رد: أخــبـــار ومنــوعـات الاحد 27 ذو القعدة 1430هـ
خرافات أوروبية!
تركي الدخيل
هل الخرافات مقتصرة على أمة دون أخرى؟! هل هي حكر على عالمنا العربي والإسلامي؟! أم أنها ترتبط بكل مجتمع، وأن كل مجتمع ينتج خرافاته وأوهامه؟
بمطالعة كتاب "معجم الخرافات والمعتقدات الشعبية في أوروبا" الذي ألفه: بيار كانافاجيو، نقرأ أن أوروبا كغيرها من بلدان العالم مليئة بالخرافات. صحيح أن أوروبا لا تسمح بتحول الخرافات إلى طريقة للتعبد أو وسيلة للتحايل على القانون، أو لغش المجتمع، واللعب على أوتار ضعفه، لكنها خرافات تسكن الأفراد تحديداً. يكتب المؤلف: "لماذا رسم ميشال أنج صورة موسى عليه السلام وعلى جبينه قرنان؟ ولماذا أرجأ بونابرت انقلاب بريمار الذي كان مقرراً يوم الجمعة إلى يوم السبت؟ ولماذا يخشى النمساويون الإشارة إلى قوس قزح؟ ولماذا تتجنب بعض الفتيات الأوروبيات المرور بين شجرتي تين؟ ولماذا تنزع خصلة من ذنب البقرة قبل بيعها؟ ولماذا يطلق على الهر الأسود اسم الشيطان الفضي؟ ولماذا يرسم الصليب فوق موقد المنزل، ولماذا عد الرقم 7 سحرياً؟".
كل تلك الأسئلة يطرحها المؤلف لتشويق قارئه إلى المعجم المتضمن خرافات أوروبا، ويشير إلى أن تلك مجرد أمثلة للحماقات التي تؤلف نسيج الحياة الأوروبية اليومية، ويخصّ فرنسا بانتشار بعضها، على الرغم من كون العلمانية في فرنسا داخلة في صلب المجتمع إلى العظم، ومع ذلك يبقى الكائن الفرد مهما بلغ تحضره وتنوره تجتاحه بعض الأوهام ويطرب للخرافات، خاصةً إذا كان بعيداً عن التثقيف الذاتي، فبالثقافة وحدها يطهّر الإنسان نفسه من لغط الخرافات ويحصّنها من اجتياح الأوهام.
قلت: وأوروبا هي بلد النور والاستنارة، ولا شك أن الأوروبيين هم أكثر الناس حضارة، لكن طرحي لهذا الكتاب لأدلل أن الخرافات لا ترتبط بالتخلف أو التقدم وإنما تتصل أكثر فأكثر بالتجمعات البشرية والتربية الذاتية. نحن مثلاً نشأنا ونحن نسمع عن "حصان القايلة، والمقرصة الحامية، وأم العنزين، والسعلو" ووغيرها من الهلاميات والأشباح التي لم نجد لها أثراً، ولكل فترة خرافاتها، وأشباحها، ولكل مجتمع معجمه الخرافي.
|