وقال أبو سليمان من القضايا المهمة سفر المرأة لأداء فريضة الحج والحديث (لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم والآخر أن تسافر إلا مع ذي محرم أو زوج) ولذلك شدد الفقهاء على أن تحج المرأة بمحرم وكل ذلك من أجل ضمان الأمان لها ولكن كما تعلمون أن الفقه الإسلامي فيه مدرستان واضحتان تماماً مدرسة ظاهرية تتبع النص يعني لا يمكن نتزحزح قال الحديث ذلك ، ومدرسة أخرى تذهب إلى المقاصد ، الفئة الثانية تقول المقصد هو شعور المرأة بطمأنينتها فمتى شعرت المرأة أنها تسافر حتى ولو كانت وحيدة أو كانت مع فئة النساء تشعر بالأمان والاطمئنان فلا مانع من سفرها سواءً كان الحج فرضاً أو حج تطوع هذا هو الأصل وكونها مع رفقة مأمونة هذا تبناه علماء وأئمة المذهب الشافعي أما المالكية فأمرهم واضح في ذلك أن الرفقة المأمونة تغني وتكفي عن الزوج والمحرم ،ولذلك الفقيه هنا يجب أن يتأمل ، المرأة تذهب من جدة إلى أمريكا ثم يقابلها زوجها دون أن تشكو إليه أنها تعرضت لكذا وكذا وفي داخل المملكة نفس العملية ، إذاً ما دام المرأة عفيفة وصَيِنة وتحافظ على شرفها فهي لو أحست بعدم الأمان لطلبت من الزوج أو من محرمها أن يذهب معها ، إذاً لابد أن يعيش الفقيه عصره الحاضر ، أما إن بدأنا نجتر ونردد تلك الأمور سنجد فجوة كبيرة بين زماننا وبين ما نسميه شرعاً. وأضاف موضوع طواف الإفاضة للحائض هذه القضية تطلق كثيراً . الفقهاء سابقاً تكلموا عن المرأة إذا حبسها الحيض في كل مكان تكلم فيها المالكية والشافعية والحنابلة ولعل من تناولها تناولاً علمياً حديثاً بكل معاني هذه الكلمة ، العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى فقد ذكر الفرضيات التي تتعرض لها المرأة الحائض لو عرفت أن العادة تأتيها أيام الحج إما أن تترك الحج أو تأتي فإذا جاءتها العادة تسافر إلى بلدها وتظل محرمة إلى أن يأتي العام القادم وفي ذلك مشقة وهكذا وضع العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى فرضيات عديدة ولم يخلص منه إلا لديه أمرين ، الحل الأول قال إن تستنيب أو أن تهجم على البيت ، لأن المرأة التي جاءتها العادة لا تدخل المسجد ، ولكن لا واجب مع ضرورة هذا هنا وقعت في ضرورة والضرورة تسقط أحياناً الواجب والشرط ولذلك قال أنا لا أرى إلا أحد حلين ، الأول أن تستنيب وأعتذر عن هذا وقال الاستنابة لم أر أحداً قال بذلك ، والرأي الفقهي قال مثلها مثل المعضوب وهو الإنسان العاجز الذي أصابه المرض فإنه يسقط عنه بعض الواجبات لكن قال المعضوب لابد أن يقضي وهذه تريد العودة لبلادها ورجوعها مرةً أخرى لا يمكن أن تستنيب ، ولا يمكن أن أقيس المرأة الحائض بالمعضوب لأن المعضوب عليه أن يؤدي إذا سلم ، وهذه ستطهر ، والحل الأخير قال أن تطوف بعادتها لأنه لا واجب مع الضرورة ، والضرورة تسقط ذلك ، وأنا فكرت في حلول أخرى الآن هناك أدوية يمكن تناولها وقد كان هذا قديماً وأجازه العلماء ، والحل الشرعي إما أن تتناول الدواء وإما أن تطوف.
وتحدث أبو سليمان عن قضية الإحرام من محافظة جدة وقال الحديث معروف عن المواقيت المكانية وهي ذو الحليفة ،الجحفة ،يلملم، وذات عرق، وقرن المنازل، هنّ لهنّ ولمن مرّ عليهنّ من غير أهلهنّ ، ولذلك العلماء أوجبوا عند المحاذات هذا إذا كان في البر فما بالك إذا كان في البحر وفي الجو ، أما موضوع البحر فلدينا فتاوى تعود إلى القرن الخامس الإمام سند ابن عنان الأزدي المالكي المصري قال إذا وصل على البر أحرم ، لأن في ذلك الوقت لم يكن سوى البواخر، والبواخر الشراعية وقال أخشى عليه الهلاك والمشقة والتعب لو أحرم في الباخرة وهبت الأعاصير فعند إذٍ يحرم من البر هذا كلام الإمام سند ، بعد ذلك في القرن الثالث عشر الماضى أثار هذا الموضوع في تأليف مستقل عالم حنفي مكي اسمه الشيخ جعفر ابن أبي بكر اللبني من كبار علماء مكة الأحناف ألف كتاب (دفع الشدّة في جواز تأخير الإحرام إلى جدة) فأجاز الإحرام من جدة وذكر تعليلات ، ولذلك لا حرج على القادم بالطائرة إلى الحرمين الشريفين ونيته أن يؤدي النسك أن يُحرم من جدة ،هذا رأي الفقهاء.
وتناول أبو سليمان قضية الرمي قبل الزوال فقال لو استعملنا الفقه الإسلامى بمرونة وبسعة فقه ما وقعنا في كثير من هذه المصائب صحيح رأي الجمهور أن الرمي بعد الزوال لكن هناك علماء وفقهاء ومذاهب علمية فقهية معتبرة ترى جواز الرمي قبل الزوال من بعد الفجر ، بل الإمام جعفر الصادق من كبار الأئمة وله مذهب الزيدية إلى جانب بعض من علماء الحنابلة والشافعية من يتبنى هذا وهو جواز الرمي قبل الزوال بل إن في العصر الحديث الشيخ عبدالله زيد آل محمود رحمه الله تعالى ، أوجد أدلة حديثة لم يسبق بها إلى جواز الرمي قبل الزوال ، وكون الرسول عليه الصلاة والسلام والصحابة كانوا حريصين على أن يكون الرّمي بعد الزوال لا يمنع ذلك أن يكون قبل الزوال ، ثم لا يوجد حديث أو نص صحيح صريح بوجوب الرمي بعد الزوال ، رأي الجمهور الرمي منع رمي الجمرات قبل زوال ، وهذا الذي عليه المذاهب الأربعة ولكن في المقابل علماء وفقهاء وفي مقدمتهم الإمام جعفر الصادق وبعض المذاهب وبعض فقهاء المذاهب الكبار في المذاهب الأربعة يقولون بجواز رمي الجمرات قبل الزوال أما في الفقه المعاصر، عندما حدثت الأحداث ستجد أنه شبه إجماع على جواز الرمي قبل الزوال .
وقال الدكتور ابو سليمان أما قضية المبيت بمنى كانت منى قبل هذه الأيام نحن المكّيين في أي مكان نضع خيامنا ونأخذ المساحات الواسعة والشاسعة حتى من لم يحج يذهب للتنزه بين الحجاج ويقضي ليالي سمر العيد هناك على أجمل حال أما اليوم فلا يجد له مكاناً حتى الذي يقوم بالواجب ، المبيت بمنى في المذاهب الفقهية معروف أنه واجب تركه يوجب الدم ما عدا مذهب الحنفية فيقولون إن المبيت سنة هذا الفقه القديم ، والفتوى المعاصرة الحقيقة أن المفتي العام للمملكة العربية السعودية الشيخ عبدالعزيز بن باز (رحمة الله عليه) أفتى بجواز المبيت خارج منى لمن لا يجد له مكاناً بمنى ، ولذلك يصح للحاج أن يستعمل هذه الفتوى بدلاً من الافتراش ومضايقة الحجيج .