مشرف الأقسام التعليمية
|
رد: الملف الصحفي للتربية ليوم الاربعاء 08-12-1430هــ
صحيفة اليوم :الأربعاء 8 ذو الحجة 1430هـ العدد13312
مأزق القيادات التربوية!
خالد عبدالعزيز السعد
التربية والتعليم من قضايانا المهمة والأساسية, وهي تراث مؤلم من المأساة, والهزيمة, والانقذاف إلى ما وراء الضوابط طفحت بكل الأورام والعقم, والتوهان, وضياع الاتجاه, وخوف يمضغ الروح على مستقبل اجيالنا القادمة من الخراب الذي أصاب كل مفاصلها, وجعلها بعيدة عن علوم العصر وثورته المعرفية والتقنية والمعلوماتية, بالاضافة الى فقر الدم الذي اصابها في العلوم الإنسانية, سواء اللغة العربية أو الاجتماعيات أو حتى السلوك الرفيع الذي يتواصل مع الواقع ومعطياته فصارت العملية التعليمية محدودة بقضبان سجن الطالب وسجن البيئة المدرسية, وسجن المنهج, وسجن القيادة التي لا تخفي بلاهتها وغباءها, وانحرافها عن الضمير التربوي التعليمي, والزمن يمر ويقضم أعمار ابنائنا وبناتنا ويلقيهم الى حدود التبعثر والتخلف, والاستنساخ كما القوالب التي تتشابه في العرض والطول والارتفاع, وكان الفيروس المخيف الذي ضرب معنى التعلم والتعليم هو التسييس المتعمد للعملية التعليمية من قبل الاحزاب الدينية, وقلب المناهج في مزاد احتكار الرأي, وتسويق الآراء المدفونة منذ ما يزيد عن عشرة قرون تتحول العقول في حالة سفر سديم من عذاب ونكوص, وامتهان, وإعياء التخلف واستشراء الفساد الاداري, وانسداد قنوات التطوير, والتحديث, وضيعوا العقول المتعطشة للابداع, والعلم بتفاهات الماضي الذي مات, وتبدد في جثث السنين وركبت في السلم التعليمي بعض القيادات المنافقة والوصولية, والجاهلة إلا من التمسح باكتاف القيادات العليا, فوصلت إلى مراكز القيادة, والقرار والفعل وقيادات موالية وفق الولاء, وبلا معايير علمية, ولا ضوابط تؤهلها لاداء هذه المهمة النبيلة, والسامية, فتوالت الاخفاقات والذبول, والجدب والثرثرة المسبحة بحمد الواقع, وسادت ملينات الضمائر حتى انطفأ النور في العيون.
وقد اثبتت السنون, والتجربة مدى التحايل والتمويه, والتسلق حتى رأينا سقوطها وانفصالها عن الحياة التربوية والتعليمية, وأثبتت عقمها, وإدارتها المهترئة, وفراغ جماجمها, بل صارت سلاحا هادماً, وفاتكا لبذر آفاق, وامراض خبيثة في الجسم التربوي التعليمي كالطائفية, والقبلية, والعنصرية, والوصولية بأي ثمن رخيص, جعلها أكثر بشاعة في تدمير العناصر الشابة, والقيادات الواعدة لانها احتلت مكانا ليس بمكانها, وللأسف فإن القيادات تستمرئ هذا التردي, أو هي على الأقل لا تكترث فيه في غياب المساءلة والمراقبة وانعدامها أصلا, فصار الكل يتدثر بعباءة الآخر, ولا يهمه إلا ما يستحلبه من الامتيازات, والسفرات, واللجان التي تدر عليه أكثر من راتبه الحقيقي.
إن غالبية القيادات التربوية الفاشلة هي التي تركت هذا الإرث المخيف, والمروع من التخلف والتكرار والتلقين, والمناهج المتعفنة ليتجرعها ابناؤنا وبناتنا تحت جدران الإحباط, والفصول المملوءة بالاعداد والفصول المضافة, والشاليهات المشوهة للبيئة المدرسية, وانعدام المعلم القادر والمتمكن من علمه, ومادته الدراسية إلا استثناءات لا تستطيع أن تخترق التمزق والتناقض, والحرمان, والضياع عن طريق العلم الحديث الذي يمر بأعظم ثورة علمية وتقنية بينما غالبية تلك القيادات التربوية والتعليمية تحدق في المجهول, وتمضي إلى ظلام الندوات, وتوزع شهادات التفوق والانتصارات, وتشيد بخطى المؤتمرات والسفرات التي تملأ الجيوب بالشيكات ذات العرض, والطول وترقص على انغام الاستراتيجيات الممتدة الى عام 2025 بينما الحقيقة, والواقع انها لا تملك استراتيجية لستة اشهر على الأقل.. فكفانا نفاقاً, وتزويراً للحقائق الدامغة والتي يعيشها الأبناء, والآباء كل يوم, فنحن لا ننسج من الخيال, وليس لنا من هدف إلا إصلاح اخطر مؤسسة تبني الأوطان, وهي التعليم, وعطب التعليم كما السمكة يبدأ من الرأس ثم ينتشر إلى باقي جسمها, واوصالها.
فالتغيير والإصلاح لا يحدثه إلا أولئك النوع من القادة الذين يحددون موقفهم تجاه الآخرين, ويبادر بالوقوف أمام كل تيار مناف للصدق الاخلاقي حتى وان جرد من كل نياشينه التي حصل عليها بالمجاملة, والديبلوماسية وحتى النفاق أحيانا.. ولنا لقاء.
|