[صقر قريش]

عبدالله ناصر الفوزان

من حفر الخنادق وخزَّن الأسلحة في جبل الدخان..؟

بثت قناة العربية في الأسبوع الماضي خبراً لافتاً نسبته – على ما أذكر – لمصدر سعودي، قالت فيه ما معناه إن الحوثيين ظلوا شهرين يستعدون ويحضرون لهجومهم على جبل الدخان، فقد حفروا خنادق فيه، وخزنوا فيها الأسلحة، وأرتنا القناة – بطريقتها الخاصة – صوراً لنماذج من الخنادق ولعملية قصفها من الجيش السعودي.
هذا الخبر بصراحة كان لافتاً ويثير الاستغراب الشديد… لماذا…؟؟ لأنه من المعروف أن حركة الحوثيين – كما رددت المصادر كثيرا – أنشأها الحوثي الأب (بدرالدين) بعد ذهابه لإيران ومكوثه هناك فترة طويلة من الوقت، والمفروض أن نهتم ابتداء بتلك الحركة منذ قيامها لعلاقتها المشبوهة بالنظام الإيراني، وأن نتابعها، وأن تكون تحت نظر وسمع أجهزتنا الاستخبارية.. هذا أولاً.. أما ثانياً فإنها قامت في منطقة صعدة الملاصقة تماما لنا… وبالتحديد لجبل الدخان… والمفروض لهذا أن نراقب حركاتها وسكناتها، وأن نكون قادرين على ذلك… أما ثالثاً فإنها قد أشعلت وفي منطقتها الملاصقة لنا حروباً عديدة مع الجيش اليمني… ومن البديهي أن نكون متابعين لتلك الحروب المجاورة لنا… أي المجاورة لجبل الدخان… ومستعدين لكل الاحتمالات… ومن أبسط تلك الاستعدادات مراقبة ميدان الحرب… أما حراسة أراضينا ومنها جبل الدخان، فهذا أمر مفروغ منه… فكيف في ظل هذه الحقائق وتلك الافتراضات والبدهيات قام الحوثيون خلال أيام متتابعة استمرت لشهرين بتنفيذ هذا التسلل المتكرر اليومي للجبل، وكيف استطاعوا حفر الخنادق فيه بكل ما يتطلبه الحفر من آليات وآثار، وكيف قاموا بنقل الأسلحة وتخزينها فيها… وأين نحن من كل ذلك…؟؟
لقد ظللت أياماً بعد سماعي الخبر أتأمل فيما حصل وأتساءل عن أسبابه… ومازلت أفعل ذلك دون أن أجد تبريراً مقنعاً… والذي يضاعف تساؤلاتي أن منطقتنا الجنوبية ليست منطقة جديدة على الأحداث… وليست خالية من مظاهر الاستعداد… والمنطقة نظراً لأهميتها بها قاعدة عسكرية من أقدم قواعدنا وأهمها وأكبرها، والمفروض أن ما ينقص جهاز خفر السواحل تكمله تلك القاعدة.. أي أن المفروض أن من أبسط واجبات تلك القاعدة مساعدة خفر السواحل في مراقبة حدودنا، بل وما يجاور حدودنا… أي ليس فقط مراقبة جبل الدخان، بل وما يجاوز جبل الدخان… فكيف حصل كل ما حصل…؟؟
إن من واجبات المواطن الرئيسية في أوقات الشدة أن يتآزر مع أجهزة وطنه العسكرية، ويتعاون معها، ويشد من أزرها مادياً ومعنوياً، ومن واجبات الأجهزة العسكريـة الرئيسية أيضاً أن تضع المواطن في صورة ما يحدث خاصة عندما تبث أخباراً قد تعطيه بعض الانطباعات غير الحسنة عن مستوى الاستعداد والأداء. ولهذا فالمفروض في رأيي أن تبادر الأجهزة العسكرية لنفي تلك الأخبار إن كانت غير صحيحة، وتصحيحها إن كانت غير دقيقة، وإن كانت صحيحة فالمفروض أن يتم إيضاح ما حصل، فقد تكون الصور السيئة تخفي تحتها صوراً جميلة، كأن يكون هناك أهداف بعيدة، وقد يكون العكس هو الصحيح فتكون تلك الصور السيئة تخفي تحتها صوراً أسوأ منها، والافتراضات عديدة… فما حقيقة ما حصل يا ترى…؟؟ من حفر الخنادق وخبأ الأسلحة في جبل الدخان…؟؟