فصل
في خاتمة مقال الغامدي
أعاد تقرير أصله الفاسد، وفهمه الخاطئ، وقرر جواز الاختلاط في الأسواق والمحال للبيع والشراء أو العمل والدراسة، والمساجد والمصليات، والطرقات، وغيرها من الأماكن.
وزعم أنه لا يوجد نص لمن قال بتحريم شيء من ذلك دون شيء في غير تهمة أو مزاحمة.
وكل هذا من التلفيق والتزوير، والقول على الله بغير علم، وليت شعري كيف يحمي الإنسان نفسه من أشد فتنة خافها علينا النبي صلى الله عليه وسلم وكلّ هذا يباح له؟
وما ضابط المزاحمة التي تعد شرطاً لمنع الاختلاط، وقد أباح الغامدي المصافحة (ونحوها!!)؟
وأي أصل مزعوم باطل يفتريه الغامدي، والأصل في نصوص الشرع التفريق بين الجنسين في مواطن عدة من أمور الدين، وهي مواطن العفة والتعبد، فكيف بأمور الدنيا التي يركز فيها الشيطان رايته؟
ولعل الناظر يلحظ في مقال الغامدي ليقف أمراً خطيراً لعله يوعظ به، وهو أن من دلائل زيغه إعراضه كلام العلماء من الصحابة والتابعين وأئمة الدين، ووكل الأمر إلى فهمه واستدلاله! وهذه آفة الآفات.
بل زاد على ذلك استهجان قول أهل العلم، والتعريض بهم، والتهكم بدينهم، فتراه يقول عن المخالفين له -ومنهم من مرّ ذكره في الكتاب-: أنهم جاءوا بالـ(مد سلبي على تراثنا الفقهي) وأنهم أهل (التناقض المذموم شرعاً) و(يتعقبون ويزايدون على الشرع ويزعمون بعد ذلك أنهم آمنوا بالله!!) و(لم يقتفوا هدي المجتمع النبوي!) ووصف منعهم من الاختلاط بـ(الضجيج!!) وأنه (ليس مع المانعين دليل إلا ضعيف الإسناد، أو صحيح دلالته عليهم لا لهم) فكأن كلّ أولئك الأئمة إنما تكلموا من فراغ! وأن منهم (المتحكم بغير برهان) و(المتهوك الضال!!) وأن المانعين (يزايدون على تقوى السلف!) وأنهم (لم يميزوا أو يريدون التلبيس!) وأنهم (عوام وأشباه العوام) وأنهم (يفتاتون على الشرع!! ويبتدعون في الدين!!) وغير ذلك من العبارات التي يطلقها على الأئمة أمثال ابن قدامة وابن عبدالبر والنووي وابن تيمية وابن القيم وابن حجر وابن باز وأمثالهم رحمهم الله، فهم فريق، والغامدي ومن جاء منافحاً عن فكرهم فريق (فَأَيُّ الفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (الأنعام:81) وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
كتبه
بدر بن علي بن طامي العتيبي
الأحد 26 ذو الحجة 1430هـ
(1) من كتابه "تلخيص الإبريز" ( صحيفة : 168 ) ، بواسطة " حجاب المسلمة " لمحمد فؤاد البرازي ( صحيفة : 427 ) ونقلت هذا كله في كتابي "الحرب الباردة على المرأة المسلمة".
(2) المرجع السابق : ( صحيفة : 430 ) .
(3) "اقتضاء الصراط المستقيم" (ص311).
(4) وقد نقله بعضهم: (المراء) بالراء من الجدل والممارة، والصواب أنه بالذال.
(5) ومثله قاله أبو عبيد القاسم بن سلام وغيره، وانظر "الفائق" (3/354) مادة: مذى.
(6) وفي الباب أخبار أخرى كالنهي عن دخول الحمام، والنهي عن اتباع الجنائز، ونهي من نهى عن اعتكاف النساء، وغير ذلك مما فيه التحرز من مخالطة الرجال.
(7) ولا يقال بأن هذا كان قبل نزول الحجاب، لأن أبا بكر لم يتزوج بأسماء بنت عميس إلا بعد موت جعفر بن أبي طالب رضي الله عنها، وجعفر استشهد في مؤتة سنة ثمان للهجرة، أي بعد فرضية الحجاب، فيُكتفى بما سبق، والله أعلم.
(8) "الإنصاف" (8/8).