الوطن:السبت 4-12-1430هـ العدد:3340
صمت المدارس عما يدور حول حدودنا الجنوبية الغربية
الدكتور عبدالرحمن عبدالله الواصل ـ عنيزة
الأم هي معلم الوطنية الأول عنوان مقالة للكاتبة الأستاذة أمل زاهد في "الوطن" بالعدد 3332 أشارت فيها لمواقف وطنية لأم الشهيد محمد فايع جابر عسيري في حربنا مع الحوثيين، ولأمهات شهداء المقاومة الفلسطينية، واختتمتْ مقالتها متعجبةً بقولها: "رغم ذلك تصر وزارة التربية والتعليم في المملكة على أن الوطنية حكر على الرجال، فمادة التربية الوطنية لا تدرس إلا للطلاب فقط"، أقول لها: وبالرغم من هذا وبعد ستة عشر عاماً من تدريس التربية الوطنية في مدارسنا لطلابنا فإنها لم تحفزهم ولا معلميهم بأن يعكسوها أثراً تربوياً في إذاعاتهم المدرسية بمواقف وطنية اعتزازاً ببطولات الجيش العربي السعودي في عملياته لحماية حدودنا الجنوبية من متسللي الحوثيين وفي تطهير جبالنا وقرانا الحدودية منهم، ودعماً معنوياً لهم، ونقلاً لأخبار ساحات البطولة والمجد . أزعجتني حالة الصمت لمدارسنا الثانوية والمتوسطة في محافظة عنيزة تبينتها من خلال زياراتي الإشرافية لبعضها واستطلاع ذلك من زملائي المشرفين التربويين لمعظمها خلال الأسبوع المنصرم، فهل هذا الصمت مقصودٌ يعكس موقفاً أيديولوجياً وفكرياً موجهاً، أم إنه يعكس درجة متدنية من الوعي الوطني في مدارسنا؟ أم إن الحديث عن الحدث يتطلب إذن الإدارة التعليمية وتوجيهاتها والتي لم تصل بعد إلى المدارس وقد أقفلت أبوابها مع بدء إجازة عيد الأضحى، برر بعض مديري المدارس صمتهم هذا بهذا . اتسع التعجب والاستغراب لدي، وامتد الإحباط في نفسي ليشمل هذا الجانب من جوانب التربية والتعليم في مدارسنا بزيارتي لثانوية عنيزة العامة، المدرسة التي أمضيت فيها سنواتٍ معلماً فتذكرت ما كان يلامس أسماعنا من إذاعتها المدرسية في اصطفاف طلابها الصباحي من أناشيد وبرامج وخطب داعمة لما كانوا يسمونه آنذاك جهاداً في أفغانستان وفي البوسنة والهرسك والشيشان وغيرها، وبما كانوا يتنادون فيها لامتصاص الدعم المادي للمجاهدين ويحثون بعضهم البعض على المشاركة الفعلية فيها، فكثيراً ما سمعت من بعض معلميها آنذاك هذا من خلال مشاركات لطلابهم، بل وكم لقيت من العناء والمضايقة لموقفي المختلف معهم في هذا، والذي يترجم أحياناً بطروحات وتعليقات من خلال هذا المنبر للإذاعة المدرسية، زيارتي هذه لثانوية عنيزة العامة أعادتني إلى ذكرياتي فيها فيما قبل سبعة عشر عاماً فتحركت نحو إذاعتها مستأذناً بتعليق على ما سمعته باعتباري الآن مشرفاً منسقاً لهذه المدرسة ومشرفاً تربوياً زائراً لزملائي في التخصص فانتقدت هذا الصمت عما يدور حول حدودنا الجنوبية الغربية من محاولات تسلل وإخلال بالأمن وتهريب للأسلحة والمخدرات . لن يجد المراقب لهذا الصمت العام لكل مدارس محافظة عنيزة معلمين وطلاباً في إذاعاتهم الصباحية، وفي لقاءات التوعية الإسلامية التي تنعقد في معظمها أسبوعياً، إلا أن يستنتج أن هناك تخطيطاً لتجاهل ذلك، فمن الذي كان له التأثير في ذلك؟ بل حتى اللقاءات التربوية وآخرها لقاء مدير التعليم بالمشرفين التربويين التي تنعقد لتجمع العشرات ممن يحلو لهم أن يسموا بالقيادات التربوية لا تستهل بما يشير إلى التفاعل مع مجريات الأحداث إشارة وإشادة ودعماً ودعاءً لأولئك الأشاوس في الجبهة، فيا أيها التربويون في مدارسنا وفي إداراتنا التعليمية بلادنا تتعرض لعدوان على أمنها وعلى عقيدتها وعلى حدودها، فإذا لم يسمع طلابكم منكم ما يعبر عن وطنية حقة ويقارنوه بما كانوا يسمعون منكم عما يسمى جهاداً في بلادٍ أخرى سينشؤون على توجهاتكم هذه بتجاهل الوطن أمناً وحدوداً إن لم يجدوا في ذلك توجيهاً عكسياً، ولذلك ستزيد تلك الفئة التي قال عنهم الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي: إنهم مواطنون وخليجيون في الكويت والبحرين يدعمون الحوثيين بالمال وبالتعاطف، بل سيوجد عملاء يسهلون عمليات تسلل الحوثيين وتهريبهم السلاح وتخريبهم الوطن، عملاء يتجسسون لصالح أعداء الوطن، فكيف بعد هذا يحق للوطن أن يستنكر مواقف الإخوان المسلمين بقياداتهم التي تعد رسائل لأتباعهم في بلادنا مقيمين ومواطنين، وموقف حزب الله اللبناني بزعاماته ومواقف إيران بدعمها، إذاً فنظامنا التعليمي يعكس فشلاً تربوياً يضاف على فشله التعليمي .