الجزيرة:الثلاثاء 21 ذو الحجة 1430هـ العدد:13585
المدارس الأهلية . . الواقع والتطلع
منصور بن صالح اليوسف
لقد أولت المملكة العربية السعودية اهتماماً منقطع النظير بالتعليم منذ تأسيسها على يد الملك عبدالعزيز يرحمه الله حتى وقتنا الحاضر . ويأتي غهتمام الدولة رعاها الله انطلاقاً من رؤيتها الثاقبة بأن الاستثمار الأمثل إنما يكون موجهاً إلى الفرد عن طريق تعليمه وتدريبه وتطوير قدراته ومهاراته ليكون عضواً فاعلاً ومؤثراً في مسيرة التنمية التي تعم أرجاء هذه البلاد . ومن أجل ذلك فقد قامت بإنشاء عدد كبير من المدارس والمنشآت التعليمية الأخرى والتي تربو على ثلاثين ألف منشأة في جميع المراحل الدراسية وفي جميع أنحاء البلاد . وانطلاقاً من سياسة الدولة في إعطاء القطاع الخاص فرصة في المشاركة في قطاع التعليم فقد تم افتتاح عدد كبير من المدارس الأهلية في جميع مناطق المملكة . وقد شملت هذه المدارس التعليم العام والجامعي على حد سواء . ولو ألقينا نظرة إلى هذه المنشآت لوجدنا أن بعض هذه المنشآت على مستوى عال من الجودة والكفاءة من حيث المباني والتجهيزات والمعامل والخدمات . أما الأساتذة فتختار منهم الأفضل وتدفع لهم الرواتب المجزية بالإضافة إلى الحوافز التشجيعية المناسبة . كما تنتهج أسلوب الجودة الشاملة في جميع مخرجاتها التعليمية والخدمية . أما البعض الآخر منها فهي ليست على مستوى جيد من الجودة والكفاءة حيث المباني مستأجرة وقديمة وليست معدة أصلاً للتعليم ولا تتوفر بها التجهيزات والمعامل والخدمات بشكل مقبول . أما رواتب المدرسين فهي متدنية وتقع في حدود راتب سائق أو شغالة مع إضافة قيمة التأشيرة والتذكرة . وفي المتوسط فإن الرواتب تقع ما بين ألف وخمسمائة وألفي ريال . ومع تدني أجور المدرسين إلا أنها تكلفهم بأنصبة عالية تصل إلى ثمان وعشرين حصة في الأسبوع بالإضافة إلى أنشطة تعليمية أخرى . وبالمقابل فإنها تستأثر بنصيب الأسد من الأرباح ولا تبذل منها للعملية التعليمية إلى النذر اليسير . إن مفهوم المدارس الأهلية عالمياً يعني أن هذه المدارس على درجة عالية من الجودة والكفاءة من حيث البيئة الداخلية، حيث تتوفر بها جميع المستلزمات التعليمية والتربوية والخدمية . كما تهتم هذه المدارس باللغات الأجنبية والتقنية الحديثة والأساليب التربوية . أما المدرسون في المدارس الأهلية فعادة ما يكونون من أصحاب الكفاءات والخبرات المرموقة . كما ويحصلون على رواتب مجزية ومحفزات تشجيعية عالية . وتجدر الإشارة إلى أن مفهوم المدارس الأهلية يعني أن هذه المدارس تتفوق على غيرها من حيث الكفاءة والمستلزامات . ولا شك أن المملكة تمر في الوقت الراهن بمرحلة غير مسبوقة من حيث التطوير والتحديث وسن الأنظمة واللوائح . لذا أعتقد أنه من المناسب إجراء دراسة شاملة عن أوضاع المدارس الأهلية ووضع شروط محددة للمباني والتجهيزات والرواتب للرفع من مستوى هذه المدارس . وبالتالي صقل قدرات ومهارات الأجيال القادمة . إن مرحلة البدء والتأسيس لمفهوم المدارس الأهلية قد حقق الهدف ويفترض أن نبدأ مرحلة التحول والنضج بهذا القطاع الحيوي ليكون داعماً أساسياً لمجهودات التنمية في هذه البلاد .
عضو هيئة التدريب بمعهد الإدارة
عكاظ : الثلاثاء 21-12-1430هـ العدد : 3096
خصخصة التعليم
عيسى الحليان
ذهب آدم سميث في أواخر القرن الثامن عشر إلى أن المهارات التي يكتسبها الفرد من التعليم تسهم في رفع مستوى الدخل، وأن المهارة العالية تسهل العمل، وتختصر عدد العمالة، وتحقق عائدا مرتفعا في نهاية المطاف رغم تكلفة الشراء . ولذلك فقد شاعت عملية الخصخصة في قطاع التعليم على مستوى العالم، وهو ما أدى إلى زيادة فعالية التكلفة التعليمية، ورفع مستوى الإنتاجية، وتحقيق رفاهية المجتمع في نهاية المطاف . وتعمل الخصخصة على أن يكون التعليم مجديا اقتصاديا، وهو ما يسمى لدى الاقتصاديين بمفهوم الكفاءة الاقتصادية؛ أي تحديد الحد الأعلى للمخرجات بقدر معين من المدخلات . لكن الكفة الأخرى لميزان التعليم تمثلها العدالة في توفير الفرص في التعليم باعتباره مبدأ أخلاقيا، فزيادة فرص التعليم العام تسهم في زيادة القوة البشرية القادرة على العمل والإنتاج . لذلك فإن كل النقاشات التي تدور حاليا حول خصخصة التعليم تتقاطع مع هذين المحورين، وتبتعد أو تقترب نقطة التقاطع في الخريطة التعليمية وفقا للسياسات العامة في البلاد . في اليابان مثلا، نجد بأنه يدرس في المؤسسات التعليمية الخاصة (75 في المائة) من طلاب الجامعات، و(90 في المائة) من طلاب الكليات المتوسطة، و(30 في المائة) من طلاب المدارس الثانوية، و(80 في المائة) من رياض الأطفال . لكن التعليم الخاص في المملكة لا يزال يحتل حيزا ضيقا من الحراك التعليمي، ولا يزال ينظر إليه على اعتباره تعليميا لا يعدو كونه ارستقراطيا وحسب . لذا فقد آن الأوان أن تأخذ عمليات تطوير التعليم الخصخصة بعين الاعتبار مع دعم الدولة وبالطريقة التي تصرفها على الطالب في المدرسة الحكومية وما زاد عن ذلك يدفعه الطالب ذاته .