت الهمم، وتمزّق الوقت.
لقد طالعت سير أهل الهمم فإذا هم في حلبة سباق كالخيّالة.
هذا أندلسي يكرر صحيح البخاري سبعمئة مرة، وهذا المزني يقرأ الرسالة للشافعي خمسمئة مرة، وابن إدريس يختم القرآن في زاوية بيته أربعة آلاف مرة، وابن حجر يؤلف فتح الباري فيعجز كثير من العلماء عن مجرد قراءته، وقسمت كتب ابن جرير الطبري على عدد أيام عمره فصار لكل يوم كراسة من التأليف، وابن سينا يكتب كل يوم مذكرة؛ ولو كان في السفر، وابن عقيل الحنبلي يؤلف أكثر من ألف مصنف، وابن الأنباري يحفظ مئة وعشرين ألف بيت في شواهد اللغة، أفسحر هذا أم أنتم لا تبصرون؟!
ولا تستبعد هذا، ولا تستنكره؛ لأنك تقيس على نفسك، فيا بعد ما بين المشرقين: (بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه).
سافر أحمد آلاف الفراسخ في طلب الحديث، وعمل في حصاد الزرع لطلب النفقة، وحمل المحبرة وهو في السبعين، وجلد من أجل السُّنة، حتى بقيت في ظهره آيات للسائلين، وكان الشافعي يسهر الليل حتى الفجر في حديث واحد، ومسألة واحدة، فيأتي بالعجب العجاب، ليله إما تلاوة، أو صلاة، أو مذاكرة: (كمثل جنّة بربوة أصابها وابل فآتت أكلها ضعفين فإن لم يصبها وابل فطل).
بيّض البخاري صحيحه في ستَّ عشرة سنة، يصلي مع كل حديث ركعتين، ويستخير الله، فصار صحيحه مضرب الأمثال، ومحط الرحال، ومقصد الرجال، ومنتهى الآمال.
هكذا هكذا وإلا فلا لا
اسْحقِ الهول والردى والجبالا