الموضوع
:
بيان من أهل العلم من قبيلة غامد عن ما سطره المدعو : أحمد قاسم الغامدي
عرض مشاركة واحدة
رقم المشاركة : (
1
)
12-24-2009
اخ مشارك
عضو
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة :
5118
تـاريخ التسجيـل :
15-12-2009
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات :
17
آخــر تواجــــــــد :
()
عدد الـــنقــــــاط :
10
قوة التـرشيــــح :
رد: بيان من أهل العلم من قبيلة غامد عن ما سطره المدعو : أحمد قاسم الغامدي
رد: بيان من أهل العلم من قبيلة غامد عن ما سطره المدعو : أحمد قاسم الغامدي رد: بيان من أهل العلم من قبيلة غامد عن ما سطره المدعو : أحمد قاسم الغامدي رد: بيان من أهل العلم من قبيلة غامد عن ما سطره المدعو : أحمد قاسم الغامدي رد: بيان من أهل العلم من قبيلة غامد عن ما سطره المدعو : أحمد قاسم الغامدي رد: بيان من أهل العلم من قبيلة غامد عن ما سطره المدعو : أحمد قاسم الغامدي
الدليل الثاني عشر:
قال الغامدي: (
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن امرأة سوداء كانت تقم المسجد، ففقدها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسأل عنها بعد أيام، فقيل له: إنها ماتت، قال: «فهلا آذنتموني»، فأتى قبرها، فصلى عليها.
قلت: أخرجه البخاري ومسلم، وفيه مشروعية عمل المرأة في المسجد ونحوه
).
قلت: وهذا مجون، بل ضرب من الجنون! وما علاقة هذا بأصل المسألة، والمرأة السوداء كانت جارية، ويخصها من الحكم ما لا يشمل الحرائر، ولا يلزم من قمّها للمسجد أن يكون ذلك بمحضر الرجال ومشاهدتهم! فأين الدليل في هذا الحديث على مطلوبه؟!
وقد جاء في
"
الصحيحين
"
الشك في كون الذي يقم المسجد رجلاً أو امرأة، فإن كان رجلاً فلا إشكال، وإن كان امرأة
–
وهو الأقوى- فقد تقدم وجهه، وعدم ارتباطه بأصل المسألة.
ثم ليتأمل طالب الحق مبلغ الهوى في صنيع الغامدي، وكيف لم يذكر الشك الوارد في الرواية، والله المستعان.
الدليل الثالث عشر:
قال الغامدي: (
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: جاءت امرأة من الأنصار إلى النبي صلى الله عليه وسلم فخلا بها فقال: (والله إنكن لأحب الناس إلي).
قلت: أخرجه البخاري ومسلم، وقوله: (لأحب الناس إلي) يعني بذلك الأنصار، وقد بوب عليه البخاري - رحمه الله - بقوله: «باب ما يجوز أن يخلو الرجل بالمرأة عند الناس»، قال الحافظ ابن حجر: أي لا يخلو بها بحيث تحتجب أشخاصهما عنهم، بل بحيث لا يسمعون كلامهما إذا كان بما يخافت به، كالشيء الذي تستحي المرأة من ذكره بين الناس. وأخذ المصنف قوله في الترجمة «عند الناس» من قوله في بعض طرق الحديث «فخلا بها في بعض الطرق أو في بعض السكك» وهي الطرق المسلوكة التي لا تنفك عن مرور الناس غالبا.
وفيه جواز الاختلاط، وجواز الخلوة بالمرأة عند الناس، وكل خلوة تنتفي فيها التهمة لا يتحقق فيها النهي على الصحيح، وإنما المحرم منها ما تحققت فيه التهمة فقط.
)
قلت: والكلام على هذا من وجوه:
الوجه الأول: قال الله تعالى عن سبيل أهل الزيع:
(
وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ
) (النور:49) ففي كثير من المواطن السابقة لم ينقل الغامدي كلام الحافظ ابن حجر ولا غيره من العلماء عن تلك الأحاديث لأنها تخالف قوله! ولم ينقل من كلامه إلا ما توهم موافقته لهواه! وإلا فالحافظ ابن حجر قد ذكر في شرحه للحديث ما يقيد الأمر بالرسول صلى الله عليه وسلم بمن كمل صلاحه ولم يطلقه لعموم الناس كما صنع الغامدي، فقال الحافظ رحمه الله في "فتح الباري"(9 / 333): وفيه أن مفاوضة المرأة الأجنبية سرا لا يقدح في الدين عند أمن الفتنة،
ولكن الأمر كما قالت عائشة وأيكم يملك إربه كما كان صلى الله عليه و سلم يملك إربه
، انتهى.
فتأمل هذا.
روى الخرائطي في "مكارم الأخلاق" بإسناد فيه ضعف عن عمرو بن دينار عن موسى بن خلف: أن عمر بن الخطاب مر برجل يكلم امرأة على ظهر الطريق فعلاه بالدرة، فقال له الرجل: يا أمير المؤمنين إنها امرأتي، قال: فهلا حيث لا يراك الناس.
فما أحوج أرباب الاختلاط لدِرةٍ كدِرة عمر رضي الله عنه.
ثم هذا الحديث ينقض قوله ولا ينصره، ويبينه:
الوجه الثاني: وهو أنه لو جاز اختلاط المرأة بالرجال لما احتاجت إلى الانفراد بالنبي صلى الله عليه وسلم عن غيره من الناس، ولزاحمت الرجال وهمست في أذن الرسول صلى الله عليه وسلم بأمرها.
وجاء في رواية أنه صلى الله عليه وسلم قال: (
يا أم فلان اجلسي في أي نواحي السكك شئت أجلس إليك
) فلو جاز اختلاطها بالرجال لما تنحى بها في من الطريق إلى جنبات السكك.
والوجه الثالث: قول الغامدي: (
والمحرم منها ما تحققت فيه التهمة فقط
) قول فاسد، بل الأمر في هذا الظن معمول به فيه، سداً للذريعة، وحسماً لمادة الشر، وعامة الأمور المنهي عنه قبل الفعل على هذا الأصل في نظائر عدة من أبواب الشرع، إذا تبين هذا فربط الأمر (بتحقق التهمة) إنما جاء به لنفي التهمة عن كثير من صور الاختلاط الواقعة والمأمولة! بدعوى أن التهمة غير متحققة، وهذا من أخبث المكر وأفسده.
والنبي صلى الله عليه وسلم في القصة المذكورة لم يكن في خلوة مع المرأة، وكل خلوة محرمة سواء تحققت التهمة أم كانت ظنية، وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (
أَلا لا يَخْلُوَنَّ رجل بامرأة إِلا كانَ ثالثَهُمَا الشيطانُ
) رواه الترمذي وقال: حسن صحيح غريب.
الدليل الرابع
عشر:
قال الغامدي: (
وعن عائشة رضي الله عنها في قصة الإفك قالت: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من يعذرني من رجل بلغني أذاه في أهلي، فوالله ما علمت على أهلي إلا خيرا، وقد ذكروا رجلا ما علمت عليه إلا خيرا، وما كان يدخل على أهلي إلا معي... الحديث».
قلت: أخرجه البخاري، وفيه جواز الاختلاط، وجواز دخول الرجل على المرأة إذا كان زوجها معها
).
قلت: وهذا فاسد من وجوه:
الوجه الأول: أن هذا خارج عن موطن البحث، وليس هو من الاختلاط الذي يمنعه العلماء، لكمال حجاب عائشة رضي الله عنها، وارتفاع الخلوة.
الوجه الثاني: النقض عليه بكلام الحافظ ابن حجر –وهو ينقل رأيه فيما يوافق هواه ويهمله فيما لا يوافق هواه- حيث قال (9/286) رحمه الله تعالى عن معنى دخول صفوان رضي الله عنه: لا يلزم من الدخول رفع الحجاب فقد يدخل من الباب وتخاطبه من وراء الحجاب، انتهى.
الوجه الثالث: أن هذا ينقض أصله المزعوم، ويثبت أن الأصل منع الاختلاط، إذ لو كان أصله الجواز، لكان من كمال براءة عائشة وصدقها الإذن بدخوله عليها بدون محرم، فهي زوج النبي صلى الله عليه وسلم، وهو صاحبه عليهم رضوان الله، وهم أبعد الناس عن الريبة، ومع ذلك لم يكن هذا من شأنهم ولا من عاداتهم، مهما كان مبلغ الصلاح بين الطرفين.
الدليل الخامس عشر:
قال الغامدي: (
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص: أن نفرا من بني هاشم دخلوا على أسماء بنت عميس، فدخل أبو بكر الصديق، وهي تحته يومئذ، فرآهم، فكره ذلك، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: لم أر إلا خيرا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله قد برأها من ذلك). ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر، فقال: (لا يدخلن رجل بعد يومي هذا على مغيبة إلا ومعه رجل أو اثنان).
قلت: أخرجه مسلم والنسائي وابن حبان، وفيه جواز الاختلاط، كما يفيده الحديث، والمغيبة هي ذات الزوج التي غاب عنها زوجها
).
قلت: وهذا الاستدلال فاسد أيضاً لوجوه:
الوجه الأول: في الخبر دليل على أن الأصل منع الاختلاط، وذلك لكراهة أبي بكر الصديق لذلك، وإقرار النبي صلى الله عليه وسلم له، وإنما خفف عنه ببراءة أهله من الرذيلة.
الوجه الثاني: أن النبي أذن بدخول الرجل بيت من غاب زوجها مع رجلٍ أو اثنين، دفعاً للخلوة، ولا يلزم من ذلك كله حصول الاختلاط، إذ قد تقوم صاحبة البيت بخدمة الداخلين ومخاطبتهم من وراء حجاب، وبقدر الحاجة، فليست مطالب الرجال ذلك الحين، مجرد الدخول على النساء، وإنما مطلبهم الدخول لحاجة من طعام وشراب وضيافة ونحوه، وبيت أبي بكر الصديق من كرام بيوت الصحابة رضي الله عنهم، فإن كان كذلك، فالقصد ليس لقاء أهل أبي بكر، وإنما كسب ضيافتهم، والله أعلم
(
7).
ثم تأمل أخي القارئ الكريم تكرار قول الغامدي: (وفيه جواز الاختلاط) وكيف رجع إلى استخدام هذا اللفظ، مع قوله بأنه بدعة!
الدليل السادس عشر:
قال الغامدي: (
وعن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه سمعه يقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل على أم حرام بنت ملحان فتطعمه، وكانت أم حرام تحت عبادة بن الصامت، فدخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأطعمته، وجعلت تفلي رأسه، فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم استيقظ، وهو يضحك، قالت فقلت: وما يضحكك يا رسول الله؟ قال: «ناس من أمتي عرضوا علي غزاة في سبيل الله يركبون ثبج هذا البحر... الحديث».
قلت: أخرجه البخاري ومسلم، وفيه جواز دخول الرجل على المرأة في غير تهمة، وفيه جواز فلي المرأة رأس الرجل، ونحوه القص والحلق.
وقصة أم حرام هذه وقعت بعد نزول الحجاب، وبعد حجة الوداع كما حكاه ابن حجر في الفتح في شرح كتاب الاستئذان، وقد أشكل توجيهها على البعض فقال ابن عبدالبر: أظن أن أم حرام قد أرضعت النبي صلى الله عليه وسلم أو أختها أم سليم، فصارت كل منهما أمه أو خالته من الرضاعة.
قلت: لم يذكر ابن عبدالبر لذلك دليلا إلا قوله أظن، والظن لا يغني من الحق شيئا، وليس له في ذلك مستند يعتمد عليه، فإن أمهات النبي صلى الله عليه وسلم من الرضاع معلومات، ليس فيهن أحد من الأنصار البتة، وأم حرام من خؤولة النبي صلى الله عليه وسلم وهي خؤولة لا تثبت بها محرمية، فإنها من بني النجار، يجتمع نسبها مع أم عبدالمطلب جدة النبي صلى الله عليه وسلم في عامر بن غنم جدهما الأعلى.
فأم حرام بنت ملحان بن خالد بن زيد بن حرام بن جندب بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار.
وأم عبدالمطلب هي سلمى بنت عمرو بن زيد بن لبيد بن حراش بن عامر بن غنم المذكور.
أفاد ذلك ابن حجر نقلا عن الدمياطي (انظر فتح الباري 11/80، فإن الشرح هناك مستوفى).
ومن زعم أن ذلك من خصوصياته عليه السلام، فقد تحكم بغير برهان فإن الخصوصية حكم شرعي لا يثبت إلا بدليل، والأصل مشروعية التأسي بأفعاله صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة) وقال تعالى: (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله) ولا يترفع عن التأسي بأفعال المصطفى صلى الله عليه وسلم إلا متهوك ضال.
والصواب أن فلي المرأة رأس الرجل من الأمور الجائزة ونحوه القص والحلق، فالحديث يفيد جواز ه وجواز الاختلاط.
)
قلت: والكلام على هذا الدليل من وجوه:
الوجه الأول: أن هذا
–
رغم أنف الغامدي- متأول بأحد أمرين:
الأمر الأول: أن يكون من خصوصيات النبي صلى الله عليه وسلم كما تقدم نقله من كلام الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى، وجعل هذا من خصوصياته لم يكن بمحض التخرص بل بمسلك عظيم من مسالك الأدلة أعرض عنه الغامدي وهو (الجمع بين نصوص الشارع بما يوافق مقاصد الشريعة) فالأدلة على منع مباشرة المرأة لغير محرمها كثيرة مستفيضة، وهذا الخبر ونظائره ظاهره معارضة تلك الأخبار المشهورة من النهي عن مس المرأة، وشم طيبها، والنظر إليها، والخلوة بها، والخضوع بالقول لها، ونحو ذلك، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (
ألا لا يبيتن رجل عند امرأة إلا أن يكون ناكحا أو ذا محرم
) ونحو ذلك من الأحاديث.
فتحتم أن يحمل هذا على كونه من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم.
والأمر الثاني: أن تكون أم حرام من محارم النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا ليس ببعيد، وقد قال النووي في
"
شرح مسلم
"
(13/57): اتفق العلماء على أنها كانت محرما له.
فهذا يغنينا عن مشاغبة الغامدي وتضليله.
ونقل الحافظ ابن عبدالبر في "التمهيد" (1/226) عن يحيى بن إبراهيم بن مزين أنه قال: إنما استجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تفلي أم حرام رأسه لأنها كانت منه ذات محرم من قبل خالاته لأن أم عبد المطلب بن هاشم كانت من بني النجار.
ونقل عن يونس بن عبدالأعلى أنه قال: قال لنا ابن وهب: حرام إحدى خالات النبي صلى الله عليه وسلم من الرضاعة فلهذا كان يقيل عندها وينام في حجرها وتفلي رأسه.
ولهذا قال الحافظ ابن عبدالبر قبل ذلك: وأظنها أرضعت رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أم سليم أرضعت رسول الله صلى الله عليه وسلم فحصلت أم حرام خالة له من الرضاعة فلذلك كانت تفلي رأسه وينام عندها وكذلك كان ينام عند أم سليم وتنال منه ما يجوز لذي المحرم أن يناله من محارمه، انتهى.
وهذا ليس ببعيد إعمالاً لجميع النصوص، ولكثرة وقوع مثل هذا مع هاتين المرأتين رضي الله عنهما، والله أعلم.
الوجه الثاني: أن هذا محمول على قبل نزول الحجاب، كما قاله ابن بطال والدمياطي وغيرهما، نقل هذا كله الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (11/78-79).
الوجه الثالث: انتصر له الدمياطي فيما ذكره عنه الحافظ ابن حجر، أن هذا كان بغير خلوة، لاحتمال وجود خادم أو ابن ونحوه، وهذا غير متيقن، إضافة إلى إنه عند الخصم لم يرفع كلّ الإشكال، وإنما حقق نفي الخلوة، ولم يحقق نفي الاختلاط مع غير المحارم، إضافة إلى إشكال فلي الرأس، وحتمية مس أحدهما للآخر، فكلّ هذا يقوي ما تقدم من حمل الخبر إما على الخصوصية أو على المحرمية أو على ما قبل نزول الحجاب، والله أعلم.
الدليل السابع عشر:
قال الغامدي:
(
وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بالبطحاء، فقال: (أحججت)؟ قلت: نعم، قال: (بما أهللت)؟ قلت: لبيك بإهلال كإهلال النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (أحسنت، انطلق، فطف بالبيت وبالصفا والمروة). ثم أتيت امرأة من نساء بني قيس، ففلت رأسي، ثم أهللت بالحج... الحديث».
قلت: أخرجه البخاري ومسلم، وهذا الفعل من أبي موسى يشعر بأن ذلك أمر لم يكن يستخفى به، بل حدث به دون نكير وفعل أبي موسى رضي الله عنه وفهمه يعضد ما تقدم من الرد على من زعم خصوصية النبي صلى الله عليه وسلم بذلك
.
)
قلت: وهذا استدلال فاسد بدلالة أن المرأة من محارمه لقوله: من بني قيس، فكأنها من عماته، أو من بنات إخوانه، ولهذا قال الحافظ النووي في "شرح مسلم"(8/199): هذا محمول على أن هذه المرأة كانت محرماً له.
ومثل ذلك قاله الكرماني وغيره.
الدليل الثامن عشر:
قال الغامدي: (
وعن أم عطية رضي الله عنها قالت: بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ علينا: (أن لا يشركن بالله شيئا) ونهانا عن النياحة، فقبضت امرأة يدها فقالت: أسعدتني فلانة، أريد أن أجزيها، فما قال لها النبي صلى الله عليه وسلم شيئا، فانطلقت ورجعت، فبايعها.
قلت: أخرجه البخاري، وفيه ما يشير لمشروعية مصافحة النساء من قولها «فقبضت امرأة يدها» ولا صارف يصرف النص عن ظاهره فضلا عما يشهد له من النصوص الأخرى، فحديث أم عطية رضي الله عنها يفيد جواز ما هو أكثر من الاختلاط وهي المصافحة.
وهذا لا يعارضه ما روته عائشة رضي الله عنها بقولها «ما مست يد رسول الله صلى الله عليه وسلم يد امرأة إلا امرأة يملكها»؛ فإن ذلك لا يؤخذ منه تحريم المصافحة؛ لأنه ليس فيه إلا إخبار عائشة رضي الله عنها عما رأته وليس فيه نهي ولا نفي لما لم تره، وقد روى ما يدل على مشروعية مصافحة المرأة غير عائشة رضي الله عنها، ويشهد لصحة معناه أحاديث أخرى.
وروي بنحوه عن فاطمة بنت عتبة رضي الله عنها ولفظه (فكف النبي صلى الله عليه وسلم يده وكفت يدها).
أخرجه الحاكم وصححه الذهبي وحسن إسناده الألباني. وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كانت الأمة من إماء المدينة لتأخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنطلق به حيث شاءت.
قلت: أخرجه البخاري تعليقا وإسناده صحيح وليس بين الأمة والحرة فرق في ذلك ففيه جواز ما هو أكثر من الاختلاط كالمصافحة ونحوها.
)
قلت: هذا كلام لم اتبع هواه وأضله الله على علم، وهو فاسد من وجوه:
الوجه الأول: أخذ الغامدي من قولها في الحديث: (
فقبضت امرأة يدها
) أي كفت يدها عن المبايعة حتى يتحقق شرطها، فدل على أن الأخريات بايعن بالمصافحة! وليس هذا في الحديث لا بصريح العبارة ولا بمدلول الإشارة، وغاية ما فيه (مدّ اليد) تمييزاً للمعاهدة، وشعاراً لثبوتها، وقد كان النساء داخل البيت والنبي صلى الله عليه وسلم خارجه، وجاء أن البيعة بينهم وبين الرسول صلى الله عليه وسلم بدون واسطة، وجاء بواسطة عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
الوجه الثاني: أن عائشة رضي الله عنها أخبرت عن شأن رسول الله خلال البيعة، وأنه بايع يدون مصافحة، كما روى البخاري ومسلم عنها رضي الله عنها أنه قالت: (
والله ما مست يده يد امرأة قط في المبايعة وما بايعهن إلا بقوله
). وقولها يؤخذ على إطلاقه ما لم يرد الدليل المثبت لخلافه، فيقال بعد ذلك إنما حكت ما رأت.
بل أين الغامدي عن صاحب الشأن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وهو يخبر عن نفسه فيقول: (
إني لا أصافح النساء إنما قولي لمائة امرأة كقولي لامرأة واحدة
) ؟ وقد رواه الإمام مالك في الموطأ والإمام أحمد والترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
قال ابن عبدالبر في "التمهيد" (12/243) : في قوله: (
إني لا أصافح النساء
) دليل على أنه لا يجوز لرجل أن يباشر امرأة لا تحل له، ولا يمسها بيده، ولا يصافحها، انتهى.
كيف والأدلة الشرعية تنصر المنع من المصافحة؟ فقد روى الطبراني وغيره بإسناد جيد من حديث معقل بن يسار رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: (
لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له
).
وقد أمر الله تعالى بغض النظر، فقال:
(
قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ
) (النور:30) ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: والملامسة أبلغ من النظر
(
8).
الوجه الثالث: استدلال الغامدي بحديث
أنس بن مالك رضي الله عنه عندما قال: (
كانت الأمة من إماء المدينة لتأخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنطلق به حيث شاءت
). فقال الغامدي في تهوره: (
وليس بين الأمة والحرة فرق في ذلك ففيه جواز ما هو أكثر من الاختلاط كالمصافحة ونحوها
) .
قلت: هذا باطل من جهتين:
الجهة الأولى: أن الحديث أصلاً في الجارية الصغيرة، كما جاء في لفظ عند الإمام أحمد: (
إن كانت الوليدة من ولائد أهل المدينة
) وهذا من أبلغ التواضع، ولو كانت امرأة كبيرة لم يكن فيه من التواضع شيء.
الجهة الثانية: أن ذكر الأمة إنما هو لعظم تواضعه صلى الله عليه وسلم، قال الحافظ ابن حجر في
"
فتح الباري
"
(10 / 490): وقد اشتمل على أنواع من المبالغة في التواضع لذكره المرأة دون الرجل والأمة دون الحرة وحيث عمم بلفظ الإماء أي أمة كانت وبقوله حيث شاءت أي من الأمكنة والتعبير بالأخذ باليد إشارة إلى غاية التصرف حتى لو كانت حاجتها خارج المدينة والتمست منه مساعدتها في تلك الحاجة لساعد على ذلك وهذا دال على مزيد تواضعه وبراءته من جميع أنواع الكبر صلى الله عليه و سلم، انتهى.
فقول الغامدي بأنه لا فرق بين الأمة والحرة! إن أراد الصغيرة في هذا المقام، فنعم؛ فكل ذلك من تواضع النبي صلى الله عليه وسلم، أما إن أراد في عموم أحكام الشرع، فهذا غيٌّ وضلال، حيث فرَّق الشارع بين حكم الحرة والمملوكة في كثيرٍ من أحكام الشرع سواء في دعائمه العظام أم في فروع المسائل الشرعية، وهذا أمر مشهور مقرر لا حاجة إلى سياق الإثبات عليه.
وليتأمل مبلغ خطأ الناتج المبني على خطأ الفهم كيف أباح للغامدي أن يبيح ما هو أخطر من مجرد الاختلاط، فأباح المصافحة و(نحوها) ولا يدرى ماذا يُدخل في نيته تحت هذا المنحى؟ غير أنه يُدرى أن الجهل إذا تلاقح مع الهوى ولدا العجائب ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
الدليل التاسع عشر والأخير:
قال الغامدي: (
وعن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها، قالت: تزوجني الزبير، وما له من الأرض من مال ولا مملوك... الحديث بطوله، وفيه، قالت: (لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى رأسي النوى، ومعه نفر من أصحابه، فأناخ لأركب معه).
قلت: أخرجه البخاري ومسلم.
وفي لفظ آخر (... فلقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه نفر من الأنصار فدعاني ثم قال «إخ إخ» ليحملني خلفه، فاستحييت أن أسير مع الرجال، وذكرت الزبير وغيرته وكان أغير الناس، فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم أني استحييت فمضى، فجئت الزبير فقلت لقيني النبي صلى الله عليه وسلم وعلى رأسي النوى، ومعه نفر من أصحابه فأناخ لأركب فاستحييت منه، وعرفت غيرتك. فقال: والله لحملك النوى كان أشد علي من ركوبك معه. قالت: حتى أرسل إلي أبو بكر بعد ذلك بخادم تكفيني سياسة الفرس فكأنما أعتقني).
قلت: أخرجه البخاري، وفيه جواز إرداف المرأة وهو يفيد جواز ما هو أكثر من الاختلاط كالإرداف والمصافحة ونحوها وهو على ملأ من الصحابة ولم يخصص نفسه عليه السلام بذلك.
).
قلت: وهذا فهم سقيم من وجوه:
الأول: أن هذا خارج عن محل النزاع كما تقدم إيراده مراراً، فهو وإن حصل من امرأة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهل عندك دليل على (إرداف مجموع) النساء مع غير محارمهن!
وهل يرضى الغيورون أن تركب زوجاتهم مع غيرهم، وهم يُركبون أزواج غيرهم معهم؟
هذا لا يقوله غيور بله مسلم عاقل تقي.
الوجه الثاني: أن الحديث فيه دليل على خصوصية النبي صلى الله عليه وسلم من قولها: (
فاستحييت أن أسير مع الرجال
) ولم تقل: (
مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
).
ولهذا قال الزبير: (
والله لحملك النوى كان أشد علي من ركوبك معه
) فعظّم حملها للنوى، وتميزها بشيء أمام الرجال وما فيه من توهم خسة النفس وقلة الغيرة، ولم يعظّم ركوبها مع النبي صلى الله عليه وسلم، فهذا يقوي حمله على الخصوصية.
الوجه الثالث: أن النبي صلى الله عليه وسلم أقرّ له فعلها، وحياءها من الرجال، فدل على أن هذا هو الأصل، وهو حياء النساء من مخالطة الرجال، وأن هذا هو المحمود الموافق للحياء الذي لا يأتي إلا بخير.
الوجه الرابع: أن قولها: (
فأناخ لأركب معه
) أو(
خلفه
) له محمل لا يلزم منه (الإرداف على الراحلة) قال الحافظ ابن حجر في
"
فتح الباري
"
(9 / 323): كأنها فهمت ذلك من قرينة الحال وإلا فيحتمل أن يكون صلى الله عليه و سلم أراد أن يركبها وما معها ويركب هو شيئا آخر غير ذلك، انتهى.
الوجه الخامس: أن خروج أسماء وتعرضها لمثل هذا الموقف كان للضرورة، قال الحافظ ابن حجر في
"
فتح الباري
"
(9 / 324): والذي يظهر أن هذه الواقعة وأمثالها كانت في حال ضرورة كما تقدم فلا يطرد الحكم في غيرها ممن لم يكن في مثل حالهم، انتهى.
فكيف يقاس على هذه القضية الفردية الضرورية خروج النساء إلى الحدائق والمنتزهات، والمدارس والجامعات مختلطات بالرجال؟
هذه أدلة الغامدي، وتبين أن جملة ما استدل به لا يدل على إباحة (الاختلاط) الممنوع عند العلماء، وأنه عمد إلى أدلة فردية في قضايا عينية فجعلها أصلاً عاماً كلياً يباح به فعل جموع الناس كفعل تلك المفردات!
كما تبين أنه ضرب بكلام أهل العلم عرض الحائط من المتقدمين والمتأخرين، ولم يأخذ من قولهم إلا (ما توهم) أنه يوافق قوله، وهذا من أقبح الهوى، وقلة الأمانة العلمية، والله المستعان.
يتبع . . .
بينات الاتصال لـ »
اخ مشارك
بينات الاتصال
لا توجد بينات للاتصال
اخر مواضيع »
اخ مشارك
المواضيع
لا توجد مواضيع
إحصائية مشاركات »
اخ مشارك
عدد المواضيـع :
عدد الـــــــردود :
المجمــــــــــوع :
17
اخ مشارك
مشاهدة ملفه الشخصي
البحث عن المشاركات التي كتبها اخ مشارك